Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

آدريان ريتش... إهداءات

أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة في وقتٍ متأخِّر، قبل أن تغادروا مكاتبكم وبقعة الضوء الأصفر الكثيف وسواد النافذة في مبنًى منهك يكاد يت...


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة

في وقتٍ متأخِّر، قبل أن تغادروا مكاتبكم


وبقعة الضوء الأصفر الكثيف وسواد النافذة


في مبنًى منهك يكاد يتلاشى في ساعات الصمت


بعد ذروة الزحام.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة


واقفين في محلٍّ لبيع الكتب، بعيدين عن المحيط


في يومٍ رماديٍّ في أوائل الربيع، بينما فتات ثلجٍ خفيفٍ


يتساقط عبر السهول الشاسعة التي تحيط بكم.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة


في غرفة جرى فيها الكثير مما لم تستطيعوا تحمُّله


حيث الأغطية ملفوفة راكدة على السرير


وحقيبة السفر مفتوحة توحي بحتمية الرحيل


ولكنكم لا تطيقون أن تتركوا ما تعودتم عليه.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة


بينما قطار الأنفاق يوشك على الوصول


وقبل أن تصعدوا الدرج راكضين


نحو حبٍّ لم تسمح لكم حياتكم به أبدًا.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة على ضوء


التلفزيون حيث الصور الصامتة تهتز وتنزلق


بينما تنتظرون آخر أخبار الانتفاضة.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة في غرفة الانتظار


حيث العيون تلتقي ولا تلتقي، حيث تتكون الهويَّة مع الغرباء.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة تحت ضوء قاتم،


تشعرون بملل وتعب الشباب الذين لا يَعدُّ لهم أحدٌ قدرًا


والذين باتوا لا يَعدُّون لأنفسهم أيَّ قدر وهم في مقتبل العمر.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة على الرغم من ضعف بصركم،


ممسكين بالعدسة السميكة التي تضخِّم الكلمات حتى تفقدها معناها،


ولكنكم تقرؤون لأن الأبجدية بذاتها ثمينة عندكم.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة وأنتم واقفون أمام الموقد


تسخنون الحليب للطفل الذي يبكي على كتفكم، ممسكين بكتاب في أيديكم


لأن الحياة قصيرة، وأنتم أيضًا تشعرون بالعطش.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة التي ليست بلغتكم


تخمِّنون بعض الكلمات والبعض الآخر يجذبكم لقراءة المزيد


ولأنني أريد أن أعرف تلك الكلمات.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة لتسمعوا شيئًا ما،


شيئًا يتمزق بين المرارة والأمل


ثم تعودون مرة أخرى للأشغال التي لا يمكن أن ترفضوها.


أعلم أنكم تقرؤون هذه القصيدة لأنه لم يعد هناك شيء آخر تقرؤونه


حيث نزلتم ووجدتم أنفسكم مجرَّدين.



ولدت أدريان ريتش في 16 أيار/ مايو 1929 في بلتيمور، ميريلاند. درست في كليّة رادكليف، تخرجت في 1951، ثم اختيرت في نفس العام من قبَل و.هـ. أودن لنيل جائزة جامعة ييل للشعراء الشباب عن مجموعتها عالَم يتغيّر. وقد كتب أودن مقدّمة ذلك الكتاب وأشاد بتكنيك ريتش الشعريّ الرّفيع، والشكلانية المنحوتة بعناية، ومضامينها التي أحسنتْ كبحَ العواطف فيها.

نمّتْ قصائد ريتش الأولى عن تأثّر واضح في الأسلوب والمضمون بفروست، ييتس، ستيفنز، وأودن نفسه.

في 1953 تزوجت من أستاذ الاقتصاد في هارفارد ألفرِد هـ. كونراد. وبعد سنتين، نشرت مجموعتها الشعرية الثانية، قاطعوّ الألماس، التي كتب عنها راندال جارل: "لا تستطيع الشّاعرة في هذه المجموعة إلا أن تلوحَ لنا كأميرةٍ في حكاية خيالية".

