ســيـــرة لا تــنــتــهـــي... بــيـــن الـــشــيـــطــان والــمــلاك!

alrumi.com
By -
0





كثيرة هي الحكايات التي تدور حول المطربة السورية المصرية أسمهان الأطرش، وهذه الحكايات تقع "بين الشيطان والملاك" في تعبير أحد الشعراء، إذ يذهب القوم (قومها) الى إضفاء القدسية على شخصيتها وتحويلها بطلة قومية، والبطل في المعنى الاجتماعي كناية عن الأمة، في حين يذهب الناس في المقلب الآخر الى تصنيفها في خانة "الاميرة البوهيمية"، حيث نراها بين الوهم والواقع. الوهم ترسمه الجماعة في حكاياتها عن المطربة الراحلة، والواقع عاشته المطربة لأنها كانت إنسانة قبل كل شيء. ظلت اسمهان في حياتها وبعد موتها الغامض، امرأة فاتنة ومثيرة، بصوتها وصورتها وحكايتها. ثلاثة أمور، هي ما يجعلنا نعود الى الحديث عنها راهنا: ترجمة كتاب "أسرار أسمهان: المرأة، الحرب، الغناء" لشريفة زهور الذي عرّبه عارف حديفة وصدر لدى "دار المدى"، وتصوير مسلسل أسمهان في سوريا، وتقديم حفلة للمغربية كريمة الصقلي في مهرجانات بيت الدين والتي لقِّبت بـ"اسمهان المغرب".


هذه النقاط تفتح المناقشة حول شخصية اسمهان بشكل خاص، وعلى الثقافة الفنية على نحو عام. فقد اهتم الجمهور والنقاد بسيرة اسمهان وموتها اكثر من أغانيها، فهي نموذج للحب الملتبس والسياسة الملتبسة والموت الملتبس. إنها الالتباس في الالتباس، والتباسها ركن من أركان أسطورتها ووجودها في ذاكرتنا. فإن قلنا الكتب التي صدرت عنها فهي تحمل الكثير من التأويلات والتخمينات، من كتاب "أسمهان تروي قصتها" للصحافي محمد التابعي الذي قيل انه يتضمن الكثير من الأضاليل، الى كتاب "أسمهان ضحية الاستخبارات" لسعيد الجزائري الذي لم يضف جديداًً. تلفت الباحثة شريفة زهور الى ان أسلوب كتابة الصحافيين الذين "غطّوا" اخبار اسمهان يتصف بالرومنطيقية والعادية والاستسهال، وثمة كتابات مصرية قائمة على "التفضيح" والحديث عن جسدها بأسلوب ساخن، وهم من خلال ذلك يسعون الى "حرق" حضورها في النسيج العام، او يحاولون الاثارة لجذب القراء.

شريفة زهور التي اكتشفت بالمصادفة أُسطوانة لأسمهان في حانوت للموسيقى العربية في أحد شوارع كاليفورنيا (1975)، شغفت بالمغنية المجهولة منذ اللحظة التي استمعت فيها إلى أغنية "يا حبيبي تعالَ الحقني". فكرت في أنها ذات يوم ربّما، ستكتب قصّة حياتها، بهدف معلن هو "إعادة اكتشاف أسمهان". إلا أن منهجها في الكتاب يعرض أطر البحث الإثنوغرافية والتأريخية وينقدها عرضا ونقدا انعكاسيين. فهي عادت في كتابها الى سير ذاتية لنساء عملن في الفن. ونظرت ايضا الى سير اكاديمية لشخصيات في الشرق الاوسط لتعرف كيف عرضت هذه الشخصيات التاريخية، في مقابل المواد الصحافية الشعبية المتيسرة بالعربية والمكتوبة من أواخر الاربعينات عن اسمهان. إن لم تقدم شريفة زهور جديداً عن حياة أسمهان فقد كتبت عنها بأسلوب مختلف. لاحظت ان الباحثين يتناولون القرابة والنسب، والوضع الاجتماعي، ليصفوا البيئة الاجتماعية للشخصية التاريخية، ويستخدمونها كوسيلة مفتاحية لتأكيد وزن الأواصر العائلية. هذه البؤرة المفتاحية في مواد السر العربية تخلو على الدوام من التفاعلات النفسية للعائلة، كما هو الأمر في اكثر الاحوال في المواد الغربية. على ان أفراد عائلة اسمهان، هيمنوا على حياتها وذاكرتها هيمنة محكمة اكثر مما يمكن ان يفترضه احد. لقد تدخلوا في حياتها مالياً، وسياسياً، وفنياً، وعاطفياً. لكنهم احبوها، واعتقدوا ان تدخلهم، وادانتهم التالية لنمط حياتها، قد املتها الضرورة والتفكير السليم. الأساطير العامة عن النساء "السيئات" والعازفات في المجتمع العربي الاسلامي، قد أفضت الى صورة أسمهان الشائعة بين الناس. على ان الذين رووا قصة حياتها هم في الواقع رجال، وتفسيراتهم لأعمالها رشحت من خلال تحيزاتهم الاجتماعية، وتصوراتهم عن اسمهان مطربة، او شقيقة، او "جاسوسة". تتضح هذه التحيزات اكثر ما تتضح في المادة المكتوبة، على انها تظهر ايضا في المناقشات الشفوية - الذكريات المعاد تشكليها- لاولئك الذين عرفوها معرفة جيدة أو قليلة.

