Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

وجه تشي غيفارا الخفي في مجتمع الإستعراض

محمد حجيري 11-10-2007 | 00:00 عادت صورة غيفارا الى الواجهة في الذكرى الأربعين لمقتله. أشعل مناصروه الشموع قبالة صو...

محمد حجيري

  • 11-10-2007 | 00:00


عادت صورة غيفارا الى الواجهة في الذكرى الأربعين لمقتله. أشعل مناصروه الشموع قبالة صوره في بلاده وفي أماكن زارها. لا ادري ما هو شعورهم ولا اعرف الى ماذا يطمحون، لكن اعلم أنهم يصنفون «الثائر الاممي» في خانة «القديس». عادت صورة غيفارا في ذكرى مقتله ولم تغب مذ اصبحت من مصنفات الاستهلاك في المحال التجارية. باتت شعاراً على قميص ولافتة لحانات الليل واسمه اغنية ترددها المغنية الجسدية ومغني الراب.
عادت صورة غيفارا ولم يكن مصور الازياء الكوبي البرتو كوردا دياز يعلم ان الصورة التي التقطها له في 15 آذار/مارس 1960 ستصبح اشهر صورة في التاريخ الفوتوغرافي لناحية القولبة واعادة الانتاج والتفسير. التقط كوردا لقطتين لغيفارا بينما كان يخطو نحو منصة احتفال تذكاري خلال جنازة جماعية لأولئك الذين قتلوا عندما انفجرت فرقاطة فرنسية تحمل ذخيرة في ميناء هافانا. ذكر المصور أنه استمد إلهامه من حدة تعبير غيفارا الذي وصفه بأنه كان يجمع بين الغضب والحزن. وفي الصورة الأصلية يقف غيفارا بين رجل وسعفات نخيل، لكن كوردا عزل غيفارا في عملية الطباعة وبذلك ولدت الصورة الأيقونية لنظرته المصممة. ما حدث للصورة منذ لحظة التقاطها الى اليوم حكاية معقدة ذات روايات متناقضة، فالصورة التي كانت مجهولة حتى استنسخت في إيطاليا لحظة وفاة غيفارا، انتشرت إثر ذلك من المشهد العالمي كأيقونة ترمز الى انتفاضات الطلاب في 1968. ظهرت في ملصقات ولوحات جدارية واستعملت في الكثير من الاحتجاجات والتظاهرات أثناء السنوات اللاحقة.
صورة غيفارا تستخدم اليوم ككاريكاتور ومحاكاة تهكمية في آن وصيحة استنفار لحركات ومفاهيم متفاوتة مثل تخفيف الدين العالمي ومناهضة النزعة الأميركية ورمز للهوية الأميركية اللاتينية.
دون كيشوت حربي
شخصيا لا اعرف لماذا علقت صورة غيفارا على جدار غرفتي ذات يوم مع انني لم اعلق يوماً صورة لي. ربما كنت «مسحورا» بصورته نفسها، لحيته ونجمته وسيجاره وقلنسوته، او كنت هائما بصوت الشيخ إمام يغنيه. هكذا كنت مراهقا متعطشا للغيفارية من دون أن أعرف جوهرها. كنت اسمع ان الامبريالية قتلت غيفارا في غابات بوليفيا وكنت احسب انها قتلته لأنه كان يتنزه هناك. لم اعرف غيفارا الا عندما قرأت عنه لاحقاً. لم اعرفه الا عندما لم يعد صورة بالنسبة اليّ. بدا لي أشبه بدون كيشوت حربي او طرزان ثوري. كان أشبهّياً لا «كامل الاوصاف» في النجومية.
بدا غيفارا في «الرومانس الثوري» مثل رامبو في الشعر. هذا الاخير تعددت اقنعته الى حد ان الكاتب الفرنسي إيتامبل اصدر كتاباً عنوانه «أساطير رامبو». اراد القول ان اسطورة صاحب «المركب الثمل» لم تكن واحدة بل متعددة، لكنها كلها كانت مصطنعة وليس في الأمر اسطورة ولا من يحزنون. ويبيّن ايتامبل ان بعض المؤرخين والكتاب حين يكتبون عن رامبو إنما يكتبون عن انفسهم ورغباتهم وعما يطلبون من رامبو أن يكونه اولا واخيراً. هنا لا يعود غريبا ان يلاحظ ايتامبل ان الكاثوليكي كلوديل هو من اكتشف كاثوليكية رامبو، والسوريالي اندريه بروتون هو الذي تحدث عن سريالية رامبو وكتاباته التلقائية واعتبره الشيوعيون بلشفيا والاسلام صنّفه مسلما وكذا الصوفيون والعرب والملحدون والهيبيون والثوريون. كل جماعة تجد فيه الرمز المناسب، الصورة الجديدة التي «أضافتها» مجلة «الاكسبرس» الفرنسية الى «أقنعة» غيفارا أنه كان مجرماً. هذه الإضافة اثارت مناقشة حامية مع انها ليست جديدة.
إن كان جميع محبي غيفارا يفهمون ويعرفون ان المناضل الثوري مرّ في ظروف قاسية أجبرته بإرادته أو مكرهاً على ارتكاب فعل القتل والقيام بأعمال أقلّ ما يقال فيها إنها غير انسانية أو بعيدة عن معايير الخير. قد يقول البعض «انه منطق الحرب» وقد يرفض البعض الآخر ويؤكد ان أي فعل قتل جريمة في حق الانسانية. لكن اعترافات رفاق درب غيفارا في مجلة «اكسبرس» تبين وجهه الخفي. تنشر المجلة اعترافات لمعاونيه ورفاقه في السلاح، دخلوا مرحلة الشيخوخة وقبل أن يغادروا أن يقولوا ما لا يعرفه أحد عن «رفيقهم» المناضل الذي صار لقبه «تشي غيفارا». نعلم ان الكثير من القتلة في العالم اصبحوا «قديسين» في نظر مناصريهم، الأرجح ان غيفارا ليس بعيدا عنهم.
صورة غيفارا الثوري الصغير طغت على صورة ماو تسي تونغ الثوري الجبار، فالأول كان نجماً والثاني قلب معايير الحياة في بلد يحتضن ربع سكان العالم، وبين الاثنين كان المشترك «ان الثورة تنطلق من فوهة البندقية»، وان كانت شعارهما الاشتراكية. اشتراكيتهما تشبه ديمقراطية جورج بوش إذا جاز التعبير.
غيفارا الحاضر في زمننا هو غيفارا الصورة المستهلكة القائمة على الوهم، وهم فحسب، في مجتمع الاستعراض بحسب غي ديبور.

ليست هناك تعليقات