صدر عن المركز المدنيّ للمبادرة الوطنيّة البيان الآتي:
أيّها اللبنانيّون
لقد حدّد المركز المدنيّ للمبادرة الوطنيّة هدفاً أساسيّاً من أهدافه هو إيضاح الموقف الوطنيّ من القضايا العامّة، الموقف الوطنيّ لا الموقف الشخصيّ أو الحزبيّ أو الفئويّ. وهذا ما نحاول تقديمه في هذا البيان بالنسبة إلى موضوع قانون الانتخاب فنقول:
ما لم تقله كلمة ميشال عون الموجّهة إلى اللبنانيّين يساوي ما قالته بل يفوقه أهمّيّةً.
تأجيل انعقاد جلسات المجلس المنحلّ شهراً واحداً لا محلّ للجدال في أصوله إذْ لا أصول في هذه الحالة:
مجلسٌ منحلّ، دستوريّاً ومعنويّاً وعمليّاً، ينتخب رئيساً للجمهوريّة يقرّر تأجيل جلسات المجلس المنحلّ شهراً واحداً.
الجدال في تعليل القرار، لا في أصول لا محلّ لها من الإعراب في هذه الغابة، إذْ إنّ المسألة المطروحة هي في الفائدة والضرر لا في الشرعيّة المفقودة.
1- من واجب مجلسٍ للنوّاب، في نظامنا البرلمانيّ، أن يضع قانون الانتخاب تبعاً لما ينصّ عليه الدستور، ومن المستحسن أنْ يكون ذلك الوضع بالتوافق على القانون وإلاّ يكن الوضع بالتصويت. أمّا النصّ على التوافق كأنّه شرطٌ في ذلك الوضع فليس من الدستور بشيء، وهو في الواقع مخالف للدستور إذ يعطي هذا المجلس صلاحيّة الاستنساب في وضع ذلك القانون أو في عدم وضعه. وهذا ما ليس له. فكيف يكون لهذا المجلس ذلك الشرف والترف، خصوصاً أنه مجلس غاصب منحلّ يتوجّب إكراهه على تسليم القانون المخطوف في أسرع وقت تحت طائلة انتهاك الدستور بالإهمال (par omission).
2- من الأصول في ذلك الوضع المناقشةُ العامّة في موضوع التشريع، أمّا القول بالحوار فيه فهو كلام سياسيّ مبتذل. فالحوار إنما هو أفقُ توجيهٍ في المناقشات العامة والخاصّة وليس واقعاً بالفعل حتّى يكون شرطاً في تلك المناقشات. وليس لرئيسِ دولةٍ أن يكون كلامه من جنس ذلك الكلام المبتذل ولا أنْ يطمس الحقيقة فيسمّي المساومات بغاية المحاصّة باسم الحوار.
3- القانون المطلوب محكوم بالقانون الأعلى الذي هو الدستور. ولا محلّ للقول بالميثاق حاكماً ثانياً للقوانين إلاّ من نافل القول إذْ إنّ الميثاق، أي حقوق اللبنانيّين وواجباتهم قد تضمّنه الدستور نفسه، لا أنّ هناك شيئاً اسمه الميثاق إضافةً إلى الدستور. فمرّةً أخرى ليس هذا الكلام سوى كلام سياسيّ مبتذل بل هو هذه المرّة من نوع الأساطير التي يروّج لها ساسة صغار بهدف فرض امتيازات تنسف مبدأ المساواة بين اللبنانيّين.
هذا بالنسبة إلى ما قالته تلك الكلمة أمّا بالنسبة إلى ما لم تقله:
1- المناصفة: المناصفة كما هو واضح في نصّ الدستور إنّما هي إجراء انتقاليّ وصولاً إلى أنْ يكون التمثيل السياسيّ في برلمان من مجلسين، مجلس نوّاب محرّر من القيد الطائفيّ يمثّل اللبنانيّين بما هم في شعب واحد ومجلس شيوخ يمثّل اللبنانيّين بما هم في طوائف. وهذه المناصفة قد أتت مشروطةً بشرطين اثنين: الأوّل هو أنّ الدائرة الانتخابيّة هي المحافظة والثاني هو أنّ تلك المحافظات يجب أنْ تحفظ العيش المشترك لا أنْ تكون على أساس الفرز الطائفيّ. وهذا ما لم يقلْه ميشال عون وهذا ما كان عليه أنْ يقوله خصوصاً في مقابل ما يقوله من يأتمرون بأمره، سواء أكانوا كذلك بالفعل أم كانت تلك صورتهم في أذهان اللبنانيّين.