تبين المؤلفة ان الذين كتبوا سيرة اسمهان من العرب اصروا على محو انجازها الأول من سردهم لحوادث حياتها، اي براعتها الصوتية، وانتاجها الغنائي. فحين كتب فوبيل لبيب روايته ورواية شقيقها فؤاد عن حياة أسمهان، أسقط كل تواريخ أغانيها وتسجيلاتها. فهي في كتابه "قصة اسمهان" لا تغنّي الا ثلاث مرات، الاولى عندما "اكتشفت" صوتها، والثانية عند ظهورها الاول على المسرح في دار الأوبرا، والثالثة في اثناء هربها على "طريق الموت" من الفرنسيين في سوريا. ربما افترض ان أغاني أسمهان كانت مألوفة عند القراء، بحيث كان تفسير الأغاني وتحليلها غير لازمين. اما عبقرية اسمهان الخاصة، وأسلوبها واداؤها، فإن التركيز عليها اقل. هذا السهو هو بحسب شريفة زهور جزء من مأزق المطربات والمؤديات في المجتمعات الأبوية. ان جمهور الغناء العام قد ساوى بين أسمهان و"المؤثرات الغربية"، واختلطت عنده حياتها، ومظهرها الحديث أحيانا، بإنتاجها الفني المذهل. الحقيقة أن اكثر أغانيها لم تخرج على التراث القديم، بل جعلتها تحرز منزلة رفيعة بتأديتها الواضحة المرهفة للمعاني اضافة الى طريقتها في الغناء. اللافت أنه لم يقيّض لأسمهان امرأة، قبل شريفة زهور، تسجل سيرة حياتها نموذجا للتحرر، باستثناء فاطمة المرنيسي التي خصصت فصلا كاملا من كتابها "أحلام النساء الحريم" عنوانه "أسمهان الأميرة المطربة". تستأنس شريفة زهور بكتابات فاطمة المرنيسي عن أسمهان وقدرتها على تجاوز حدود الجنوسة في مجتمع بطريركي. إذ إنها في نهاية المطاف، رمز حسي لا يقل تأثيراً عمّا أحدثته ماريلين مونرو في الذاكرة الأميركية، بل تتشابه حياتهما في محاولات الانتحار. ألم تحاول أسمهان الانتحار ثلاث مرات؟ ثمة رمزية في الكلام على أسمهان، ودور شخصيتها في التأثير على مناح عديدة في حياة النساء القريبات من المرنيسي في شبابها، فهي غزت قلوب الحريم على النقيض من أم كلثوم المتجهمة. تقدم المرنيسي الفوارق بين أم كلثوم ذات الصوت الذهبي القادمة من إحدى القرى المجهولة في مصر، التي حققت النجاح بفضل الانضباط والعمل الدؤوب، وبين أسمهان الأريستوقراطية التي لم تبذل جهداً لنيل الشهرة. أم كلثوم قوية وسمينة وترتدي دائماً فساتين طويلة، واسعة، تخفي صدرها الممتلئ. أسمهان عكسها تماماً، مخلوقة نحيفة ذات صدر نافر، متجذرة في الأحلام أكثر من ارتباطها بواقع يتجاهلها. كانت بالغة الأناقة في قمصانها الغربية المفتوحة عند الصدر، وتنانيرها الضيقة، تهمل الماضي وتنغمس في حاضر مليء بالرغبات. المفاضلة بين أم كلثوم وأسمهان تكشف أثر الدرس الثقافي في مجتمع الحريم، فالأولى تضع مسافة رمزية بينها وبين المستمعين حين تغنّي، لأنها تهدف إلى إيقاظ سباتهم، ولهذا ثمة تباعد بينها وأولئك المستمعين، أما أسمهان، فمع الحرص على الصورة الأريستوقراطية المترفعة التي رسمتها لنفسها، نجحت في دمج النساء في عالمها.



