Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

خيبة يوسف

رفيقا طفولة .. ورفيقا صبا . احدهما يرى في الاخر مكملاً له ، بل نصفه المشتهى . يوسف وفوزي ، او ان الاثنين هما واحد ( فوزي هو الظل الواعي...

رفيقا طفولة .. ورفيقا صبا . احدهما يرى في الاخر مكملاً له ، بل نصفه المشتهى .

يوسف وفوزي ، او ان الاثنين هما واحد ( فوزي هو الظل الواعي ليوسف ) .. ليبدو قمة الحزن حين ذهب يوسف في قتل ملتبس فينعى شهيداً، ليخسر فوزي نصفه الذي فهم العالم ببساطة شديدة لا تحتاج الى فلسفة جامعته. 

في اجواء الفئات المهمشة، ما رصدها فوزي ذبيان في " اورويل في الضاحية الجنوبية" ، وفي مساحة الشاطىء الممتد من اوتيل الميرادور ( كان موجوداً في خلدة سابقا") الى الناعمة ، في زمن مستقطع من حربنا الأهلية التي رمت بالمهجرين والمهمشين ، يفرد فوزي ذبيان روايته (خيبة يوسف) ويترك لشخصياتها حرية وتلقائية العيش وفق ما تتدبر ، والقول بعفوية وفجاجة البيئة ، والفعل ورد الفعل .. فيكتبها هو بلغتها ، ببلاغة عامّيتها المتدخلة في فصحاها (جعلكة الجريدة ، يكزبر البدن ، خرطش المسدس ..) منحازاً بدوره الى تلقائية السرد وسرعة إيقاعه، دون اعتناء قصدي باللغة ( يسخر على بعض التعابير المستعملة) .. فوزي ذبيان ومشروع لغته الباعثة على الدهشة، يستنبط من الاسماء والافعال العامية قاموساً ثريا، ويمعن في تصريفها ما دامت تخدم البيئة والحالة والسلوك والعمق الروائي ..
احترم هذه المغامرة ، تكرارها في العمل الثاني ( رواية خيبة يوسف ) أعطت ملمحاً متماسكاً " لمشروع اُسلوب ولغة " لعلّها بصمة ذبيان الروائية .. وعليه تحمّل تبعاتها بشجاعة . 

"خيبة يوسف" رواية في ١٥٠ صفحة (دار الآداب )، ذات لعبة ممتعة من الكاتب الذي حوّل السرد الى مشهديات صغيرة متلاحقة، متلاعباً بالزمن ، تنقذ العمل الروائي من الاطالة والاستطراد الملول للقارىء، مقدماً له فيلماً روائياً ( حافلاً بالمونتاج) ورقياً لايقل عن المتعة البصرية التي ينالها في قاعة عرض وشاشة.. ينمّي فتىً عابثاً مهمشاً ، لعائلة متنقلة مرتبكة في علاقتها بالحياة والاشياء، وبأيٍ كان الاخر ، تتحول عند يوسف الى رؤى ومفاهيم شديدة الواقعية حتى الفجاجة ، بلا أدب وتنميق. هو يوسف في صعوده " الفهلوي " ليرتقي تاجر مخدرات وأسلحة وعضواً ميليشياوياً ، يُنعى كشهيد ، بعد ان أرداه الحب والصراع على النساء .. هو يوسف الذي رعى فوزي وحماه لتوقه التمثل بما هو عاجز عنه..
وتحفل الرواية بشخصيات تظلم بالوصف الثانوي ( ابو ايلي، الكلب العميل، ابوا يوسف ) فالرواية تتعرى من لحمها وجمالياتها ان لم تدعمها هذه الشخصيات العميقة المكمّلة للأبعاد كافة ، سيما البعد الانساني لبيئة الرواية.
يشير الكاتب الى ان الرواية تعنيه جيداً. لكنّ فوزي في الرواية هو غير فوزي ذبيان الكاتب . وان لديه مخزوناً كبيراً من حياة الاخرين بفعل عمله السابق ، ينتظر وقتاً وكتابةً ..

تحية لك صديقي. أحببت روايتك / امل صفي الدين

ليست هناك تعليقات