(تعريب عبد القادر الجنابي، وتقديمه)
------
في مطلع 1934، قرأ الشاعر الروسي الكبير أوسيب ماندلشتام - اللاعب الأساسي في تأسيس الحركة الشعرية الطليعية الروسية، ما بعد الرمزية، المعروفة باسم quot، أو الذُّرْوِية (من ذروة) - قصيدة تهكمية بستالين، أمام جمع من الأصدقاء. وفق زوجته، ناتاليا، في مذكراتها، ليست هناك مخطوطة على الإطلاق لهذه القصيدة، وإنما فقط تمَّ إلقاؤها. ويبدو أن البعض حفظها عن ظهر قلب، وعن هذا الطريق وصلت الى أسماع رجال الأمن السري، فاعتقلوا الشاعر يوم 13 ايار/مايو 1934، ثم اقتحموا بيته بحثاً عن المخطوطة، فلم يعثروا على شيء من هذا القبيل. حاول بعض الشعراء التدخل لدى ستالين للعفو عنه، ومن بين هؤلاء كان الروائي والشاعر الكبير، بوريس باسترناك، الذي حاول قدر الإمكان إقناع ستالين. وبالفعل، تم تخفيف العقوبة عليه من الإعدام الى النفي، فنفي الى إحدى مدن روسيا الأوروبية، وبقي هناك سنوات عديدة يعاني المرض والفقر والعزلة. وفي آب 1938، تم اعتقاله، مجدداً، وهذه المرة، تم إرساله الى معسكر اعتقال في سيبيريا، فاشتد عليه المرض، ومات في 27 كانون الاول/ ديسمبر، من العام 1938.
.........................
نعيشُ، صُمّاً، فلا نسمع ما تحت أقدامِنا
بل كلامُنا لا يُسمع، على بعد عشر خطوات
في حين جَبليُّ الكرملين يُذكَرْ
في أيّ حديثٍ، مهما ابتُسِرْ.
غليظةٌ كالديدان أصابعُه الزفِرة
ومن شفتيه تتساقط كلماتٌ فصيحَه
ثقيلةٌ كعيار الميزان
له شواربُ صُرصاريةٌ هزّاءه
وجزمةٌ طويلةُ الساق من جلدٍ لمّاع.
حواليه قادةٌ أعناقُهم أعناقُ الدجاج؛
أنصافُ رجالٍ يَلعبُ بهم ويُداهنُهم
فيصهلون، ويتأوّهون، ويموؤن
ولا يعربدُ أحدٌ سواه، قاذفاً بوجوههم أوامره
يفبرك مرسوماً إثر مرسوم
كنعالِ الخيل يرمي بها الرأسَ،
الأربةَ، الصدغَ، أو حاجبَ العين.
كلُّ إعدامٍ وليمةُ توتٍ أحمر
تملأ صدرَه بالانشراح والغرور
وصدرُ الجورجيِّ أوسعُ الصدور!