بين مطربتين


اسمهان كما يسميها كتاب شريفة زهور، شرق أوسطية بامتياز، سواء في صوتها الذي كان مرشحا بين أصوات النساء العربيات للغناء الاوبرالي، أو سيرتها التي حولتها من أميلي الاطرش الأميرة الدرزية المتحضرة إلى مطربة مصرية من طراز خاص. على عكس الشائع عن أم كلثوم، كانت أغاني اسمهان محاولة للخروج من مأزق الاغنية العربية المتداولة في الثلث الأول من القرن العشرين. فنوع الغناء الذي قدّمته أم كلثوم نجح في افشال تجربة سيد درويش في تحديث الأغنية العربية، وبقيت تجارب عبد الوهاب قاصرة عن تطويع الذائقة الكلاسيكية التي صاغتها ام كلثوم. سمّاها أحمد رامي "الفلاحة"، فكانت على توافق في السلوك والمظهر مع الايقاع الرتيب الذي تبنّته أو حاولت اعادة الروح اليه في أكثر اغانيها شهرة وخصوصاً الطويلة منها، وعلى الرغم من كل محاولاتها مع أغاني الطقاطيق التي اشتهرت آنذاك، غير انها بقيت متهمة بالمساهمة في اشاعة طرب الحشاشين في الاغنية العربية. في حين كانت اسمهان إنتاج التلاقح بين الشرق والغرب، بين الشام ومصر في مرحلة ازدهارها. النافل انه بقدر ما تعطي بعض الكتابات نصيباً تقدمياً لأسمهان فهي تبقي أم كلثوم في خانة الرجعي، فالباحثة فاطمة المرنيسي نسبت في كتابها "احلام النساء الحريم" لأم كلثوم صورة جادة وذات حس قومي أو ثوري ورسمت لأسمهان صورة امرأة متحررة ترتدي ملابس عصرية وتحلم بعاشق ترقص معه.

يتناول كتاب زهور حياة أسمهان وأصولها النخبوية وما أعقب ذلك من فقر، إضافة إلى السلوك العام الذى يفتقر إلى التواضع، والتعدد الثقافي (المتوسطي والفرنسي والدرزي والمصري)، والهجرات، والتجسس المزعوم، وعدم الاستقرار النفسي، والصراعات الاجتماعية والثقافية، والانقسامات، والتناقضات في العالم العربي في الفترة ذاتها. عاشت اسمهان حياة غرائبية، فهي في القاهرة مضت بين وهم الامارة ونزوعها نحو الافراط في الليالي الباذخة الى حين مقتلها في حادث انقلاب سيارة عام 1944، قيل انه مدبّر من إحدى المحطات الاستخباراتية التي تعاملت معها. فهي كانت على صلة مع البريطانيين والفرنسيين والألمان، الحلفاء والاعداء معاً، خلال أخطر المراحل في الحرب العالمية الثانية. الشائعات عن ارتباطها بالاستخبارات راجت في تلك الفترة، بعدما عرفت حتى ذلك الوقت انها فنانة. فصورة المرأة الجاسوسة تجد استهواء عاما، اضافة الى تأثيرها الخاص في المنطقة. لم يكن هناك عمل تجسسي يجب أن تقوم به. بل كان عليها ان تذهب الى القدس، ومنها الى سوريا لتبلغ وجهاء الدروز ان الحلفاء سائرون الى الشمال، وذلك بغية الحصول على وعد منهم بان لا يعوقوا الغزو. ربما من اجل المال كما يقول بعضهم، أو من أجل الدروز وجبلهم كما يقول أهلها. بهذا ختمت حياتها بآخر شائعة تناقلها الناس عنها. أسمهان التي عانت مشكلة الهوية كما تقول المؤلفة، لا تعرف الى من تنتمي، إلى سوريا وجبل الدروز أم إلى مصر حيث نشأت وترعرعت. تزوجت مرتين من اجل ان لا تطرد من مصر، فقد كانت بحسب الشائعات، منافسة الأميرة نازلي على قلب أحمد حسنين باشا رجل البلاط المتنفذ، فسعت الاخيرة إلى ابعادها. ثم حاولت العودة إلى أصولها بزواجها من ابن عمها الأمير حسن الاطرش فعادت معه إلى بلدها، ثم تركته إلى مصر التي لا تستطيع مفارقتها.