2- العدديّة: ليست العدديّة سوى الطائفيّة نفسها. فالمناصفة قد أتت استثناءً على القاعدة الطائفيّة، أي على العدديّة، في المرحلة الانتقاليّة التي يجب أنْ تقود إلى تجاوز الطائفيّة. نقول إنّ العدديّة هي القاعدة الطائفيّة نفسها، وهذا ما هو معروف لا في تاريخ لبنان الجمهوريّة بل في لبنان الكبير وفي جبل لبنان المتصرّفيّة من قبل التي أثار بروتكولها في نصّه الأوّل الذي أخذ بالمساواة في تمثيل الطوائف بغضّ النظر عن أحجامها مطالبات القيادات المارونيّة بأنْ يكون تمثيل الطوائف على أساس العدديّة. وهذا ما كان بتعديل ذلك البروتكول.
3- النسبيّة: النسبيّة بلا خلط إنّما هي أمر لازم عن تحديد الدائرة بأنّها المحافظة من جهة وعن النصّ على تمثيل شتّى فئات الشعب وأجياله من جهة ثانية. والفئات هنا ليست الطوائف والمناطق، هذه الطوائف والمناطق التي حدّد معايير تمثيلها القانون تحديداً كميّاً واضحاً سابقاً على العمليّة الانتخابيّة. المقصود بالفئات والأجيال هنا هو الفئات الاجتماعيّة: النساء لا الرجال فحسب، الشباب لا الشيوخ فحسب، العاملون لا أرباب العمل فحسب. وهو مطلب يكون تأمينه بنتيجة العمليّة الانتخابيّة الملائمة لا بأحكام كميّة مسبقة في القانون، ولا سبيل إلى توفير ذلك التمثيل إلاّ بالنسبيّة بلا خلط.
4- إنّ أيّ فهم للمناصفة ينقض طابعها الانتقاليّ أنّما هو انتهاك للدستور، وهو سلوك عنصريّ محض إذْ ينقض المساواة بين اللبنانييّن. وفي أيّ حال، أين نجد هذه المواجهة بين معسكر مسيحيّ موحّد ومعسكر إسلاميّ موحّد إلاّ في الأحلام المريضة لتجّار الطائفيّة الذين يحوّلون أحلامهم المريضة إلى كوابيس تجثم على صدور جمهور الطائفة التي يتاجرون بحقوقها؟
وأيّ تجاوز للطائفيّة من وراء الأخذ بالمناصفة إذا زدنا قيداً طائفيّاً على الناخبين إلى القيد الطائفيّ على المرشّحين. إنّها لوقاحة وحقارة في آن معاً.
والخلاصة في ما ترك ميشال عون القول فيه، وهو الذي كنّا نأمل ونسعى إلى أنْ يكتسب الشرعيّة بعمله بعد أنْ فاته اكتسابها بانتخابه من جانب مجلس نوّاب منحلّ، الخلاصة هي أنّ ميشال عون قد أفسح بذلك الترك المجال للتعبئة الطائفيّة التي يقوم بها من يأتمرون بأمره. وهذا الإخفاق له ما بعده الكثير.
أيّها اللبنانيّون،
معلومٌ أنّ السلطة الحاليّة لا شرعيّة لها. إنّها سلطة قائمة بقوّة السلاح، السلاح الخفيّ أو السلاح الظاهر، سلاح القوّات المسلّحة أو سلاح العصابات.
