لا ينطلق المثقفون العراقيون من أزمات او انتقالات وظيفية ليؤهلوا وجودَهم في وسط تاريخي كالوسط الثقافي المتقلب كريشة في هواء/ أهواء ...
لا ينطلق المثقفون العراقيون من أزمات او انتقالات وظيفية ليؤهلوا وجودَهم في وسط تاريخي كالوسط الثقافي المتقلب كريشة في هواء/ أهواء المراحل، وحساب التفاضل/ الفضول للكتل والجماعات المتفاضلة/ المتفاصلة. إنما هم/ المثقفون/ يتفاضلون/ يتفاصلون بزخم وجودٍ حقيقي انصهرت فيه اراداتُهم العميقة الجذور، مع نشوء الدولة ونخبها المناضلة في أحلك الظروف. وإزاء هذا الوجود الثقافي/ الأنطولوجي القلِق عاشت الأرحامُ الخصبة/ المنتجة لأطفال الأمل حالاتِ اجهاضٍ مستمر، لا يتحمل مسؤوليته سدنةُ الردهات الانعزالية/ المعزولة في مشفى "المراقبة والعقاب" السلطوي/ التقليدي، وحدهم؛ إنما مسؤوليته على عاتق المثقفين المملوكين لإرادة المشفى القيصري (نسبة الى قيصرية شارع المتنبي للكتب) وسواهم من متسلّليهم الى المكاتب المريحة في "قلعة" السَّراي الحكومي (أو سواها من القلاع الكافكوية المغلقة على هويتها الحجرية). وبسبب هذا الانغلاق/ التقاصر/ التفاضل الغامض، سيأتي مسّاح الأراضي الكافكوي ليطرح أسئلة الرواية التي تجدد حضورها مع أي عصر مكتبيّ يهدّد المثقفين بالمسخ والتصنّم في مدينة العصر الحجري الجديد.
ستمرّ ذكرى الشاعر/القتيل/ البريكان مع هبوب رياح شباط الجامحة، قَدَماً بقدم مع أقرب ذكرى ثقافية يتداولها المثقفون، مخبِّئين رؤوسَهم في رمال القلعة الخشخاشية/ التنويمية: تداول وزاريّ، معرض كتاب مؤجل، صحف غير مقروءة، مجلات تنتقل بعربات توكتوكية، دور متعهدي النشر، يوميات فيسبوكية متفاخرة/ بضاعة سوق الغرور الحديثة وأسمائها المتبدلة بسرعة موجز اخبار في شريط تلفازيّ باللون الأحمر. وليس من إشارة عاجلة في هذه التبدلات التنويمية (hypnotic) الى الذكرى الثقافية القرينة، التي ترود ذهني/ النائم حول صحراءالقلعة: توقُّف مجلة (بين نهرين) الحداثية.
أتمسّك بذكرى المجلة التي هتفَ بها "مسّاح" كافكا الجديد بوجه المكاتب القيصرية/ أمناء شبكة الإعلام/ المتبدلين على شريط نشرة أخبار القلعة. ما الخفايا الكامنة وراء احتجاب المجلة؟ مَن يمسك بطرف الشريط المتبدل كنوبة حُمّى فيروسية، سريعة العدوى؟
سؤال أوّلي يطرحه مسّاح القلعة، المترقب هبوبَ الرياح الوزارية الجديدة، تولول كلعنة موسمية "تمسح" قسمات الوجود الثقافي "المنوَّم" في شوارع الثقافة الغُبر. ثم يرفق تقريره بسؤال رديف: ما الذي حدث مع ذكرى اختفاء الناشر مازن لطيف؟
أي ذكرى لعينة تهتز كبندول قصيدة البريكان القلق: يميناً شمالاً.. شمالاً يميناً.. يميناً يميناً..شمالاً شمالاً شمالاً.. حتى نهاية الشريط العاجل في أخبار القيصرية العراقية!
السؤال التالي أصعب لفظاً وترجمة بكل اللغات الثقافية/ السياسية: أما حان ان تتبدل التسمياتُ الثقافية الكبرى للسهوب الثقافية المدغِلة بالجراد وأنواع الخشخاش المنوِّم؟
أما حان أن نطوي سجل "وزارة" الثقافة للأبد، ونفتح سجل "المجالس" المستقلة عن الصراع المؤقت بموسم هبوب الرياح الأيديولوجية؟
المثقفون ليسوا وزاريين. إنهم مجلسيون: لديهم دوماً ما يجادلون به المرايا الصامتة، المنصوبة على جدران الهيكل المتصدع!
يجادلون: بأن الجدال/ الاختلاف سمة العقل المفكر، والروح المنقّبة في الدهاليز المسدودة النهايات. يستيقظون والظهيرة تبلغ سمْتَها ووقتَها الموعود!
ثمة سؤال معلق في السمت العالي: إذا كانت لمراكز التنويم الكبرى هيمنتُها المزدوجة "الرقابية/ العقابية"؛ ولقلاع الرياح الموسمية محققوها وجلادوها وسحرتُها؛ وللمكاتب الحكومية رائحتُها الفاسدة؛ أما حان للأراضي الفسيحة حول القلعة ان تبتكر صحيفةَ أسئلتها، ومرافعتَها التفكيكية، أمام غموض القلعة المتماسك/ العتيق؟
مسّاح الثقافة يسأل من موقعه المتطرف، وليس ضرورياً أن يكون له اسم أكبر من الرمز الكافكوي (ك.) العابر للمواسم واللغات والأيديولوجيات.
ليست هناك تعليقات