أمراء وآغوات ومشايخ وبكوات في حزب يلغي الطبقات
لنبدأ من النهاية اي بالنقاط الست.
حين انتمى الشيخ سعيد تقي الدين الى حزب سعاده الذي ينص أحد مبادئه الإصلاحية الخمسة على إلغاء الإقطاع ، تمكن من القفز فوق لقب (شيخ) رغم تخطيه الحد الاقصى لسني الانتماء (40 سنة) بسبع سنين ، إضافة الى ضخامة شهرته .
وباعتبار ان بعقلين تعج بالمشايخ_المقصود اللقب الطبقي لا الديني_ ، فقد كان الرفيق عباس إبراهيم يبشره حين يلتقيه باستعداد أحد المشايخ للإنتماء الحزبي.فيبادره أبو ديانا بالسؤال التالي: وهل نجح صاحبنا بقفزة الست نقاقيط التي تحيط بمشيخته بحيث تتصدر ثلاثة منها حرف ال(ش)وواحدة حرف ال(خ)وتذيل نقطتان حرف ال(ي)؟
*
لم يكن سعيد تقي الدين آخر المشايخ والأمراء والبكوات والأغوات الذين انتموا الى الحزب القومي. ولا هو اول المنتمين.
عند انكشاف سرية الحزب في 16 تشرين الثاني 1935، كان بين المسؤولين المركزيين الذين اعتقلوا الأمير أسعد الأيوبي.وما زاد في طينته بلة، انه كان مسؤولا كبيرا في شرطة بيروت.
وبعيد الإنكشاف،انتمى شيخان من عائلة الجميل : النائب والوزير السابق موريس الجميل ، والصحافي ورجل الأعمال عبدالله الجميل .
وفي اواسط أربعينات القرن الماضي، انتمى إنعام توفيق بك رعد ،وكان أحد الأعضاء الشباب الذين قربهم سعاده منه ودربهم فكريا وحزبيا ومنهم هشام شرابي ولبيب زويا وكامل المقدم وجورج عطية ،ليحلوا مكان الذين انحرفوا عقديا وفلسفيا أمثال فايز صايغ ويوسف الخال وغسان تويني.
وانتمى قبيل او بعيد سعاده في صيف 1949 جميل العريان نسيب النائب الراحل شبلي آغا العريان.وخلال إحدى زياراتي للنائب شبلي، أكد لي ان جميل ،طبقيا ،أعلى منه،لأنه بيك لا أغا.
وربما انتمى ،في تلك الفترة الأمير المن أصل جزائري مأمون الجزائرلي ، وهو نسيب الأمير الشهير عبد القادر الجزائرلي .
ومن الذين انتموا في أوائل ستينات القرن الماضي ، الكسرواني عباس الشدياق. وكنت أحسب ان رفيقي وصديقي فلاح من عشقوت كما انا فلاح من انطلياس. ولكن،خلال إحدى زياراتي له في عشقوت ، سألته عن سر بعد المنزل القرميدي التراثي الجميل عن سائر المنازل ،كما هو حال منازل الإقطاعيين، فتوجه حالا الى غرفة نومه ثم عاد وبيده وثيقة رسمية تثبت بكويته ، واستحلفني ان لا اخبر احدا عن ذلك.
كذلك انتمى في أوائل خمسينات القرن الماضي، المثقف والكاتب الحموي باسل البرازي إبن أعرق العائلات الإقطاعية سياسيا وعقاريا.
ولو كانت كل الألقاب الطبقية وراثية كما هو حال مشيخة آل الخازن ،لكان سعاده نفسه بيكا بالوراثة ،لأن والده الدكتور خليل سعاده منح لقب البكوية من الخديوي المصري،خلال هجرته الى القاهرة.
*
والسؤالان الآن : ما هو سر إقبال عشرات الأمراء والمشايخ والبكوات الى حزب يدعو الى إلغاء الإقطاع؟
وهل أثبت هؤلاء مصداقيتهم في قفزهم فوق الست نقاقيط، أم اخذوا خلال قفزهم منشطات ،حتى إذا أصبحوا أعضاء ومسؤولين داخل الحزب، عادوا بكوات وأمراء ومشايخ وأغوات ؟
الجواب غدا مساء ،فلا تناموا باكرا.
الصور : عبد الله الجميل . خليل سعاده . أسعد الأيوبي . سعيد تقي الدين . إنعام رعد(شابك الكفين) . مأمون الجزائرلي مع إبنته وزوجته .