فما العمل؟ ما العمل لتطبيق الدستور والقوانين في إعادة تكوين السلطة الشرعيّة المفقودة؟
النظام الدستوريّ ينصّ على تكوين السلطة بالعودة إلى الشعب بالمعنى الدستوريّ، أي إلى الهيئات الناخبة. لكنّ هذه الهيئات، بحسب النظام، لا تدعو نفسها بنفسها ولا تُحدّد بنفسها أحكام العمليّة الانتخابيّة ومواعيد هذه العمليّة. ما العمل إذاً في ظلّ فقدان السلطة الشرعيّة التي تحتاج إليها عمليّة إعادة تكوين السلطة؟
ما العمل إذا كان تعطيل عمل المؤسّسة الدستوريّة الشرعيّة الوحيدة، أي الهيئات الناخبة، هو تعطيل مقصود، والقائم بالتعطيل هو السلطة اللاشرعيّة القائمة بقوّة السلاح؟
ينصّ الدستور نصّاً صريحاً على لا شرعيّة السلطة التي تناقض ميثاق العيش المشترك بين اللبنانيّين، أي التي تناقض الدستور نفسه في ما نصّ عليه من حقوق وواجبات. لكنّ الدستور لا يفصّل في ما يترتّب على لا شرعيّة السلطة وإنْ كان معنى ما ينصّ عليه هو إباحة بل وجوب مقاومة السلطة اللاشرعيّة مقاومةً مدنيّة، ووجوب العمل، دون إبطاء، على إعادة تكوين السلطة تكويناّ شرعيّاً.
ما العمل؟
من الغلط بل من المغالطة أنْ نحصر أسباب انهيار النظام بما هو عابر من الأسباب. فما نحن فيه قد صرنا إليه في مسار مكشوف. خلاصة هذا المسار هي استيلاء العصابات الطائفيّة لا على مقدّرات الحكم والإدارة فحسب بل على مقدّرات المجتمع. وذلك باختطاف النظام الدستوريّ الذي هو نظام مدنيّ في الأصل والغاية، وفرض تطبيقه نظاماً طائفيّاً محكم الانغلاق، وإقامة الحواجز المنيعة بين اللبنانيّين، بحرب مكشوفة بأسلحة مادّيّة أو بحرب خفيّة بأسلحة معنويّة وسياسيّة. وهو المسار المحكوم بفقدان استقلال اللبنانيّين وخضوعهم لصراعات الدول الأجنبيّة المتنافسة على استتباعهم واستخدامهم في تلك الصراعات.
العمل المطلوب هو العمل الذي يقود إلى إقامة النظام بصيغته المدنيّة، وهو عمل مقاومة مدنيّة من جهة أولى وعمل بناء للدولة من جهة ثانية.
إنّنا ندعو المعنيّين بهذه المقاومة إلى الإعداد لها بكلّ وسيلة سلميّة قانونيّة: في خطوات واضحة هي في المتناول تنتظر تشاور المعنيّين وصحّةَ القصد.
إنّها مقاومة إذْ إنّها لتطبيق الدستور وليست عصياناً لحكم يحكم بحسب قانون عادل أو جائر.
إنّ هذا الحكم الذي هو بعكس الحكم من حيث عجزه وتسلّطه في آنٍ معاً هو أقلّ من أنْ يجعلنا عصاةً له.
إنّه أنقاضٌ واجبنا أنْ نرفعها ونلقيها جانباً، لكي يكون الطريق مفتوحاً أمام المشروع اللبنانيّ، مشروع الشعب ومشروع الدولة.
المركز المدني للمبادرة الوطنيّة
بيروت في 18 نيسان 2017
3
أيّها اللبنانيّون
لقد حدّد المركز المدنيّ للمبادرة الوطنيّة هدفاً أساسيّاً من أهدافه هو إيضاح الموقف الوطنيّ من القضايا العامّة، الموقف الوطنيّ لا الموقف الشخصيّ أو الحزبيّ أو الفئويّ. وهذا ما نحاول تقديمه في هذا البيان بالنسبة إلى موضوع قانون الانتخاب فنقول:
ما لم تقله كلمة ميشال عون الموجّهة إلى اللبنانيّين يساوي ما قالته بل يفوقه أهمّيّةً.
