مدونة كتبها السينمائي نصري حجاج في صفحته الفايسبوكية محطات كثيرة مرّ بها عبد الباسط الساروت في سنوات الثورة والحرب. أنشد الأغاني الوطني...

محطات كثيرة مرّ بها عبد الباسط الساروت في سنوات الثورة والحرب. أنشد الأغاني الوطنية الثورية ببراءة جعلته لا ينتبه مثلاً إلى بعض أدبيات البعث في كلماتها (مثل التفاخر بالصعود إلى القمر في أغنية "جنة جنة"). استلهم من تراث جماهير نادي الكرامة لكرة القدم رديات وأهازيج تمايل عليها المتظاهرون كما كانوا يتمايلون على مدرجات ملعب الفريق الحمصي الذي حرس مرمى شبابه قبل الثورة. هكذا تحوّل الشاب الرومانسي إلى "أيقونة الثورة" و"بلبلها"...
حصار حمص القاسي وإخراج المقاتلين منها، وكان واحداً منهم، وتطورات الثورة التي تحولت إلى حرب أهلية طائفية، تركت أثراً كبيراً على شخصيته. في تلك الفترة شاهدنا مقاطع فيديو له يهاجم فيها "النصارى" والعلويين والشيعة و"الكفرة"، في مؤشر على تشربه ثقافة الإلغاء التي اشترك في تبنيها المتطرفون من الجهتين. في تلك المرحلة أيضاً، أعرب عن نيته مبايعة تنظيم داعش، وهو أمر تراجع عنه لاحقاً وقال إنه لم يكن يعرف وهو محاصر في حمص كثيراً عن انتهاكات هذا التنظيم (لم يكن صادقاً. له تسجيل بعد خروجه من حمص يتحدث فيه عن استهداف داعش لمَن يدخن سيجارة).
باختصار، الساروت هو شخصية إشكالية. هو رمز للثورة بسبب أغانيه وهو رمز للتحولات التي طرأت عليها وعلى مزاج المعارضين العام، إذا جاز التعبير.
ولكن من ميزاته أنه لم يكن مؤدلجاً وكان بسيطاً وحالماً. يقول في مقابلة في بداية ٢٠١٨: "كثيرون من المقاتلين لا يمتلكون هذا الوعي العالي وأنا منهم، تأخذنا العاطفة دائماً". هذه الجملة تدفع نحو الكثير من التسامح إزاء تبدلاته، بعكس الحال مع تبدلات شخصيات ادعت وتدعي وستظل تدعي أنها تمتلك "الوعي العالي" وتختلق أسساً نظرية لتحولاتها.
يمكن الاختلاف حول تقييم شخصية الساروت. أظن أنه نفسه اختلف حول نفسه. ولكن يبقى الأساس: كيف يمكن الاختلاف على الجملة التي غناها وقال فيها "كبار زغار بنعرف إنو يلّي بيقتل شعبو خاين"؟
ليست هناك تعليقات