ترجمة: محمد بنيس
عن الحياة
العـيْنان
صرخةُ الغُراب صرخةُ عَينـيْن في حـدَاد جعلتهما القبضـتان غائرتـيْن:
الضجيجُ نفسُه تحت الجفنيْن المُطبقيْن، فيهما الشتاء الشاحبُ نفسُه ينتظرُ
عيناك تُحاذيان عينيّ؛ تزْحفان حتى تبلغا عينيّ
بحثاً عن نقطة رؤيةٍ محجُوبةٍ فيها كنتُ أحببْتُ أنْ أظهرَ ثم عيناك كانتا تغتاظانِ
حيوانُ الحدَقتيْن المرنُ، كلُّ عنف الجنس الآخر يُختصَر فيه؛ لكن العينين المطوّقـتيْن بالذاكرة، السريعتيْن كالطائر، العينيْن أصْبحتا مشدودتيْن أسيرتيْن بقيْد العظامْ
صرخة الغُراب الصرخةُ نفسُها تحت الجفنـيْن المُطبقـيْن فيهما الشتاءُ الشاحبُ الذي يتذكّرهُ ينامْ
أنتِ
قريبةً مني، هناكَ حيث لا أريدُ أنْ أكونَ، غالباً ما تقفـينَ.
أنتِ بسبب الخوْف لا توجَدين في العالم، وأنا باللامبالاة والجرأة.
اتْركيني! أُجمّعُ نفسي في الهُروب، أجدُ مكاني في الحادثة، وأكْرهُ الخطأ الشنيعَ المتبادلَ.
القلبُ في الليل كأعرجَ القلبُ يريدُ أنْ يتيهَ وحدهُ.
شبحٌ أساسيّ.
المَحْـو
وجهُكِ يتحـــوّلُ مـــرة أخــــرى قطاً؛ كلُّ شـيْء يتفسّخُ ويرجعُ ألف سنة إلى الوراء. أسنانُكِ تشرقُ كصباحٍ منَ الشمال، وسَحْنتُكِ زينةٌ باهرةٌ أصْليةٌ.
عن قُرب ــ يصعُبُ تمييزُ قسماتها بقدر ما هو أنتِ كلّكِ، خلال لحظة غريبة، يتلاشَى الجمالُ المتأخرُ.
لبؤة ذاتُ شعَر منَ ورق الصفصاف، لبؤةٌ
تتبخّر الحياة.
عاريّان تحت بيتٍ كبيرٍ منَ الثلجْ
تعْلمــين
تعلمينَ عندما نخترقُ رياحَ قناطر نهْر السّين
حيث حدائقُ الملك مفتوحةٌ للعُمومْ
سيكُون ثمة على الدّوام أطفالٌ بقلبٍ هادئٍ
أثناء قلقكِ الشديد سيقفُون إلى جانب حوْضِ الماءِ
الشاطئِ المُبلطِ حيثُ العطلة دائمةٌ
وأنتِ تظنّين أنّ كلّ شيء جيدٌ وأن الأيامَ متشابهةْ
............................................
كما الحيوانُ ينكمشُ على نفْسه رافعاً نحوكِ
نظرتَه يتوسّل أن ينفجر الضميرُ
متعجّلاً تتركُ العيْنَ مرفوعة نحو الغياب
أهكذا الشيخوخة تقرّبها من الموتِ
في هذا الطريقِ المغْلق للزمن عندما ينتهي الاختبارُ
عندما بتُؤدة ينفتح بْرُونْز المستقبلِ
............................................
أيها الليليّونَ يا رُفقاءَ الضيْق الساهرُون عليهِ
كما كانت مغادراتُنا قديماً تعلنُ عن موْتى
عندما فوق الشاطئ الضيّق بين الأمواج والرياح
هيَ وهوَ يتخلّصان مرهقـيْن من هذه الأيام الحميمة
في نفَس له في النهاية شكلُ صرخةٍ : أكرهُكْ
أيها الليليونَ يا رفقاءُ أعرفُ حالاتِ ضيْقكُمْ
مُمدَّدون
لا أتوقّفُ عن افْتقادكِ على بُعدِ هذه الغُرفةِ في الفُندقِ
حيث عاريةً ومُلتفِتةً صرخْتِ في وجهيَ اذهبْ
لم أعد أتذكّر خصامَنا، خطئي
لكن ورقَ الحائطِ، ظهرَكِ المُنحني
الطبيعةَ الميّـتةَ التي تتكوّنُ من النهار والخزانةَ،
واعتقادي غيرَ المؤْلم وأنا واقفٌ بأنّني سأراكِ من جديدْ
العَاري
لحْمي، بوُدي لو أكتبُ لكِ عن العُري. يجب أن أنطلق بصراحة مرة أخرى للدخول في سؤال ـ ما هو المتخيل. ما هو العاري في الرسم في النحت؟ هذا الورْكُ منْ رسْم فيلاسْكيز، لكن دعاية ديم للملابس الداخلية في التلفزة أوْ أنتِ من لحم وعظم، وكيف الرغبة تُهيّج التمثيل...