تأجيل انعقاد جلسات المجلس المنحلّ شهراً واحداً لا محلّ للجدال في أصوله إذْ لا أصول في هذه الحالة:
مجلسٌ منحلّ، دستوريّاً ومعنويّاً وعمليّاً، ينتخب رئيساً للجمهوريّة يقرّر تأجيل جلسات المجلس المنحلّ شهراً واحداً.
الجدال في تعليل القرار، لا في أصول لا محلّ لها من الإعراب في هذه الغابة، إذْ إنّ المسألة المطروحة هي في الفائدة والضرر لا في الشرعيّة المفقودة.
1- من واجب مجلسٍ للنوّاب، في نظامنا البرلمانيّ، أن يضع قانون الانتخاب تبعاً لما ينصّ عليه الدستور، ومن المستحسن أنْ يكون ذلك الوضع بالتوافق على القانون وإلاّ يكن الوضع بالتصويت. أمّا النصّ على التوافق كأنّه شرطٌ في ذلك الوضع فليس من الدستور بشيء، وهو في الواقع مخالف للدستور إذ يعطي هذا المجلس صلاحيّة الاستنساب في وضع ذلك القانون أو في عدم وضعه. وهذا ما ليس له. فكيف يكون لهذا المجلس ذلك الشرف والترف، خصوصاً أنه مجلس غاصب منحلّ يتوجّب إكراهه على تسليم القانون المخطوف في أسرع وقت تحت طائلة انتهاك الدستور بالإهمال (par omission).
2- من الأصول في ذلك الوضع المناقشةُ العامّة في موضوع التشريع، أمّا القول بالحوار فيه فهو كلام سياسيّ مبتذل. فالحوار إنما هو أفقُ توجيهٍ في المناقشات العامة والخاصّة وليس واقعاً بالفعل حتّى يكون شرطاً في تلك المناقشات. وليس لرئيسِ دولةٍ أن يكون كلامه من جنس ذلك الكلام المبتذل ولا أنْ يطمس الحقيقة فيسمّي المساومات بغاية المحاصّة باسم الحوار.
3- القانون المطلوب محكوم بالقانون الأعلى الذي هو الدستور. ولا محلّ للقول بالميثاق حاكماً ثانياً للقوانين إلاّ من نافل القول إذْ إنّ الميثاق، أي حقوق اللبنانيّين وواجباتهم قد تضمّنه الدستور نفسه، لا أنّ هناك شيئاً اسمه الميثاق إضافةً إلى الدستور. فمرّةً أخرى ليس هذا الكلام سوى كلام سياسيّ مبتذل بل هو هذه المرّة من نوع الأساطير التي يروّج لها ساسة صغار بهدف فرض امتيازات تنسف مبدأ المساواة بين اللبنانيّين.
هذا بالنسبة إلى ما قالته تلك الكلمة أمّا بالنسبة إلى ما لم تقله:
1- المناصفة: المناصفة كما هو واضح في نصّ الدستور إنّما هي إجراء انتقاليّ وصولاً إلى أنْ يكون التمثيل السياسيّ في برلمان من مجلسين، مجلس نوّاب محرّر من القيد الطائفيّ يمثّل اللبنانيّين بما هم في شعب واحد ومجلس شيوخ يمثّل اللبنانيّين بما هم في طوائف. وهذه المناصفة قد أتت مشروطةً بشرطين اثنين: الأوّل هو أنّ الدائرة الانتخابيّة هي المحافظة والثاني هو أنّ تلك المحافظات يجب أنْ تحفظ العيش المشترك لا أنْ تكون على أساس الفرز الطائفيّ. وهذا ما لم يقلْه ميشال عون وهذا ما كان عليه أنْ يقوله خصوصاً في مقابل ما يقوله من يأتمرون بأمره، سواء أكانوا كذلك بالفعل أم كانت تلك صورتهم في أذهان اللبنانيّين.
