برهان شاوي تقول لينور غوراليك عن نفسها: من الناحية التعليمية أنا مبرمجة كمبيوتر، لكني لم أعمل في هذا المجال طويلا، وإنما عملت مستشار...
برهان شاوي
تقول لينور غوراليك عن نفسها: من الناحية التعليمية أنا مبرمجة كمبيوتر، لكني لم أعمل في هذا المجال طويلا، وإنما عملت مستشارة ومسؤولة إدارية لسنوات، برغم ان كل هذه الأعمال لم تكن ممتعة. أترى هناك أعمال ممتعة؟ أنا أعيش وحيدة، لا أحب الطقس الرديء. أعيش في موسكو، وهذا ما يثير دهشتي وحيرتي، أسيطول بي الحال هكذا؟
علاقتي مع الناس طيبة، لكني لا استطيع الاستمتاع معهم. أكتب كثيرا، والقي بأكثر من 90 في المئة من كتاباتي في سلة القمامة، لأنها لا تعجبني. أحب أمي وأبي كثيرا، الى جانب ثلاثة أو أربعة أشخاص آخرين. أريد أن أقوم بتربية قطة، أو على الأكثر هرًّا. لدي آلام دائمة في مفصل اليد، وأعجب أحيانا كيف أني استطيع الكتابة، لكن بعض الأصدقاء يؤكدون لي بأنني سأتعود على هذا الألم. ربما!
- أنا لا اشعر بأنني أضحي بشيء. أشعر بأنني عصبية فقط. لا استطيع الكلام أو أي شيء من هذا القبيل الذي يتطلب تجسيد المعاناة في كلمات أو لوحة. هذا شيء معذب. أحيانا أفكر بصدق وجدية بأنني لو لم أصاب بعدوى الكتابة لكانت حياتي أهدا وأكثر بساطة. الكتابة عقّدت حياتي، لأن الكاتب يكون دائما تحت سطوة ظواهر أخرى.
- عن الموهبة وأسرارها لا أعرف شيئا. لكن ما أعرفه هي الأشياء التي أحب عملها، ولدي الكثير من الأشياء التي أحب إنجازها. وربما هي الدواء الذي أحتاجه، إلى جانب بعض الأشياء المجنونة التي ترقد في أعماقي، والتي يحرقني الفضول لانجازها. ما يثيرني حاليا هي الموضوعات الدينية التي دفعتني لكتابة عدد كبير من النصوص التي نشرت قسما منها، وهي نصوص مفتوحة على ضفاف الشعر والسرد، وكذلك أجدني منهمكة بالرسوم المتحركة، وكما ترون أن كل هذه الأشياء ليس لها علاقة بالموهبة!
-لا أود أن أسمي أحدا، لآن ذلك سيكون بلا ذوق ولا معنى. لكني أستطيع القول بأنني أريد أن اقرأ عن شخصيات حية. ففي الفترة الأخيرة صرت أميل لمعرفة الأشياء الصغيرة، اليومية، وطريقة تفكير الناس وأسلوب حديثهم، كيف يبتسمون، ويفكرون ويتألمون، وعن كل التفاصيل التي تجري في قطار مترو الأنفاق. واعتقد ان أفضل الكتابات في الفترة الأخيرة هي تلك التي تلتقط عالم المترو هذا.\
***
تنويعات
( 1 )
يدخل في الساعة الثامنة،
يصعد الى غرفة المدير..
يطرق الباب بقدمه..؛
يرفع نظارته، أقواس تتطاير شررا..
يدخل هائجا،
لقد تعب خلال السنوات العشر الأخيرة..
تعب من تدريس السخافات والهذيان..
يستلم راتبه ومستحقاته..؛
ويذهب..
يشتري لنفسه تلسكوبا..؛
يقضي وقته داخل العدسات..
يدرس مواقع النجوم..؛
لا يذهب الى البحر،
وإنما يغرق في الكتب..
ويضيع عقله في الورق!
ويصير أحب الرجال في الجحيم..
أكثر من كوريا وروسيا!
( 2 )
يولد ضعيفا. ويعد الرياضة شيئا سخيفا!
يذهب الى معهد الفيزياء..
ينهي الدكتوراه..
يتزوج..
يجمع الكتب الأدبية..؛
يعمل ليل نهار..؛
يحل الألغاز الصعبة..
يذهب كجندي في فرقة المشاة الى بلغراد..؛
في احتفالات النصر يستعرض مع الجنود..
لكنه يعرج..!
ورغم ذلك يغني ويتنفس براحة..
ذاع صيته بين الطلبة
كشخص غريب الأطوار..
كان يلقي محاضراته ببساطة وحماسة..؛
وكان يردد دائما :
( العاقل يعيش بصعوبة)
لكنه، بمرور السنين، صار يعرج أكثر..
وصار يغني لنفسه..!
يصحو يوم الأثنين في سكون
يفتح النافذة، مثل كتاب نادر..؛
تدهشه اللحظة الساحرة..
كل شيء هاديي في البيت..
كيف تنام الروح في هذه الزرقة الصافية..؟
كم هو رائع ان يعيش المرء في هذه الحياة..!
كم هناك من الأشياء الرائعة في كنه الغيب..!
البيت هادئ.. والأبناء قد كبروا.. ورحلوا..
وفي الدولاب ترقد أواني الخزف الصيني الفرفوري..
لكن ثمة حسرة كثيفة الشعر في الصدر..!
ليست هناك تعليقات