ترجمة مبارك وساط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ثمّة لحظاتٌ غريبة، فريدة، وتكاد تكون مدهشة ومضحكة. فهذا رجلٌ يَمشي في الظّهيرة حام...

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ثمّة لحظاتٌ غريبة، فريدة، وتكاد تكون مدهشة ومضحكة.
فهذا رجلٌ يَمشي في الظّهيرة حاملا سَلَّةً على رأسه،
والسّلّة تُخْفي وَجْهه كُلّه
فكما لو أنّهُ بلا رأسٍ
أو أنّه أراد التّنكّر جاعِلا لنفسِه رأسًا مُخيفًا،
بلا عَيْنَيْن،
وبعيون كثيرة.
وهذا آخرُ، يتفسّح حالِمًا وقتَ الغروب،
يَعْثُرُ في مكانٍ ما، فَتَنِدّ عنه شتيمة،
ويعود إلى الخلف، ويبحث؛ - إنّه
حجرٌ جِدُّ صغير؛ يرفعه إلى فوق، يَطبع عليه قُبلة،
ثمّ فجأةً يشعر بالقلق: فلربّما كان شخصٌ آخر
قد باغَتَه في أثناء فعله ذاك.
يبتعد في حال مَنْ أَقْدَمَ على ذنب.
وهذه امرأةٌ تُدْخِلُ يدها في جَيْبِها، فلا تَجد فيه شيئًا،
تُخْرِجُ يدها، تَرفعها، تُمعنُ فيها النّظر:
ترى اليد وقد تكاثر عليها غبارُ الفراغ.
وهذا نادلٌ أغلق راحة يَده على ذُبابة،
فهو لا يَشُدُّها؛
يُنادِيه زبون، يَكون قد نسي الذّبابة،
يبسط كفّه، تطير الذّبابة وتَحُطُّ على الكأس.
وهذه ورقة تتقلّب متحرّكةً في الشّارع بِتردُّد،
متوقّفةً بين الفَيْنَةِ والأُخْرَى،
دون أن تثير انتباهَ أيٍّ كان – وهذا يُعْجِبُها.
إلّا أنّها، في كلّ لحظة،
تُصدر قرقعةً خاصّة، وبهذا تُكَذِّبُ نفسها،
إذ تبدو كأنّها تبحث أيْضًا
عن شاهدٍ ما، لا يَزْوَرُّ عن الصِّدق
يُعاينُ حَرَكَتَهَا البطيئة، الغامضة
ولكلٍّ من هذه الواقعات جمالُها المنعزل، اللايُفَسَّر،
والألمُ العميق جدًّا الذي تنضَحُ به
إنّما هو نابع من حركاتنا الشخصية، الغريبة
والمجهولة – أليس كذلك؟
ليست هناك تعليقات