Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

على نصل السكين

نص الفنان الصديق يوسف عبدلكي لكتالوغ معرض ناصر حسين في غاليري أجيال - بيروت تخرج أعمال ناصر حسين من عباءة العاطفة. فهذا المصوّر الذي...




نص الفنان الصديق يوسف عبدلكي لكتالوغ معرض ناصر حسين في غاليري أجيال - بيروت

تخرج أعمال ناصر حسين من عباءة العاطفة. فهذا المصوّر الذي درس في دمشق ودسلدورف لا تستهويه الأبنية المتينة، ولا حسابات الضوء والعتمة، ولا عقلانية الألوان وصرامة توزيعها على سطح اللوحة. إذ إنه رغم معارفه بذلك بحكم دراسته الأكاديمية الطويلة، مأخوذ بالتعبير الذاتي عن الأشخاص والموجودات، مما يقوده في العديد من الأحيان إلى خيمة السخرية، ذلك المعدن الثمين النادر في تاريخ التصوير، فيلج فيها متجاهلاً ما يمكن أن يُوصِم عمله بالخفة؛ وهو في ذلك سليل عدد من تعبيريي النصف الأول من القرن العشرين، أمثال أوتو ديكس وجورج كروس وأوسكار كوكوشكا؛ حيث كان التعبير الحاد والاحتجاج، بل أحياناً الفجاجة سمة تلك الأعمال، بل تلك المرحلة، على خلاف أعمال ناصر الحالية. لا يجب أن يجعلنا ذلك نسهو عن القيمة التصويرية للوحته، فتحت الموضوعات المتنوعة والأفكار التي تحتمل عديد التفسيرات هناك ملّون حساس، لا يضع لمسةً إلا ويخلع جزء من أنفاسه معها، بحيث تبدو اللوحة نسيجاً دقيقاً من الانتقالات الرمادية المتقاربة تقطعها من حين لحين لمسة نقيضة تعطي لتلك الانتقالات معناها الموسيقيّ.
من جديد لا يتوجب علينا الظن بأن ناصر صاحب حسابات، هو لا يحمل مسطرة مرقّمة، ولا آلة حاسبة! يهم باللوحة وتهم به غير أنه – على خلاف يوسف الحكاية – يمضي الى آخر الشوط تاركاً للارتجالات مقامها الأول، لتقوده يمنة ويسرة كمركب يدخل للمرة الأولى لجّة نهر هصور. بعد ذلك يعمل على التشذيب والإضافة والحذف، وهنا يمضي هو وقدره.. ومزاج اللحظة! فربما يفسد ذلك طزاجة العاطفة الأولى، أو يرتفع بها الى مقام صوفيّ! 
هكذا يسير ناصر على حد السكين بين الحساسية والركاكة، غير أنه يعبر رغم تلك المخاطرات - التي تتجدد مع كل عمل جديد - إلى برّ الأمان، برّ العاطفة الرهيف، التي تخرج من طرف فرشاته لتلامس شغاف الوجدان والبصر.

يوسف عبدلكي
1/12/2018

ليست هناك تعليقات