محسن أ. يميّن ' يكنس الزمن الذكريات من الرؤوس التي يجتاحها الشيب، أو يدركها الصلع، كما تكنس الريح الضباب من السماء المتلفّعة، وا...
محسن أ. يميّن '
يكنس الزمن الذكريات من الرؤوس التي يجتاحها الشيب، أو يدركها الصلع، كما تكنس الريح الضباب من السماء المتلفّعة، والمتكدّرة.
لكن الصورة وُجدت لتحول دون مفاعيل الزمن. وُجِدَتْ لتتحدّاه. وقد أثبتت، عَبر ما طرأ عليها من تغيّرات، وتطوّراتِ، أنّها كانت على قدر التحدّي. وهي، بسكونها الجامد، تحفظنا بقدر ما نحفظها. تستبقي ما اسْتُبقَيت. وللّحظات الهنيّة، والرخيّة، في استمرار الصور، حياةٌ على مدى الحياة، وبعدها.
والزمن هذا أدار ظهره، فيما أدار، لعادة دَرَج عليها المصوّرون في العقود الغابرة. يوم كانوا يندفعون لإلتقاط الصور التذكارية للسهرات، والحفلات، والجلسات الودّية حول الموائد العامرة،والإستعراضات العالمية، في الفنادق، والنوادي الليليّة، والملاهي. وبلغ هذا الضرب من التصوير ذروته في الستينيّات، والنصف الأوّل من السبعينيّات، قبل ان تهزّ لبنان الحروب، والعواصف. وكانت الصور تُكَبّر، وتُؤطّر، بغلافٍ كرتونّي سميك، يحمل عناوين المرابع الليليّة التي كان لبيروت، بطبيعة الحال، من بينها حصّة الأسد. وكان للأغلفة المطبوعة رعاة كطيران الشرق الأوسط، ومختبرات "أغفا"، وسواهما. فتطلّ الصورة على المتطلّع اليها حالاً، وهي في غلافها، أو يحتاج ان يفتح ثتيته ليراها طيّه، وقد زُجّت، بأناقة، داخله. وقد كانت هذه اللقطات وقفْاً على من يتعّهد التصوير في هذه الأماكن بعد الإتفاق، أو التعاقد، مع أصحابها. وقد ذاعت شهرة "عيسى اخوان"، للمثال، في تغطية سهرات أوتيل فينيسيا، وناديه الليلي "الطاووس الأحمر"، "والهوليداي إن"، "وسوبر نايت كلوب" "ال موروكو" في شارع فينيسيا"(موروكو الحامل اسم ذاك الذي اشتهر في مانهاتن، في نيويورك)، "وصالة الباكارا"، "وصالة السفراء"، في كازينو لبنان، في المعاملتين. كما عُرف" ستوديو روما" في شارع عزمي، في طرابلس، بتغطيته لسهرات "الشاطئ الفضّي"، في الميناء. وإتسع نشاط "ستوديو كولور"، في طرابلس، في شارع البولفار، ليصل الى طبرجا .
يكنس الزمن الذكريات من الرؤوس التي يجتاحها الشيب، أو يدركها الصلع، كما تكنس الريح الضباب من السماء المتلفّعة، والمتكدّرة.
لكن الصورة وُجدت لتحول دون مفاعيل الزمن. وُجِدَتْ لتتحدّاه. وقد أثبتت، عَبر ما طرأ عليها من تغيّرات، وتطوّراتِ، أنّها كانت على قدر التحدّي. وهي، بسكونها الجامد، تحفظنا بقدر ما نحفظها. تستبقي ما اسْتُبقَيت. وللّحظات الهنيّة، والرخيّة، في استمرار الصور، حياةٌ على مدى الحياة، وبعدها.
والزمن هذا أدار ظهره، فيما أدار، لعادة دَرَج عليها المصوّرون في العقود الغابرة. يوم كانوا يندفعون لإلتقاط الصور التذكارية للسهرات، والحفلات، والجلسات الودّية حول الموائد العامرة،والإستعراضات العالمية، في الفنادق، والنوادي الليليّة، والملاهي. وبلغ هذا الضرب من التصوير ذروته في الستينيّات، والنصف الأوّل من السبعينيّات، قبل ان تهزّ لبنان الحروب، والعواصف. وكانت الصور تُكَبّر، وتُؤطّر، بغلافٍ كرتونّي سميك، يحمل عناوين المرابع الليليّة التي كان لبيروت، بطبيعة الحال، من بينها حصّة الأسد. وكان للأغلفة المطبوعة رعاة كطيران الشرق الأوسط، ومختبرات "أغفا"، وسواهما. فتطلّ الصورة على المتطلّع اليها حالاً، وهي في غلافها، أو يحتاج ان يفتح ثتيته ليراها طيّه، وقد زُجّت، بأناقة، داخله. وقد كانت هذه اللقطات وقفْاً على من يتعّهد التصوير في هذه الأماكن بعد الإتفاق، أو التعاقد، مع أصحابها. وقد ذاعت شهرة "عيسى اخوان"، للمثال، في تغطية سهرات أوتيل فينيسيا، وناديه الليلي "الطاووس الأحمر"، "والهوليداي إن"، "وسوبر نايت كلوب" "ال موروكو" في شارع فينيسيا"(موروكو الحامل اسم ذاك الذي اشتهر في مانهاتن، في نيويورك)، "وصالة الباكارا"، "وصالة السفراء"، في كازينو لبنان، في المعاملتين. كما عُرف" ستوديو روما" في شارع عزمي، في طرابلس، بتغطيته لسهرات "الشاطئ الفضّي"، في الميناء. وإتسع نشاط "ستوديو كولور"، في طرابلس، في شارع البولفار، ليصل الى طبرجا .
وكان الذين يصوّرون في هذه المرابع، وفي سواها، لا يتأخّرون في تجهيز (غرف سوداء) ميدانيّة للتظهير الفوري، من حرصهم على تسليم الصور قبل انتهاء السهرات، وصياح الديوك. أو يسلّمون الساهرين بطاقات تحمل عناوين استوديوهاتهم لتسليمهم الصور، لاحقاً. وكانت الأغلفة بمثابة بيوت للصور، تنام داخلها وهي في أمان من عَبَث الأيدي الصغيرة. وتسلم، بذلك، لحظات من العمر الدائم الهروب، غير القابلة للتكرار. ويطول عمر الصور.
ليست هناك تعليقات