محمود الحجيري
منذ تأسيس دولة لبنان الكبير ومن ثم الجمهورية اللبنانية، وضيعتنا عرسال في دائرة التهميش والنسيان، وبعد مخاض عسير لولادة المدرسة في هذه الضيعة القابعة على الحدود السورية، بدا في اواخر القرن التاسع عشر مع كتاب أتوا من القلمون السوري، والبعض منهم من ابناء الضيعة، تعلموا في القلمون أو في القرى المجاورة، وبعد عدة محاولات متواضعة بمبادرة وجهود اهالي لإيجاد مدرسة يعلمون ابنائهم فيها، وقد استمرت هذه المحاولات عشرات السنوات حتى بدايات الستينيات من القرن الماضي، ومع بداية عهد الجنرال فؤاد شهاب "الغير قوي"، شيّدت أول مدرسة رسمية في عرسال، ولم تتضمن في البداية إلا المرحلة الابتدائية، ومن كان يريد ان يكمل مراحل تعليمه من ابناء عرسال عليه الانتقال الى مدينة بعلبك، ليلتحق بالمرحلة المتوسطة. كان هذا بمثابة عائق كبير امام العدد الاكبر من تلاميذ هذه البلدة في متابعة تحصيلهم التعليمي، لعدم توفر الامكانيات المادية وكان عدد قليل منهم تساعدهم الظروف، والامكانيات المادية المتواضعة. وكان الطلاب يتشاركون مجموعات في استئجار منزل، ويتقاسمون تكاليف الحياة والزاد المرسل من امهاتهم بواسطة بوسطة الضيعة ويرسمون الاحلام المشتركة من واقعهم الصعب، وفي احد الايام دُعي درباس الى حفلة تخص زميلا له من بعلبك، وعندما حان وقت الحفلة، نظر الى هندامه فازدرى الأسمال التي يرتديها غير الملائمة للحفلة، فطلب من صديقه مسعود ان يعيره بنطاله الجديد، ليكون شكله لائق في الحفلة... لم يمانع الاخير وقدم لصديقه ما طلبه فلبس درباس بنطالاً جديداً، وذهب الى الحفلة مختالا انيقا ومسرورا، وفي صباح اليوم التالي لبس درباس بنطال صديقه وذهب الى المدرسة، وعاد الى البيت تناول الطعام، وبدا يذاكر دروسه ببنطاله المستعار، فسأله صديقه مسعود امام اصدقائهما: يا درباس أنت استعرت البنطال من اجل حضور الحفلة، وحتى الان لم ترجعه وحتى لم تخلعه!
فضحك درباس وقال: والله يا صديقي ما عندي غيره ...
نبش هذه الحكاية التاريخية من مدافن الذاكرة دولة الرئيس حسان دياب حين حمل متاعه وهجر شقته في تلة الخياط مع اسرته، متجها الى السرايا الحكومي، قبل ان ينال ثقة مجلس النواب ويتوج رئيس حكومة، وكان الهدف السكن أولا والهروب من الشقة الى بيت ارحب واوسع، وبعد حوالي الشهرين من الاقامة في السرايا، زادت الازمة تعقيدا وزاد الافلاس واستكمل الانهيار طريقه واصبح شبح الجوع يؤرق اكثرية الشعب اللبناني، وما زال دولة حسان دياب يستمتع برفاهية الاقامة في السرايا وكادت المهلة الزمنية التي منحها لنفسه وحكومته ان لحل الازمة ان تنتهي دون اية اشارة ايجابية، مع اصراره انه يحمل العصا السحرية للحل لكن الحصان الابيض شارد في البراري، وخلال هذه الفترة اتحفنا بخطابين انشائيين موصوفين شخص بهما اجزاء من الأزمة المسموح الكلام عنه لكن الحل بعيد المنال .
وبعد ان ترك الشقة وسكن في السرايا اصبح الخوف من التمسك بالموقع من باب انه لا بيت لديه غير السرايا ..
ايه يمكن يكون ما عنده غيره...
