(إلى أحمد بيضون)
ينتظرونني
ليس واضحاً على أي رصيف
ما داموا حملوه من هناك
ربّما من خوف لا يزال طفلا
ربّما من ملعب للدمى
التي لا تزال تتقاذف الفيروسات
عابرٌ تحت النافذة
انه هنا من عشر دقائق
هي الباقية من حياتي
لا بدّ أنّهم يُتممون له فمه وعينيه
حيث يفترض أن تمرّ الرصاصة
حيث يمكن أن يعيدها الزجاج إلى حيث انطلقتْ
مع قلب صغير
لم ينتظر كثيراً أن يتحوّل إلى طلقة
لا نعرف إذا كانت الأفكار خلف الزجاج
قادرة على أن تتركب ثانية
في رأس
أم إنها مجرد كمامات
ركبتْ وجوها
أنصاف مدى وربّما انصاف خلائق
تجول في مأدبة للإنصاف
حيث يمكن لسقط أن يودّع
وربما أن يغني
من قبل أن يخرج كاملاً
من تحت العجلات
من قبل أن يتحول إلى خدعة تامّة
وإلى ناقص رجل
يرتمي قطعة واحدة
لقد خرج من كلمة (الإغتيال)
ولمْ يكنْ لديه دم كافٍ
ليخرجها من رأسه
لم تكن تحتاج إلى أكثر من رصيف
لترتمي بثقوب قانية
لم تكن قادرة على أن تصيرَ فماً
ولا أنْ تصرخَ وتختنقَ
لم تكنْ قادرةً على أن توجدَ شارعاً
وكفاً من دمٍ
لنهايتها
لقد حدث القتل هناك
وسط الجمل التي تضرجتْ
تحت الريح الواقفة بلا حراك
كساعة للخلود
كمقتلة لا تزال في السر
كنذير لم يحمل بعد سيفاً
حدث القتل هناك
كان دويه أكبر
لكن اسماله توزعتْ في الشارع
تلك الصرخة
لم تتركْ حفرة مكانها
لقد رعدتْ في السماء
بينما تقطعتْ في الوقت
الريح حملتها دقائق وثواني
نشزت فوق التراب
من أين جاؤوا
كانوا فقط أصداء في داخلي
وانا سلّحتهم
وسلمتهم الكلمات التي تقتل
انتظرت ان يكمنوا لي في الشارع
لكنهم جاؤوا كأمثال
ورموا حكمتهم الناقصة عليّ
لا بدّ أنّ الخوف يحتاجُ إلى قصة
وإلى شارع
لا بد أن اللطخة نفسها تحتاج إلى اسم
القتل يتيم ووحيد ولا يجد من يصادقه
لا يجد إلا بالكاد من يمنح نهاية طيبه
لعجوز يتسوّل تاريخاً
مع ذلك فإن اللغة ذاتها
لا تزال في خدمته
ووحده من يمنح رأسا للأساطير
وقبعة للملاهي
لقد فنيتُ أعماراً كاملة
والحجر المختفي في المدفن
لن يكون، بأقل من ذلك، تحفةً
إذ يمكن لبائع الألعاب
ان يصنع زمناً
للقرصان والضحية
للأشياء أن تكون تحت سيطرة
ذلك اللغز الكبير
إذ أمكن أن يكون هناك شعر واف للخواتيم
اذ ورثنا ذلك ونحن نربي غلطة
كما لو كانتْ جروا
الجريمة قد تكون زراعة سر
او ابتسامة
قد تكون وداعاً
او صيفا آخر
مع ذلك ينتظرونني
وليس واضحاً على أي رصيف
(*) قصيدة نشرها الشاعر والروائي عباس بيضون في صفحته الفايسبوكية.