1
سيشفَعُ لي في غدٍ،
أنني اجْتَزْتُ كلَّ المخاوفِ ،
مصطفياً حيْرتي .
في غدٍ،
عندما أترنّحُ في مشيتي،
ويضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ ،
والشُرُفاتُ التي كنتُ أختصرُ الليلَ والسهلَ منها وفيها ،
وتأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ،
سيشفَعُ لي أنني اجْتَزْتُ كلَّ المخاوفِ ،
مصطفياً حيْرتي .
2
سيشفَعُ لي في غدٍ ،
أنني في مغامرة السعيِ نحو الينابيعِ ،
لم أجِدِ النبعَ ،
قُلْتُ : إذاً هو في خطوتي نحوَهُ .
هو في فكرتي ، في مغامرتي .
وسيشفَعُ لي في غدٍ ،
أنني حين خُضْتُ المتاهاتِ ،
كنتُ أجادلُ نفسي ،
وكانت تجادلُني ،
فغدَوْنا صديقيْنِ ،
نعرفُ كيف نُروّضُ غربتَنا في المتاهةِ ،
نعرفُ كيف نُحوّلُها شرفةً أو دليلاً .
3
سيشفَعُ لي في غدٍ ،
وأنا أترنّحُ في مشيتي ،
أنني لم أُماشِ الظلالَ التي راوغتْني ،
في بروج السماءِ ،
وماشيْتُ ظلّي كثيراً ،
فصارت له ثقةٌ بي ، وصدّقْتُهُ .
صار يسبقُني ، كاشفاً سُبُلي .
وسيشفُعُ لي في غدٍ ،
إذْ يضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ ،
أني جعلتُ الليالي سهولاً .
لعلّي بهذا أدكُّ جبالَ الظلامِ ،
أُسوّي بها الأرضَ ،
ثم أرى شرفتي وهْي تعلو عليها ،
أرى ما وراءِ الظلامِ وما فوقَهُ ،
هكذا كنتُ أختصرُ الليلَ والسهلَ من شرفتي .
4
في غدٍ ،
حين تأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ،
وتجعلَني أتفككُ وهْماً فوهْماً ،
وتجعلَ أفلاكَها تتدحرجُ نجْماً فنجْماً ،
سيشفَعُ لي أنني كنتُ أمشي
لكي تصبحَ الأرضُ أعلى ،
لكي تتلهّفَ نحو العلاءِ ،
لكي يتسنى لها أن تعانقَ في الجوّ أوهامَها .
في غدٍ ،
عندما أترنّحُ في مشيتي ،
ويضيقُ بيَ الليلُ والسهلُ والشُرُفاتُ ،
وتأتي السماءُ لتجلسَ قُربي ،
سأشفَعُ للكائنات التي خاطبتْني ، وخاطبتُها ،
وكذلك للكائنات التي لوّحتْ لي من وراءِ حجابٍ ،
وللكائنات التي لم تلوّحْ ، ولم تتوسلْ إليَّ ،
سأشفَعُ لليلِ والسهلٍ والشُرُفاتِ
التي اتّسعتْ ثم ضاقتْ .
سأشفَعُ للسُبُلِ المُغْرِياتِ التي أظلمَتْ .
للسماءِ التي ابتعدتْ ، للسماءِ التي اقتربتْ .
في غدٍ ،
بل من الآنَ ،
أشفَعُ للكائنات جميعاً .
لعلّي بهذا سأنفعُها حين تبحثُ عنّي ،
فلا يتراءى سوى شبَحي ،
ناثراً قلَقَ الأرضِ ، أوهامَها ،
في عَنانِ السماءْ .
(*) شاعر لبناني