كتابات من التاسع عشر الى سوق الأحد فإليكم

alrumi.com
By -
0
يبثّ في النفس نشوة الحبر الواصل إليك من أزمنة بعيدة كان في غصونها عدد الذين فكّوا الحرف قليلاً، وعدد الذين يفكّرون بتسجيل وقوعات حياتهم اليوميّة أقلّ. وغالباً ما كانوا يلجأون إلى الأغلفة الداخليّة للكتب ذات الأوراق السميكة، المجلّدة بجلد ماعز، أو خلافه، أو الى الصفحات الأولى، لتدوين ما يُريدون له أن يبقى، وأن لا يموت بموتهم. فيكون لهم ما يبتغون ما دامت الكتب في الحفظ والصون.
وتصل قطرات المعلومات المخطوطة بأسود فحميّ، على الورق المصفر، الناشف، الحامل دمغات الرطوبة، وتوقيع الإهمال، في السطور غير المستقيمة، التي لا يعيبها عدم إنتظامها في شيء، ومعها حمولتها من المعرفة. تصل الى الأجيال التالية. الى أبعد ممّا يمكن أن تصل إليه ذاكرة المعمّرين، مهما تناقلوا من
أخبار، كابراً عن كابر.
وتكون الفرحة بخروج المعرفة، ولو شحيحة، من العدم، وبصيص الضوء النائص من غياهب الليل الحالك.
من عادة صديقنا الفنّان عبّود معوض ان يحطّ في "سوق الأحد"، الأسبوع بعد الأسبوع، بحثاً عمّا عتق من كتب، وصور، ومخطوطات، ولوحات. حيناً يعلق في صنّارته صيد ثمين، وحيناً آخر يعود خالي الوفاض. لكنه يتحلّى بما يكفي من طول النفس، والصبر، كي يواصل البحث عن "العتقيّات" التي مرّت عليه عقود وهو يهيم بها.
وقد علقت بصنارته مؤخراً كتبٍ تنام في جوفها كتابات من القرن التاسع عشر شاء ان يتحفنا بها. شاطرنا وها أنذا مشاطركم. كتابات يكسبها الزمن الغابر أهميّة، ولو في دائرة التفاعل المفترضة، معها. وهي كالآتي:
"ولدت ابنتنا ورده في 25 كانون الثاني سنة 1819"
"قد إنتقل الى رحمت الله (تعالى) الشدياق يعقوب سعاده في شهر شباط (15) سنة 1850 الله يرحمه آمين."
"قد انتقلت الى رحمت الله (تعالى) حرمت ........(كلمات ممحوّة) سعاده في شهر حزيران (11) سنة 1847 الله يرحمها آمين."
"1850
"قد انتقل الى رحمت الله (تعالى) جدّنا الخوري يوحنا مارون الدويهي ودفن في مار بطرس اهدن. الله يرحمه ويرحم جميع الموتا المتوفين آمين في شهر تشرين أول سنة الف وثمان (ماية) وخمسين".
مدوّنات لا تخلو من أخطاء كما هو ملاحظ. لكنها على عللها مسترعية للانتباه. ويقول المطّلع عليها حال إلقائه نظرة عليها ليتها أكثر، لنعرف أكثر. ونخترق بنقاط حبرها الضئيل حجب الزمان المسدلة بلا توقف، أو كلل، أو رحمة. قد يتعذّر عليك التكهّن بمصدر الكتب، والمدونات. لكنك تريد "أكل العنب، وليس قتل الناطور". تقرأ، وتُسرّ بما قرأت.
وبيت الصديق عبّود معوّض لا بدّ ان يكون مترعاً باللوحات، والصور، والكتب، دون مجال للمزيد. فموجوداته المتراصة تغنيه. لكنه يكمل. اشدّ على يده شاكراً.
وبالشكر تدوم النعم.

محسن أ. يمّين
عن الفايسبوك
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)