غير أن صورة أميرةِ الحكاية الخيالية لن تدوم طويلًا. فبعد أن أنجبتْ ثلاثة أبناء قبل بلوغها الثلاثين، غيّرتْ ريتش بالتدريج كلًا من حياتها الشخصية وشعرِها. وكتبت خلال الستينيات عدّة مجموعات، منها لقطات من حياة كَنَّة (1963) وكُتَيِّبات (1969). تحوّل محتوى شعرها إلى الصدامية بشكل مُطّرَد- في تحرّيه موضوع دورِ المرأة في المجتمع، العنصريّة، وحرب فيتنام. وقد أظهرَ أسلوب هذه القصائد نقلةً من الأنماط الموزونة إلى الشِّعر الحُرّ. كما تأثّرتْ في ذلك الوقت بأعمال جيمس بولدوين وسيمون دي بوفوار. ومع أنها وزوجها انخرطا في صفوف حركات العدالة الاجتماعية، إلا أنها انخرطت بكلّ ما لديها في الحركة النسوية، في تقصّيها السياسات الجندرية ومآلاتها، كما ورد في عبارة لـ ريتش، في "فيتنام وسرير العاشقين،" حيث وجّهتْ أرضيتها المعرفية باتجاه قضايا اللغة، الجنس، الاضطهاد، والقوى التي ترفد الحركات الباحثة عن الانعتاق من عالَم الهيمنة الذكوريّة. وكان للقضية الفلسطينية، ومجازر إسرائيل المتكرّرة، حصّتها من كتابات ريتش وتصريحاتها وبياناتها. في عام 1970، هجرتْ ريتش زوجَها، الذي أقدمَ على الانتحار في فترة لاحقة من نفس العام.

في 1973، خلال حركات الحقوق النسويّة والمدنيّة، حرب فيتنام، وآلامها الشخصية، كتبت ريتش الغوص نحو الحطام، وهو عملٌ يحتوي على قصائد بالغة الحدّة، أهّلتها لنيل جائزة الكتاب الوطنيّ عام 1974. وقد قبلتْ ريتش الجائزة باسم كلّ النساء وتقاسمتها مع المرشّحتين الأخريين، أليس ووكر وأودري لورد.

منذ ذلك الحين نشرتْ مجموعات شعرية عديدة، منها مدرسة بين الأطلال: قصائد 2000- 2004، التي نالتْ جائزة نقّاد الكتب؛ الثعلب: قصائد 1998- 2000، النّجاة في منتصف الليل: قصائد 1995- 1998؛ حقول الجمهورية الدّاكنة: قصائد 1991- 1995؛ الأعمال الكاملة الأولى: 1950- 1970 (صدرت عام 1993)؛ أطلس العالم المعقّد: قصائد 1988- 1991: الذي وصل إلى نهائيات جائزة الكتاب الوطني؛ طاقة الزّمن: قصائد 1985-1988؛ دم، خبز وشِعر (1986) حقيقة هيكل الباب: قصائد مختارة وجديدة 1950- 1984؛ عن الأكاذيب، الأسرار، والصّمت (1979)؛ وحلم بلغةٍ شموليّة (1978). ويحتوي هذا الكتاب الذي بين أيدينا على قصائد من معظم كتبها المذكورة أعلاه.

في عام 1997، رفضتْ الميدالية الوطنية للفنون، منوِّهةً بـ "أنني لم أستطع قبول جائزة كهذه من الرئيس كلينتون أو هذا البيت الأبيض لأن الغرضَ الحقيقي للفن، كما أفهمه، لا يتّفق مع السياسات المُعيبة لهذه الإدارة". ثم استطردتْ قائلة: "لا يعني الفن شيئًا إذا كان مجرّدَ زينةٍ وزخارف على طاولات عشاء السّلطة التي تحتجزه كرهينة".


في نفس العام، تلقّتْ ريتش جائزة أكاديمية والاس ستيفنز لبراعتها المؤكّدة والبارزة في فنّ الشعر.


https://qasaed-lilhayat.com/poems/%D8%A5%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA/

ليست هناك تعليقات