أول مرّة قابلت فيها الشاعر أمجد ناصر كانت في تونس في منتصف التسعينيات، وقد اقترح عليّ الأمر حينها الشاعر غسان زقطان الذي كنت أزوره في م...
أول مرّة قابلت فيها الشاعر أمجد ناصر كانت في تونس في منتصف التسعينيات، وقد اقترح عليّ الأمر حينها الشاعر غسان زقطان الذي كنت أزوره في مكاتب الدائرة الثقافية لمنظمة التحرير في تونس العاصمة مع ثلة من الأدباء الفلسطينين هناك أمثال الراحل الشاعر أحمد دحبور والروائي يحيى يخلف والروائي رشاد أبو شاور والقاص طلال حماد، وقد أخبرني غسّان يومها أن أمجد قد جاء في زيارة أدبية إلى تونس قادما من لندن حيث يعمل في صحيفة القدس العربي، وكنت من قبل قد قرأت له بعض الدواوين وأعجبت جداً بأشعاره ومقالاته النثرية، المهم أنني ذهبت إلى فندق كارلتون في شارع الحبيب بورقيبة حيث يقيم وسألت موظف الاستقبال عنه وأعطيته اسمه " امجد ناصر".فتش الموظف طويلاً وأخبرني أنه لا يوجد لديهم من هو بهذا الاسم، المهم أن الرجل أخبرني بوجود نزيل أردني واحد أسمه يحيى النعيمي، ولم أكن حينها أعرف أنه صاحب الاسم نفسه، وتقابلنا حينها وشرح لي عن هذه المسألة وكيف أنه أراد أن يتنصل من وطأة القبيلة إضافة إلى أن عمله مع المقاومة الفلسطينية في لبنان يقتضي وجود اسم مستعار، وفي كل الأحوال أصبحنا أصدقاء، وفيما بعد راسلت القدس العربي في جانبها الثقافي من عمان لمدة عشر سنوات ما بين 1999 - 2009 وكانت تجربة مرهقة جسديا وماديا لكنها عميقة ثقافياً وتعلمت فيها الكثير منها ومن أمجد، وقد أنجزت أيضا فيلما وثائقيا عنه بعنوان " سندباد بري" ضمن سلسلة سيرة مبدع ما بين عامي 2002-2004 إضافة الى تعمق صداقتنا على المستوى الشخصي.
أمجد ناصر أو سميّي " يحيى " مريض حالياً وعرفت أنه في عمان هذه الأيام للعلاج بعد علاج مكثف من قبل في لندن، شافاه الله وعافاه، وآخر لقاء لنا كان في عمان قبل نحو سنة ونصف برفقة زوجته السيدة هند، وبعدها تواصلنا هاتفيا لكني لم استطع الوصول إليه في لندن، ربما آثر الصمت أو كانت منشغلا بنفسه ووضعه الخاص عن الآخرين.
أمجد البدوي المفرقي اللندني تجربة ثقافية وأدبية لا مثيل لها في الساحة الأردنية، وقد اختار من قبل النضال مع الثورة الفلسطينية في بيروت حتى ظنه الكثيرون فلسطينيا، وهذا خيار لم يتخل عنه أبدا رغم كل المغريات.
كم من الجيل الجديد في الأردن يعرفه، لا بل كم من أقسام الأدب الحديث في جامعاتنا من اشارت لطلبتها بدراسة إبداعاته، وكم من أقسام الإعلام من درس مقالاته وخبراته في الصحافة الثقافية؟
كل التمنيات من الشافي أن يعيده بقوة إلى الحياة وصخبها فهو ابنها البار الحار ولا يحتمل قلبه الرهيف غير ذلك.
ليست هناك تعليقات