ترى شريفة زهور ان الربط بين سيرة اسمهان الشخصية المتغربنة ونوع اغانيها، قد أوقع العرب في خطأ التصور انها كانت تمثل الحداثة في الأغنية العربية. ترى ان أغانيها وخصوصاً تلك التي لحّنها محمد القصبجي ورياض السنباطي، محض أغان كلاسيكية، كما ان الكثير من كلماتها تتمسك باللغة التراثية التي لا يفهمها العامة، وتضرب مثلاً على ذلك أغنية "هل تيم البان". وفي مبحثها عن العلاقة بين القصيدة العربية والطرب، تتوصل إلى ان العرب لم يفصلوا الموسيقى عن الكلمات يوماً، كما الحال مع الكلاسيك الغربي، فطبيعة وزن القصيدة ونوع كلماتها يتقاربان مع لحنها، ومن النادر ان يسمع العرب موسيقى خالصة من دون كلمات. لذا تندرج تجربة اسمهان ضمن هذا السياق. ثم تمضي مبينة الخصائص الفنية لكل أغنية من أغاني اسمهان المهمة وعلاقتها مع كلماتها. فترى ان حداثة بعض أغاني اسمهان تتأتى من تمازج الموسيقى الشامية والمصرية، والتراث بالمعاصرة، والاستفادة من الفولكلور واغاني المواليد. وتُخضع لدراستها التطبيقية اغاني مثل "ليت للبراق عينا" و"رجعت لك" التي تقول عنها انها تتميز بدقة في التعبير، مع تفارق بين انخفاض وارتفاع في الصوت والايقاع. ويكمن سر جمال هذه الأغنية في التنوع أو التخالف بين مجموعة اشياء، منها صوت اسمهان وصوت الكورس الرجالي، فهي هنا مسيطرة، محلقة، دقيقة في ارتجالها كي تتوافق مع نغم الكمان والعود. تثير المؤلفة بعض الاسئلة حول نخبوية اغانيها أو جمهورها. وترى انها تقف في بعضها بين الجانبين، فهي سعت إلى الأغاني الشعبية، كما غنّت الأغنية الدينية مثل "عليك صلاة الله وسلامه"، وهي أغنية الحجيج التي استقت فيها الكثير من ايقاع أغاني المولد. معظم الأغاني التي تشير المؤلفة إلى حداثتها هي من تلحين شقيقها فريد الاطرش، وبينها "يلي هواك شاغل بالي" التي يخالط فيها الطرب القديم الرومنطيقية الحديثة، و"ليالي الانس في فيينا" التي حاول فيها اللحن مسايرة الرقص، فهي أغنية مرئية، كما تقول، تمتزج فيها العاطفة الشعرية مع الاشارة عبر الموسيقى إلى المكان والزمان الرومنطيقي البهيج، حيث ظهرت اسمهان وهي تؤديها على نحو احتفالي في فيلم "غرام وانتقام". غنّت أسمهان للكثير من الملحنين ولمع صوتها مع موسيقى القصبجي، الذي استطاع بذكائه ومعرفته، وضع هذه الفنانة في المكانة اللائقة بها. كان متفهما لإمكاناتها الصوتية، فلحّن لها ما تماشى مع لون صوتها. وفي لحن أغنية "الطيور" جعل القصبجي صوت المطربة يظهر من خلال العرض الصوتي في قسم الاهات الذي اختتم به الأغنية، بإمكانات لم تكن مألوفة في الغناء العربي من قبل.