منذ تأسيس دولة لبنان الكبير ومن ثم الجمهورية اللبنانية، وضيعتنا عرسال في دائرة التهميش والنسيان، وبعد مخاض عسير لولادة المدرسة في هذه الضيعة القابعة على الحدود السورية، بدا في اواخر القرن التاسع عشر مع كتاب أتوا من القلمون السوري، والبعض منهم من ابناء الضيعة، تعلموا في القلمون أو في القرى المجاورة، وبعد عدة محاولات متواضعة بمبادرة وجهود اهالي لإيجاد مدرسة يعلمون ابنائهم فيها، وقد استمرت هذه المحاولات عشرات السنوات حتى بدايات الستينيات من القرن الماضي، ومع بداية عهد الجنرال فؤاد شهاب "الغير قوي"، شيّدت أول مدرسة رسمية في عرسال، ولم تتضمن في البداية إلا المرحلة الابتدائية، ومن كان يريد ان يكمل مراحل تعليمه من ابناء عرسال عليه الانتقال الى مدينة بعلبك، ليلتحق بالمرحلة المتوسطة. كان هذا بمثابة عائق كبير امام العدد الاكبر من تلاميذ هذه البلدة في متابعة تحصيلهم التعليمي، لعدم توفر الامكانيات المادية وكان عدد قليل منهم تساعدهم الظروف، والامكانيات المادية المتواضعة. وكان الطلاب يتشاركون مجموعات في استئجار منزل، ويتقاسمون تكاليف الحياة والزاد المرسل من امهاتهم بواسطة بوسطة الضيعة ويرسمون الاحلام المشتركة من واقعهم الصعب، وفي احد الايام دُعي درباس الى حفلة تخص زميلا له من بعلبك، وعندما حان وقت الحفلة، نظر الى هندامه فازدرى الأسمال التي يرتديها غير الملائمة للحفلة، فطلب من صديقه مسعود ان يعيره بنطاله الجديد، ليكون شكله لائق في الحفلة... لم يمانع الاخير وقدم لصديقه ما طلبه فلبس درباس بنطالاً جديداً، وذهب الى الحفلة مختالا انيقا ومسرورا، وفي صباح اليوم التالي لبس درباس بنطال صديقه وذهب الى المدرسة، وعاد الى البيت تناول الطعام، وبدا يذاكر دروسه ببنطاله المستعار، فسأله صديقه مسعود امام اصدقائهما: يا درباس أنت استعرت البنطال من اجل حضور الحفلة، وحتى الان لم ترجعه وحتى لم تخلعه!
فضحك درباس وقال: والله يا صديقي ما عندي غيره ...
نبش هذه الحكاية التاريخية من مدافن الذاكرة دولة الرئيس حسان دياب حين حمل متاعه وهجر شقته في تلة الخياط مع اسرته، متجها الى السرايا الحكومي، قبل ان ينال ثقة مجلس النواب ويتوج رئيس حكومة، وكان الهدف السكن أولا والهروب من الشقة الى بيت ارحب واوسع، وبعد حوالي الشهرين من الاقامة في السرايا، زادت الازمة تعقيدا وزاد الافلاس واستكمل الانهيار طريقه واصبح شبح الجوع يؤرق اكثرية الشعب اللبناني، وما زال دولة حسان دياب يستمتع برفاهية الاقامة في السرايا وكادت المهلة الزمنية التي منحها لنفسه وحكومته ان لحل الازمة ان تنتهي دون اية اشارة ايجابية، مع اصراره انه يحمل العصا السحرية للحل لكن الحصان الابيض شارد في البراري، وخلال هذه الفترة اتحفنا بخطابين انشائيين موصوفين شخص بهما اجزاء من الأزمة المسموح الكلام عنه لكن الحل بعيد المنال .
وبعد ان ترك الشقة وسكن في السرايا اصبح الخوف من التمسك بالموقع من باب انه لا بيت لديه غير السرايا ..
ايه يمكن يكون ما عنده غيره...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق