برهان شاوي لست سياسيا بالمعنى الإحترافي وإن كنت قضيت سنوات من عمري في صفوف اليسار.. ولا أحب أن أكتب فيها مقالات أو أن أتداخل فيها فهي م...
برهان شاوي
لست سياسيا بالمعنى الإحترافي وإن كنت قضيت سنوات من عمري في صفوف اليسار.. ولا أحب أن أكتب فيها مقالات أو أن أتداخل فيها فهي مستنقع تلوثت به، ومع ابتعادي عنها منذ سنوات طويلة لكنها تزكم أنفي بنتانتها.
أنا سياسي فاشل لأنني جئت إلى السياسية برومانسية الشاعر فاصطدمت ببرغماتية المحترفين ودهاء وخبث ووحشية الساسة وكواسر الأحزاب.. فهجرت السياسة دونما ندم ..
لكنني لم أتخل عن مهمة التوغل في الفكر والتجربة التاريخية للشعوب وطروحات علماء السياسة والاجتماع والتحليل النفسي سواء في مدرسة فرانكفورت أو في تيارات اليسار الفرويدي.. بل وحتى في طروحات الاسلاميين والمسيحيين وعلماء الاجتماع.
تأملي للمشهد العربي والإسلامي والعالمي.. سواء للفاشية الدينية في بلدان العالم العربي الإسلامي، ولتيارات اليمين المتطرف القومي في أوروبا ولصعودها المخيف، وللخلايا النائمة للمتطرفين الإسلاميين في أوروبا دفعتني للتوقف والتأمل الآتي، معتمدا على الدراسات التي توغلت في سايكولوجية الجماهير وفي آيديلوجية الدولة الفاشية، وبالتحديد نيكوس بولنتزاس وغوستاف لوبون ومدرسة فرانكفورت النقدية..لاسيما حينما رأيت سقوط العشرات بل المئات من (اليساريين والشيوعيين) في مستنقع الفاشية والتعصب القومي ومجارات نقيضهم الفكري والآيدلوجي.. وهذا ليس في العراق فحسب وأنما في البلدان العربية وأوروبا ايضا.
إن مصدر السيكولوجية الفاشية هو هوس المؤامرة.، دولية، إقليمية، دينية، إن أمكن. ففي عالمنا العربي والإسلامي فالمؤامرة تاتي من إسرائيل والغرب والصهيونية العالمية، ويجب على هذه الشعوب أن تشعر بأنها محاصرة من قبل الأعداء..
الشيعة يعانون من مؤامرات السعودية وتركيا، والسعودية ترتعب من إيران وحزب الله والحوثيين ومن انتشار التشيع بقوة.. والأحزاب الإسلامية في العراق ومصر إيران وتركيا والعالم الإسلامي تخاف شبح الشيوعية والعلمانية.. والقوميون في هذه البلدان يخافون مطالبة الشعوب بحقوقها لأن ذلك يعني التقسيم للبلدان العربية والإسلامية..!
الوسيلة الإعلامية للكشف عن المؤامرة في مفهوم الفاشيين يكمن في الدعوة إلى كراهية الآخر. سواء كانت العلمانية أو الدولة القطرية المجاورة أو القومية الأخرى التي تشكل وجودا ضمن البلد الواحد.
الخاصية الأولى لأية فاشية كما يقر علماء السياسة هي عبادة التراث.
الفاشية لاعقلانية بطبيعتها..واللاعقلانية مرتبطة بعبادة الفعل من أجل الفعل، لذا يجب القيام بالفعل دون تفكير، فالتفكير نوع من التهجين.
وهكذا، فأن الثقافة عند الفاشيين، سواء كانوا علمانيين أو متدينيين أو قوميين، مشكوك فيها دائما وأبدا، بل تدفعهم للغضب وفقدان الأعصاب والاحتقان النفسي، لأن الثقافة ترتبط غالبا بموقف نقدي، لاسيما من السلطة، لذا هناك حذر مستديم من المثقفين.
مهمة المثقفين الفاشيين الرسمية ، وهم عادة يقودون المؤسسات الإعلامية والأكاديمية والجامعات ومراكز البحوث، ومعظمهم يحبون الظهور في البرامج الحوارية السياسية كمفكرين ومحللين سياسيين، ويكتبون في المواقع الألكترونية والصحف ويشكلون عضوية المستشارين لقادة الأحزاب ولرئاسات الوزارات والحكومات وللمسؤلين السياسيين، مهمتهم تكمن في اتهام الثقافة الحديثة بأنها تسعى لتشويه تاريخ الأمة والتشكيك بثوابتها الدينية والفكرية والقيمية، وأن المثقفين النقديين هم خونة وعملاء ومنحلون أخلاقيا.. فالبنسبة للفاشية والفاشيين أن كل اختلاف هو خيانة وطنية.. الفاشية والفاشيون لا يؤمنون بالاختلاف.
الفاشية لا تؤمن بالسلام. فاية نزعة للسلم الأهلي والاجتماعي والأخاء بين الشعوب والاعتراف بحقها في تقرير مصيرها هو خيانة وطنية وتواطؤ مع أعداء الأمة والبلاد..بل ويتغنى الفاشيون بالشعب الواحد والأمة الواحدة من أجل إلغاء هوية الشعوب والأقليات والأثنيات التي تعيش كطبقة ثانية في تلك البلاد.
ومع ذلك الفاشية لا تشكل آيديولوجية موحدة، فهي خليط من أفكار متطرفة قوميا واشتراكيا ودينيا. بينهم اليساري الذي تفجرت نزعاته القومية كبركان، والديني الذي يرى مقدساته أمام العاصفة، والقومي الذي يجد نفسه منسجما مع نفسه في أفضل تجلياتها.
ولكن المخيف في كل هذا أن الفاشية قد تتجلى في أشكال بالغة البراءة. والواجب فضحها وبكل أشكالها السياسية والدينية في أي جزء من العالم.. لاسيما في تلك البلدان التي اقتصادها يمهد للفاشيات العنيفة والمبتذلة.. تلك البلدان التي دخلها الوطني يتشكل من رأس المال المالي..الريعي والنفطي بالتحديد، فلا موارد لها غير ريع النفط.. وكواسرها الماليون يملكون المليارات لكن لا يملكون مصنعا واحدا أو بستانا يدر عليهم كل هذه الأموال..!
المشهد مخيف في هذا العالم. إسلاميا وأوربيا. لأن كل هؤلاء إذا ما مُسّت مصالحهم ومواقعهم السياسية فأنهم سيغرقون العالم في الدماء ويشعلون الحروب.
*روائي عراقي
عن الفايسبوك
لست سياسيا بالمعنى الإحترافي وإن كنت قضيت سنوات من عمري في صفوف اليسار.. ولا أحب أن أكتب فيها مقالات أو أن أتداخل فيها فهي مستنقع تلوثت به، ومع ابتعادي عنها منذ سنوات طويلة لكنها تزكم أنفي بنتانتها.
أنا سياسي فاشل لأنني جئت إلى السياسية برومانسية الشاعر فاصطدمت ببرغماتية المحترفين ودهاء وخبث ووحشية الساسة وكواسر الأحزاب.. فهجرت السياسة دونما ندم ..
لكنني لم أتخل عن مهمة التوغل في الفكر والتجربة التاريخية للشعوب وطروحات علماء السياسة والاجتماع والتحليل النفسي سواء في مدرسة فرانكفورت أو في تيارات اليسار الفرويدي.. بل وحتى في طروحات الاسلاميين والمسيحيين وعلماء الاجتماع.
تأملي للمشهد العربي والإسلامي والعالمي.. سواء للفاشية الدينية في بلدان العالم العربي الإسلامي، ولتيارات اليمين المتطرف القومي في أوروبا ولصعودها المخيف، وللخلايا النائمة للمتطرفين الإسلاميين في أوروبا دفعتني للتوقف والتأمل الآتي، معتمدا على الدراسات التي توغلت في سايكولوجية الجماهير وفي آيديلوجية الدولة الفاشية، وبالتحديد نيكوس بولنتزاس وغوستاف لوبون ومدرسة فرانكفورت النقدية..لاسيما حينما رأيت سقوط العشرات بل المئات من (اليساريين والشيوعيين) في مستنقع الفاشية والتعصب القومي ومجارات نقيضهم الفكري والآيدلوجي.. وهذا ليس في العراق فحسب وأنما في البلدان العربية وأوروبا ايضا.
إن مصدر السيكولوجية الفاشية هو هوس المؤامرة.، دولية، إقليمية، دينية، إن أمكن. ففي عالمنا العربي والإسلامي فالمؤامرة تاتي من إسرائيل والغرب والصهيونية العالمية، ويجب على هذه الشعوب أن تشعر بأنها محاصرة من قبل الأعداء..
الشيعة يعانون من مؤامرات السعودية وتركيا، والسعودية ترتعب من إيران وحزب الله والحوثيين ومن انتشار التشيع بقوة.. والأحزاب الإسلامية في العراق ومصر إيران وتركيا والعالم الإسلامي تخاف شبح الشيوعية والعلمانية.. والقوميون في هذه البلدان يخافون مطالبة الشعوب بحقوقها لأن ذلك يعني التقسيم للبلدان العربية والإسلامية..!
الوسيلة الإعلامية للكشف عن المؤامرة في مفهوم الفاشيين يكمن في الدعوة إلى كراهية الآخر. سواء كانت العلمانية أو الدولة القطرية المجاورة أو القومية الأخرى التي تشكل وجودا ضمن البلد الواحد.
الخاصية الأولى لأية فاشية كما يقر علماء السياسة هي عبادة التراث.
الفاشية لاعقلانية بطبيعتها..واللاعقلانية مرتبطة بعبادة الفعل من أجل الفعل، لذا يجب القيام بالفعل دون تفكير، فالتفكير نوع من التهجين.
وهكذا، فأن الثقافة عند الفاشيين، سواء كانوا علمانيين أو متدينيين أو قوميين، مشكوك فيها دائما وأبدا، بل تدفعهم للغضب وفقدان الأعصاب والاحتقان النفسي، لأن الثقافة ترتبط غالبا بموقف نقدي، لاسيما من السلطة، لذا هناك حذر مستديم من المثقفين.
مهمة المثقفين الفاشيين الرسمية ، وهم عادة يقودون المؤسسات الإعلامية والأكاديمية والجامعات ومراكز البحوث، ومعظمهم يحبون الظهور في البرامج الحوارية السياسية كمفكرين ومحللين سياسيين، ويكتبون في المواقع الألكترونية والصحف ويشكلون عضوية المستشارين لقادة الأحزاب ولرئاسات الوزارات والحكومات وللمسؤلين السياسيين، مهمتهم تكمن في اتهام الثقافة الحديثة بأنها تسعى لتشويه تاريخ الأمة والتشكيك بثوابتها الدينية والفكرية والقيمية، وأن المثقفين النقديين هم خونة وعملاء ومنحلون أخلاقيا.. فالبنسبة للفاشية والفاشيين أن كل اختلاف هو خيانة وطنية.. الفاشية والفاشيون لا يؤمنون بالاختلاف.
الفاشية لا تؤمن بالسلام. فاية نزعة للسلم الأهلي والاجتماعي والأخاء بين الشعوب والاعتراف بحقها في تقرير مصيرها هو خيانة وطنية وتواطؤ مع أعداء الأمة والبلاد..بل ويتغنى الفاشيون بالشعب الواحد والأمة الواحدة من أجل إلغاء هوية الشعوب والأقليات والأثنيات التي تعيش كطبقة ثانية في تلك البلاد.
ومع ذلك الفاشية لا تشكل آيديولوجية موحدة، فهي خليط من أفكار متطرفة قوميا واشتراكيا ودينيا. بينهم اليساري الذي تفجرت نزعاته القومية كبركان، والديني الذي يرى مقدساته أمام العاصفة، والقومي الذي يجد نفسه منسجما مع نفسه في أفضل تجلياتها.
ولكن المخيف في كل هذا أن الفاشية قد تتجلى في أشكال بالغة البراءة. والواجب فضحها وبكل أشكالها السياسية والدينية في أي جزء من العالم.. لاسيما في تلك البلدان التي اقتصادها يمهد للفاشيات العنيفة والمبتذلة.. تلك البلدان التي دخلها الوطني يتشكل من رأس المال المالي..الريعي والنفطي بالتحديد، فلا موارد لها غير ريع النفط.. وكواسرها الماليون يملكون المليارات لكن لا يملكون مصنعا واحدا أو بستانا يدر عليهم كل هذه الأموال..!
المشهد مخيف في هذا العالم. إسلاميا وأوربيا. لأن كل هؤلاء إذا ما مُسّت مصالحهم ومواقعهم السياسية فأنهم سيغرقون العالم في الدماء ويشعلون الحروب.
*روائي عراقي
عن الفايسبوك
ليست هناك تعليقات