"تابو" المسلسلات


منذ إطلاق فكرة إنتاج عمل تلفزيوني يتناول حياة أسمهان، بتنا أمام أخبار متضاربة، متقلبة، أشبه بسيرة اخرى في السيرة. مرة يقال إن النص أصبح جاهزاً، وإن الكاميرا ستدور قريباً، ومرة أخرى نسمع أن أسرة أسمهان اعترضت على إنجاز مسلسل عن حياتها، وأن القضاء سوف يقول كلمته، كي يبتّ نهائياً هذا الشأن. وقيل إن هناك ضياعا في اختيار الممثلة لدور النجمة، وإن المسلسل لن يتطرق إلى كل ما يسيء إلى صورة أسمهان، بمعنى انه سيتجاوز علاقاتها بالقضايا السياسية. تقاطعت في حياة أسمهان مصائر تاريخية لدول وشعوب، ومكّنتها ظروف حياتها من أن تساهم في لعبة الأمم، وكانت قريبة من مراكز صناعة القرار. اسرتها لا تقبل ان تكون صورتها الا بطلة قومية او وطنية، واذا كان الحديث في سياستها احدث مشكلة، فكيف اذا تطرق مخرج مسلسلها الى علاقتها الغرامية وزيجاتها! إنها حدود الدراما العربية، فمعالجة حكاية أسمهان تتطلب الدخول في مناطق وعرة وتابوهات، والتجارب السابقة في الدراما العربية في التعامل مع السيرة الذاتية لشخصيات تاريخية من أم كلثوم وسعاد حسني وعبد الحليم وعبد الناصر، تظهر ذلك الميل الى تلميع تلك الشخصيات وتحميلها فوق طاقتها في كثير من الأحيان. مسلسل نزار قباني شوّه نزار قباني، والامر نفسه في المسلسلات التاريخية والدينية، ربما لأن الرقابة تقتل كل شيء، فيهرب المنتجون من الرقابة السياسية الراهنة بحثاً عن أقنعة تاريخية لمسلسلاتهم فيصدمون برقابة أكثر تخلفاً وعدوانية. صوِّرَ مسلسل اسمهان وحظيت الممثلة سلاف فواخرجي بالبطولة وسيعرض في شهر رمضان المقبل. لكن لا نعرف التفاصيل التي سيقدمها لنا المخرج عن اسمهان، فهل نحضر حياة اسمهان ام انه يكون استيحاء من اسمها واستغلالا لشهرتها فحسب؟ الأيام تقول لنا معنى ان نضع "تابو" على تمثيل حياة شخصية على نحو ما هي. والأيام يجب ان تفتح المناقشة حول السير الشخصية للفنانين والفنانات ومحاولات اضفاء القداسة على كل شي فيها، والذي من شأنه أن يبقي كل شيء في دائرة المحظورات والممنوعات.



أسمهان المغرب


نقطة اخرى في حياة أسمهان هي محاولة بعض الفنانات "استنساخ" صوتها، ليس الاستنساخ بمعناه البيولوجي، بل الاستناد الى أغانيها الراسخة في الذاكرة للانطلاق في الغناء. فقد أتت الى بيروت الفنانة المغربية كريمة الصقلّي حاملة معها التراث الأسمهاني، فقد ارتبط اسمها باسم أسمهان، بعدما وقفت عام 1999 على مسرح دار الأوبرا المصرية في القاهرة، حيث أطربت المستمعين بأداء حديث لأغاني أسمهان. غنّت الصوفي والحديث والأوبرالي، بالعربية الفصحى وباللهجة البيضاء والمغربية. اما ما يجمعها باسمهان، التي كانت جواز سفرها الى قلوب الجمهور العربي، فهناك اشياء كثيرة. فهي وان كانت قد اتقنت اسلوبها في الغناء، الا انها ترفض تقليدها. فهذه المطربة التي لف الغموض حياتها، تعتبرها الصقلي "مدرسة فنية راسخة ومستقلة"، مكّنتها من اكتشاف ذاتها، وعلى الرغم من عشقها لها فهي لا تسعى الى تقليدها لأن لها صوتها المميز. تقول: "لي صوتي المتواضع، الذي أتمنى ان يصل الى القلوب العاشقة للكلمة الجميلة". واذا كانت كريمة الصقلّي تحيي اسمهان في ذاكرة الجمهور، فثمة الكثير من المغنّين يعتدون على اغاني اسلافهم، سواء المغنيات اللواتي يقلّدن دلع سعاد حسني او المغنّين الذين يقلّدون اصالة وديع الصافي.

اسمهان سيرة لا تنتهي.




راشيل عيد


Annahar 26-07-08

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)