القصيدة... "الجماهيرية"

alrumi.com
By -
0
شربل داغر

وجدتُ في دفتر هذه النبذة:

كان الغناء يَتبع القصيدة قديما، كما أتحقق من ذلك في كتاب "الأغاني" وغيره. أما اليوم، فالقصيدة - ومنها الحديثة - باتت تتبع الأغنية: لا سيما في نمطها التواصلي ذي الطابع "الجماهيري" (منذ خطابات جمال عبد الناصر، التي قابلتْها حفلاتُ "الست" أم كلثوم في "شمِّ النسيم" وغيرها).
الجديد هو أن القصيدة باتت تبحث في الأغنية، في أنماطها، في "طلّة" صاحبتها أو صاحبها، عمّا يجعلها مشهورة، وشاعرُها مشهورا، هو الآخر. باتت القصيدة تبحث عَما يجمع العديدين بها، كما في تظاهرة، أو في ملعب كرة قدم... تبحث في "المشترَكات الجَمْعية"، مثل الوطن والتغزل وفقدان الزعماء وبناء شواهد لمن يريدونهم "شهداء"...
قصيدة تنبني وفق مقادير من الاستماع، لا من القراءة، حتى إنها تبدو، بصوت شاعرها، أكثر "تأثيرا" منها مطبوعةً في كتاب.
هذا ما يسميه البعض: "الغنائية"، تيمنًا بمذهب شائع في شعر العالم، فيما تختلف غنائيتنا هذه عن غيرها، إذ هي - في شعرنا - جمْعية، رتيبة، أقرب إلى "الدندنة"، تُذيع تقليديةً مطمئِنة إلى الساري في السياسة والعاطفة والاجتماع وغيرها. 
لهذا قد تكون هذه القصيدةُ "حديثةً" في بعض أوجهها البنائية (مثل التخلص من الوزن تامًا)، إلا أنها ليست إفرادية (السمة الحاسمة في الحداثة، أيًا كانت)، عدا أنها "خفيفة" التطلع والوقع في معانيها ومداراتها.

أضيف إلى النبذة السابقة ما يلي:

قصيدة تسعى إلى قرائها بوصفهم مستمعين، ليس في غُرَفِهم، في خلواتهم، وإنما في حميَّتهم المشتركة: نراهم يتأوهون، يستعيدون، وقد يشاركون الشاعر منحنيات الجُمل في نزولها صوب خواتيمها...المنتظرة.
هكذا قصيدة لا تطلب، بالتالي، تأملَهم الصامت، وإنما همهماتهم، بلوغا إلى تصفيقهم: الله، الله...!
شاعرُ هذه القصيدة لا يحادثني، لكي أبتهج معه بها. لكي أستقلَّ مجازها من دون دليل أو رقيب. لكي أمشي، ويمشي، وتمشي، في وجهات مختلفة في القصيدة عينها. 
ذلك أننا، قد نكون، في قصيدة: "في تدافعِ ماشِين من دون أن تتلامس خطواتُنا" (وفق عنوان القصيدة الأولى في مجموعتي الشعرية الجديدة).

عن الفايسبوك
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)