Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

محمود الحجيري... كتابي الأول و"عملية سافوي"

بدأت علاقتي مع القراءة في وقت مبكر، اي مع ضحى الحياة ان لم نقل مع بزوع فجرها، لقد وعيت في بيت يضم بين جدارنه المتواضعة مكتبة صغيرة، تحت...



بدأت علاقتي مع القراءة في وقت مبكر، اي مع ضحى الحياة ان لم نقل مع بزوع فجرها، لقد وعيت في بيت يضم بين جدارنه المتواضعة مكتبة صغيرة، تحتضن بين رفوفها عشرات الكتب المتنوعة المضامين من روايات وابحاث فلسفية وتاريخية واجتماعية...

 دنوت منها بداية ليس حبا في الاطلاع والمعرفة، بل أشبه بامتحان ذاتي، ما اذا كنت قد بدأت اقرـ في كتب الكبار، لأني كنت ما زلت في المرحلة الابتدائية، ومع وقوفي امام عدد كبير من الكتب، ونجاحي في تخطي الامتحان، وجدت نفسي انجذب لبعض هذه المصنوعات الورقية الصامتة لساعات، استكشف اسرارها واتمرن على القراءة، علني اسمع كلمة اطراء او مديح من المدرسة، اتباهى بها واتفاخر امام اترابي، فانتبه لخلواتي مع الكتاب شقيقي الاكبر الذي، كان يعمل مدرساً، ففض احدى الخلوات واخذ الكتاب من امامي واعاده الى المكتبة، وقال: بما انك تقرا وتولعت بالكتاب اقرأ ما يلائم عمرك ومستوى تفكيرك، واختار كتابا وقدمه لي قائلا: "اقرأ هذا وعندما تنهيه اخبرني، حتى اختار لك كتابا آخر".

 واستمر الاتفاق لبضعة كتب، ولكن للأسف، الكتاب الاول كان بلا غلاف ولم اعد اتذكر عنوانه او مؤلفه، كل ما اتذكره انه كتاب صغير الحجم قديم في حينه ورقه اصفر يكاد ان يتفتت، وبعد هذه المقدمة اصبحت اقرأ باختياري، وبدأت اخرج من البيت للقاء بعض الاصدقاء وبالصدفة زرت احدهم طمعا بمشاهدة انواع الطيور والدجاج الذي يملكها ويعتني بها، استقبلني بالترحاب وتعرفت عليّ والدته وسألتني للاطمئنان عن اهلي وعن والدتي، وراحت تتذكر بحسرة الايام التي قضوها سويا في البراري والمراعي، وبعدها سار معي الى جوار القن وقفنا الى جوار القفص الكبير الذي يضم عشرات الطيور من الدجاج والديك الرومي، وبدأ يشرح لي خصال كل ديك ومن هو الاقوى بحال حصول تعارك بينهم، وبعد استفاضة في الحديث عن الدجاج وانتاجه من بيض وصيصان انتقلنا لنجلس على مصطبة امام البيت، واخبرته عن قراتي للكتب، فانفرجت اساريره ودلف الى داخل غرفة ترابية واخرج مجموعة من الكتب اكثرها انتاج منظمة التحرير الفلسطينية تحكي عن كفاح الشعب الفلسطيني وعن ثورته المسلحة، وخضت اول مناظرة فكرية وثقافية مع صديقي الودود وان كانت استعراضا ولاديا لأفكار برعمية، وبعد لحظات اعدت لنا والدته ابريق من الشاي وقالت لنا: اشربا الشاي وعليكما اخراج الدجاجات لكي يرعوا في الحقول، وقد شربنا الشاي على وقع مناظرتنا المسلية. وبعد دقائق جمع مخزونه الثقافي واعاده الى صندوقه في الغرفة، بعد ان ابقى على كتابا واحدا على المصطبة عنوانه "عملية سافوي"،  وخرج من الغرفة وحمله ومشى باتجاه القن فلحقت به ففتح باب القفص وخرجت كل الطيور، وكانت دهشتي عندم سرنا خلفهم وكأنهم قطيع مواش وعندما سالته عن هذه الحركة الغريبة قال: "هذا بفضل الديك الرومي "الحبش"، وتابعنا سيرنا باتجاه احدى الحقول على اطراف القرية حيث انتشرت الطيور على مساحة شاسعة، تقتات على ما تيسر من حشرات ونباتات. اما نحن فقد افترشنا الارض وبدا صديقي بقراءة محتويات الكتاب بطريقة خطابية وبصوت مرتفع وانا الجمهور المتحمس، وانتهت فترة الرعي ولم ننه قراءة الكتاب... واثناء العودة، طلبت من صديقي استعارة الكتاب حتى اكمل قراءته، فاستجاب لرغبتي وحملته بشغف واسرعت الى البيت لاقرأه من البداية، ولمرات وكل ما اذكره الان منه ان مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين تسللت الى الاراضي المحتلة، وسيطرت على فندق اسمه سافوي وقد خاضت معركة بطولية مع قوات الاحتلال قبل ان تستشهد، وكان هذا اول كتاب ادخله الى بيتنا واقرأه بنهم الجائع وكنت في المرحلة الابتدائية.

ليست هناك تعليقات