هذا الذي تؤولُ إليه كما إلى الشيْء نفْسه امرأةٌ من لحْم أو امرأة من ورَق، هذا الذي نفسهُ، ما هو، الذي يؤدي إلى أن يجعل العابرَ يُلقي نظرة متعجّلة على حُنجرةِ تمثالِ عرْض الأزياء البلاستيكيّ في واجهة الأروقة أو حتّى في صورة شريط سينمائي على مُلصق؟
ليس ثمة ما يُرى، ومع ذلك ظهَر المرغوبُ فيه، هذا نفسُه، صورةُ ما يثير ويجعلُ التي تظهر جميلة. الرغبةُ والصورةُ تخترع كل منهما سواها. أنتِ الآنَ، أو كنتِ، الصورةَ، وهو الرغبة؛ هكذا يستمرّ الدوْران في الحبّ موزّعيْن. ثم قابليْن للانْعكَاس. كانت الرغبةُ تبحث عن الصورة لترغب؛ الصورةُ تبحث عن الرغبة لتظهر. أسمّي الصورة ما يجعل المرأة تظهر امرأة عارية، يؤلف العريُ بين الجميل والرغبة؛ الشّبيهُ مرغوبٌ فيه. (يقال إن الأشياء الممنوعة على الرغبة التي تحرمها من رموز هي أولُ ما تُعرف به، تُجبرُ الرّغبةَ على التحوّلات...)
* كاتب وشاعر فرنسي من مواليد باريس 23 أيار(مايو) 1930، أسس مجلة (شعر) الفرنسية.
عن الحياة
العـيْنان
صرخةُ الغُراب صرخةُ عَينـيْن في حـدَاد جعلتهما القبضـتان غائرتـيْن:
الضجيجُ نفسُه تحت الجفنيْن المُطبقيْن، فيهما الشتاء الشاحبُ نفسُه ينتظرُ
عيناك تُحاذيان عينيّ؛ تزْحفان حتى تبلغا عينيّ
بحثاً عن نقطة رؤيةٍ محجُوبةٍ فيها كنتُ أحببْتُ أنْ أظهرَ ثم عيناك كانتا تغتاظانِ
حيوانُ الحدَقتيْن المرنُ، كلُّ عنف الجنس الآخر يُختصَر فيه؛ لكن العينين المطوّقـتيْن بالذاكرة، السريعتيْن كالطائر، العينيْن أصْبحتا مشدودتيْن أسيرتيْن بقيْد العظامْ
صرخة الغُراب الصرخةُ نفسُها تحت الجفنـيْن المُطبقـيْن فيهما الشتاءُ الشاحبُ الذي يتذكّرهُ ينامْ
أنتِ
قريبةً مني، هناكَ حيث لا أريدُ أنْ أكونَ، غالباً ما تقفـينَ.
أنتِ بسبب الخوْف لا توجَدين في العالم، وأنا باللامبالاة والجرأة.
اتْركيني! أُجمّعُ نفسي في الهُروب، أجدُ مكاني في الحادثة، وأكْرهُ الخطأ الشنيعَ المتبادلَ.
القلبُ في الليل كأعرجَ القلبُ يريدُ أنْ يتيهَ وحدهُ.
شبحٌ أساسيّ.
المَحْـو
وجهُكِ يتحـــوّلُ مـــرة أخــــرى قطاً؛ كلُّ شـيْء يتفسّخُ ويرجعُ ألف سنة إلى الوراء. أسنانُكِ تشرقُ كصباحٍ منَ الشمال، وسَحْنتُكِ زينةٌ باهرةٌ أصْليةٌ.
عن قُرب ــ يصعُبُ تمييزُ قسماتها بقدر ما هو أنتِ كلّكِ، خلال لحظة غريبة، يتلاشَى الجمالُ المتأخرُ.
