... شفاعة

alrumi.com
By -
0




1

سيشفَعُ لي في غدٍ،

أنني اجْتَزْتُ كلَّ المخاوفِ ،

مصطفياً حيْرتي .

في غدٍ،

عندما أترنّحُ في مشيتي،

ويضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ ،

والشُرُفاتُ التي كنتُ أختصرُ الليلَ والسهلَ منها وفيها ،

وتأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ،

سيشفَعُ لي أنني اجْتَزْتُ كلَّ المخاوفِ ،

مصطفياً حيْرتي .


2
سيشفَعُ لي في غدٍ ،
أنني في مغامرة السعيِ نحو الينابيعِ ،
لم أجِدِ النبعَ ،
قُلْتُ : إذاً هو في خطوتي نحوَهُ .
هو في فكرتي ، في مغامرتي .
وسيشفَعُ لي في غدٍ ،
أنني حين خُضْتُ المتاهاتِ ،
كنتُ أجادلُ نفسي ،
وكانت تجادلُني ،
فغدَوْنا صديقيْنِ ،
نعرفُ كيف نُروّضُ غربتَنا في المتاهةِ ،
نعرفُ كيف نُحوّلُها شرفةً أو دليلاً .

3
سيشفَعُ لي في غدٍ ،
وأنا أترنّحُ في مشيتي ،
أنني لم أُماشِ الظلالَ التي راوغتْني ،
ولم أتجنّبْ صعيداً من الأرض زيّنَ لي رحلةً
في بروج السماءِ ،
وماشيْتُ ظلّي كثيراً ،
فصارت له ثقةٌ بي ، وصدّقْتُهُ .
صار يسبقُني ، كاشفاً سُبُلي .
وسيشفُعُ لي في غدٍ ،
إذْ يضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ ،
أني جعلتُ الليالي سهولاً .
لعلّي بهذا أدكُّ جبالَ الظلامِ ،
أُسوّي بها الأرضَ ،
ثم أرى شرفتي وهْي تعلو عليها ،
أرى ما وراءِ الظلامِ وما فوقَهُ ،
هكذا كنتُ أختصرُ الليلَ والسهلَ من شرفتي .

4 في غدٍ ، حين تأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ، وتجعلَني أتفككُ وهْماً فوهْماً ، وتجعلَ أفلاكَها تتدحرجُ نجْماً فنجْماً ، سيشفَعُ لي أنني كنتُ أمشي لكي تصبحَ الأرضُ أعلى ، لكي تتلهّفَ نحو العلاءِ ، لكي يتسنى لها أن تعانقَ في الجوّ أوهامَها . في غدٍ ، عندما أترنّحُ في مشيتي ، ويضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ والشُرُفاتُ ، وتأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ، سأشفَعُ للكائنات التي خاطبتْني ، وخاطبتُها ، وكذلك للكائنات التي لوّحتْ لي من وراءِ حجابٍ ، وللكائنات التي لم تلوّحْ ، ولم تتوسلْ إليَّ ، سأشفَعُ لليلِ والسهلٍ والشُرُفاتِ التي اتّسعتْ ثم ضاقتْ . سأشفَعُ للسُبُلِ المُغْرِياتِ التي أظلمَتْ . للسماءِ التي ابتعدتْ ، للسماءِ التي اقتربتْ . في غدٍ ، بل من الآنَ ، أشفَعُ للكائنات جميعاً . لعلّي بهذا سأنفعُها حين تبحثُ عنّي ، فلا يتراءى سوى شبَحي ، ناثراً قلَقَ الأرضِ ، أوهامَها ، في عَنانِ السماءْ .

(*) شاعر لبناني
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)