ترجمة محمد رشو كان عليّ أن أفعل كلّ شيءٍ، كيلا أحتاج إلى أن أكون هكذا طويلةً. قال والدي أنه كانت هناك في السويد امرأةٌ طويلة كانت قد تر...
ترجمة محمد رشو
كان عليّ أن أفعل كلّ شيءٍ، كيلا أحتاج إلى أن أكون هكذا طويلةً. قال والدي أنه كانت هناك في السويد امرأةٌ طويلة كانت قد تركتْ جرّاحاً ينشر قطعةً من فخذيها. كان عليّ أولاً أن أنتظر حتى يكتمل نموّي. قال أيضاً بأن قسماً من عظمة كعبي يمكن أن يُحّف. لأن هذا العظم كان يبرز وإلى حدٍّ ما نحو الخارج. كان ذلك ما قد أجروه لأحد مرضاه في مؤسسة الطب النفسي. في تلك المؤسسة عاشت أيضاً امرأةٌ كانت تصرخ بإستمرار «حطّها بطيزك»، في كل موقفٍ يمكن أن يخطر على بال أحد. كان والدي وعلى سبيل المزاح يصرخ بذلك أيضاً في البيت، وبإستمرار. حتى لو كان لدينا زوّار.
لكن لم تكن كعابي المدببة تلك تزعجني كثيراً. بتلك الكِعاب كنتُ ما أزال أنا، منْ أملك الأقدام الأكثر طبيعية في العائلة. كانت أختي تملك قدمين طويلتين جدّاً، مسطّحتين وضيقتين، واللتان كانتا تقفين منحرفتين قليلاً. من كتالوغ ڤيهكامب كانت قد أوصتْ على مَفرشةِ إصبعِ القدم، وهي عبارة عن قوسٍ بلاستيكي كان يُثبّت ليلاً على إبهام القدم كجبيرةٍ لمنعه من أن ينمو بشكلٍ منحرف ممتداً على الأصابع الأخرى في قدمها. لأجلها هي على وجه الخصوص كان علينا أن نتردد وبإستمرار على محلٍّ للأحذية ذات المقاسات الكبيرة في ألمانيا، على مسافةِ ساعةٍ بالسيارة من منزلنا. في أحد تلك الأيام كان يقف هناك أيضاً عملاقٌ في ذلك المحلّ. كان يرتدي حذاءً بنيّاً برباط، كان الحذاء بالياً وكبيراً جدّاً، اشترى العملاق جزمة سوداء ضخمة ذات إبزيمٍ فضي على الجانب، لم تكن تلك الجزمة معروضةٍ للبيع، بل كإكسسوارٍ وحسب، «هل لديكم منها بدون إبزيم أيضاً؟» سألَ العملاقُ البائعةَ. حينها، كان بمقدوري أن أرى كم كان العملاقُ حزيناً، ذراعاه كانا يتدليان بتثاقل وكأنهما معلقان إلى جسده.
في حوالي السابعة عشرة من عمري أصبح لديّ أوّل صديقٍ حقيقيٍّ عاشرته، كان أكبر منيّ عمراً بعض الشيء وأقصر مني بستة سنتيمترات. اقترحت أمي ولذلك، أن نقصّ من النعال السميكة التي كانت لحذائي الرياضي من ماركة بالاديوم. تمّ الأمر كله على أكمل وجه بواسطة سكّين الخبز. لم أكن أعلم حينها بعد كيف ستمضي الأمور معنا قُدُماً، حيث سأُفسدُ كلَّ شيءٍ فيما بعد. «يلزمكِ الكثير بعد لتتعلميه،» قال، إذ أنني كنتُ أضحكُ دائماً في اللحظات الخطأ، على سبيل المثال لا الحصر، حين كنا نستلقي في السرير ولا يحدثُ معه انتصاب. بعدها وببضعةِ أعوام التقيتُه مصادفةً في حفلةٍ ما. بدا لي كما لو أنه كان قد انكمش. من المحتمل أنه هو أيضاً كان يشعر بذلك. «واو! كم أنتِ ضخمة،» قالها وبإمتعاض. «لااا، أبداً!» قلتُ، إذ أنني لم أكن ضخمة. بل متطاولة. رفعتُ ذراعيّ عالياً في الهواء وقمتُ هناك بحركاتٍ سريعة ومتعرّجة مع الموسيقى التي كانت تعزف حينها، بحيث بدوتُ أكثر تطاولاً، أكثر مما كنتُ.
ينتي پوستهويما (1974) كاتبة هولندية، فازت في 2012 بجائزة سنايديرس لأفضل قصة قصيرة جداً، نشرت روايتها الأولى أناسٌ بلا نور في 2016.
ليست هناك تعليقات