لبؤة ذاتُ شعَر منَ ورق الصفصاف، لبؤةٌ
تتبخّر الحياة.
عاريّان تحت بيتٍ كبيرٍ منَ الثلجْ
تعْلمــين
تعلمينَ عندما نخترقُ رياحَ قناطر نهْر السّين
حيث حدائقُ الملك مفتوحةٌ للعُمومْ
سيكُون ثمة على الدّوام أطفالٌ بقلبٍ هادئٍ
أثناء قلقكِ الشديد سيقفُون إلى جانب حوْضِ الماءِ
الشاطئِ المُبلطِ حيثُ العطلة دائمةٌ
وأنتِ تظنّين أنّ كلّ شيء جيدٌ وأن الأيامَ متشابهةْ
............................................
كما الحيوانُ ينكمشُ على نفْسه رافعاً نحوكِ
نظرتَه يتوسّل أن ينفجر الضميرُ
متعجّلاً تتركُ العيْنَ مرفوعة نحو الغياب
أهكذا الشيخوخة تقرّبها من الموتِ
في هذا الطريقِ المغْلق للزمن عندما ينتهي الاختبارُ
عندما بتُؤدة ينفتح بْرُونْز المستقبلِ
............................................
أيها الليليّونَ يا رُفقاءَ الضيْق الساهرُون عليهِ
كما كانت مغادراتُنا قديماً تعلنُ عن موْتى
عندما فوق الشاطئ الضيّق بين الأمواج والرياح
هيَ وهوَ يتخلّصان مرهقـيْن من هذه الأيام الحميمة
في نفَس له في النهاية شكلُ صرخةٍ : أكرهُكْ
أيها الليليونَ يا رفقاءُ أعرفُ حالاتِ ضيْقكُمْ
مُمدَّدون
لا أتوقّفُ عن افْتقادكِ على بُعدِ هذه الغُرفةِ في الفُندقِ
حيث عاريةً ومُلتفِتةً صرخْتِ في وجهيَ اذهبْ
لم أعد أتذكّر خصامَنا، خطئي
لكن ورقَ الحائطِ، ظهرَكِ المُنحني
الطبيعةَ الميّـتةَ التي تتكوّنُ من النهار والخزانةَ،
واعتقادي غيرَ المؤْلم وأنا واقفٌ بأنّني سأراكِ من جديدْ
العَاري
لحْمي، بوُدي لو أكتبُ لكِ عن العُري. يجب أن أنطلق بصراحة مرة أخرى للدخول في سؤال ـ ما هو المتخيل. ما هو العاري في الرسم في النحت؟ هذا الورْكُ منْ رسْم فيلاسْكيز، لكن دعاية ديم للملابس الداخلية في التلفزة أوْ أنتِ من لحم وعظم، وكيف الرغبة تُهيّج التمثيل...
هذا الذي تؤولُ إليه كما إلى الشيْء نفْسه امرأةٌ من لحْم أو امرأة من ورَق، هذا الذي نفسهُ، ما هو، الذي يؤدي إلى أن يجعل العابرَ يُلقي نظرة متعجّلة على حُنجرةِ تمثالِ عرْض الأزياء البلاستيكيّ في واجهة الأروقة أو حتّى في صورة شريط سينمائي على مُلصق؟
ليس ثمة ما يُرى، ومع ذلك ظهَر المرغوبُ فيه، هذا نفسُه، صورةُ ما يثير ويجعلُ التي تظهر جميلة. الرغبةُ والصورةُ تخترع كل منهما سواها. أنتِ الآنَ، أو كنتِ، الصورةَ، وهو الرغبة؛ هكذا يستمرّ الدوْران في الحبّ موزّعيْن. ثم قابليْن للانْعكَاس. كانت الرغبةُ تبحث عن الصورة لترغب؛ الصورةُ تبحث عن الرغبة لتظهر. أسمّي الصورة ما يجعل المرأة تظهر امرأة عارية، يؤلف العريُ بين الجميل والرغبة؛ الشّبيهُ مرغوبٌ فيه. (يقال إن الأشياء الممنوعة على الرغبة التي تحرمها من رموز هي أولُ ما تُعرف به، تُجبرُ الرّغبةَ على التحوّلات...)
* كاتب وشاعر فرنسي من مواليد باريس 23 أيار(مايو) 1930، أسس مجلة (شعر) الفرنسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق