Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

نظر إليَّ ڤ‍يم براندس، ذات يومٍ، بشكلٍ عميقٍ وثاقب وقال: «أنت تأكل بشكل سيءٍ للغاية، أليس كذلك؟» – آرنون خرونبيرخ

ترجمة محمد رشو أحياناً يزورني الموتى. ڤ‍يم براندس، الذي سألني في أوائل التسعينيات فيما إذا كنت أرغب في إجراء مقابلاتٍ مع الكتّاب في بر...

ترجمة محمد رشو


أحياناً يزورني الموتى. ڤ‍يم براندس، الذي سألني في أوائل التسعينيات فيما إذا كنت أرغب في إجراء مقابلاتٍ مع الكتّاب في برنامجه الإذاعي. صباح الثلاثاء كنّا نقوم بإجراء المونتاج للمقابلات. ذات مرةً نظر إلي بشكلٍ عميقٍ وثاقب وقال «أنت تأكل بشكل سيءٍ للغاية، أليس كذلك؟»

آنكي بابويس، التي عشتُ معها علاقةً غرامية. لم يكن قد سبق لها أن سافرت بالطائرة، لكنها جاءت لتزورني في ميونيخ. عند الوداع، ناولتني قلم شنيار، رفعت كنزتها للأعلى وقالت: «اكتب رسالةً على بطني من أجل صديقي.» بعدها بسنوات قرأت أنها قد فارقت الحياة إثر حادث سيارة. لا ينبغي أن تكون قد أصبحت كبيرةً في العمر.

يولانتا زالـيڤـسكا، التي كانت تعطيني دروس الرقص في أواخر الثمانينيات، عندما كنتُ ما أزال أرغب أن أصبح ممثلاً. ما من أحدٍ كان يجدني مغرياً في ذلك الحين، ولكن حينما كانت يولانتا تسكر، وكانت دائماً كذلك، كانت تقول: «أنت جذّاب للغاية بنظارتك القذرة هذه».  ذات صباح سقطتْ في القناة.

ثم هناك كاتبة إيطالية لا أعرف فيما إذا كانت ميتة. كانت تعيش في ميلانو وتسكن شقةً كانت تعود لجدتها. كمجنونة كانت تعمل على كتابٍ لم يكن لينتهي. كان لديها أيضاً كلبٌ من النوع الذي يدعى الراعي الألماني. ذات مساء وحينما كنت أرتدي ملابسي لأغادر إلى الفندق الذي كنتُ أقيم فيه، قالت: «أنت تجعلني أشعر بالوحدة.»

خرجنا لنتمشى. في الشارع نادت على كلبها، «انبحْ على هذا اللقيط.» قالت ذلك ضاحكةً وبكلّ حبّ، لكن ومع هذه الكلمات اختفت من حياتي.

أنتَ كلُّ هؤلاء البشر الذين قد التقيت بهم، بما فيهم والداك. كل لقاءٍ كارثةٌ محتملة، بل وغالباً أكثر من ذلك. وإلا كيف بإمكانك أن تحيا؟

دعْ الكوارث تأتي. ذات يومٍ سيقول أحدٌ ما لكلبه، مرّة أخرى، وبكلّ حبّ: «انبحْ على هذا اللقيط.»



دي فولكس كرانت، 27 مارس 2019

ڤ‍يم براندس (1959-2016) شاعر وصحفي وإذاعي هولندي.
آرنون خرونبيرخ (1971) كاتب وروائي وشاعر هولندي، يعيش في نيويورك، فازت روايته الأولى أيام الأثنين الزرقاء 1994 بجائزة أنطون فاختر للعمل الروائي الأول، روايته طالب اللجوء بجائزة أكو 2004، أما روايته تيرزا ففازت في 2007 بجائزة ليبرس للآداب وجائزة البومة الذهبية البلجيكية. يكتب خرونبيرخ عموداً صحفياً وبانتظام في جريدة دي فولكس كرانت.

ليست هناك تعليقات