2- العدديّة: ليست العدديّة سوى الطائفيّة نفسها. فالمناصفة قد أتت استثناءً على القاعدة الطائفيّة، أي على العدديّة، في المرحلة الانتقاليّة التي يجب أنْ تقود إلى تجاوز الطائفيّة. نقول إنّ العدديّة هي القاعدة الطائفيّة نفسها، وهذا ما هو معروف لا في تاريخ لبنان الجمهوريّة بل في لبنان الكبير وفي جبل لبنان المتصرّفيّة من قبل التي أثار بروتكولها في نصّه الأوّل الذي أخذ بالمساواة في تمثيل الطوائف بغضّ النظر عن أحجامها مطالبات القيادات المارونيّة بأنْ يكون تمثيل الطوائف على أساس العدديّة. وهذا ما كان بتعديل ذلك البروتكول.
3- النسبيّة: النسبيّة بلا خلط إنّما هي أمر لازم عن تحديد الدائرة بأنّها المحافظة من جهة وعن النصّ على تمثيل شتّى فئات الشعب وأجياله من جهة ثانية. والفئات هنا ليست الطوائف والمناطق، هذه الطوائف والمناطق التي حدّد معايير تمثيلها القانون تحديداً كميّاً واضحاً سابقاً على العمليّة الانتخابيّة. المقصود بالفئات والأجيال هنا هو الفئات الاجتماعيّة: النساء لا الرجال فحسب، الشباب لا الشيوخ فحسب، العاملون لا أرباب العمل فحسب. وهو مطلب يكون تأمينه بنتيجة العمليّة الانتخابيّة الملائمة لا بأحكام كميّة مسبقة في القانون، ولا سبيل إلى توفير ذلك التمثيل إلاّ بالنسبيّة بلا خلط.
4- إنّ أيّ فهم للمناصفة ينقض طابعها الانتقاليّ أنّما هو انتهاك للدستور، وهو سلوك عنصريّ محض إذْ ينقض المساواة بين اللبنانييّن. وفي أيّ حال، أين نجد هذه المواجهة بين معسكر مسيحيّ موحّد ومعسكر إسلاميّ موحّد إلاّ في الأحلام المريضة لتجّار الطائفيّة الذين يحوّلون أحلامهم المريضة إلى كوابيس تجثم على صدور جمهور الطائفة التي يتاجرون بحقوقها؟
وأيّ تجاوز للطائفيّة من وراء الأخذ بالمناصفة إذا زدنا قيداً طائفيّاً على الناخبين إلى القيد الطائفيّ على المرشّحين. إنّها لوقاحة وحقارة في آن معاً.
والخلاصة في ما ترك ميشال عون القول فيه، وهو الذي كنّا نأمل ونسعى إلى أنْ يكتسب الشرعيّة بعمله بعد أنْ فاته اكتسابها بانتخابه من جانب مجلس نوّاب منحلّ، الخلاصة هي أنّ ميشال عون قد أفسح بذلك الترك المجال للتعبئة الطائفيّة التي يقوم بها من يأتمرون بأمره. وهذا الإخفاق له ما بعده الكثير.
أيّها اللبنانيّون،
معلومٌ أنّ السلطة الحاليّة لا شرعيّة لها. إنّها سلطة قائمة بقوّة السلاح، السلاح الخفيّ أو السلاح الظاهر، سلاح القوّات المسلّحة أو سلاح العصابات.
فما العمل؟ ما العمل لتطبيق الدستور والقوانين في إعادة تكوين السلطة الشرعيّة المفقودة؟
النظام الدستوريّ ينصّ على تكوين السلطة بالعودة إلى الشعب بالمعنى الدستوريّ، أي إلى الهيئات الناخبة. لكنّ هذه الهيئات، بحسب النظام، لا تدعو نفسها بنفسها ولا تُحدّد بنفسها أحكام العمليّة الانتخابيّة ومواعيد هذه العمليّة. ما العمل إذاً في ظلّ فقدان السلطة الشرعيّة التي تحتاج إليها عمليّة إعادة تكوين السلطة؟
ما العمل إذا كان تعطيل عمل المؤسّسة الدستوريّة الشرعيّة الوحيدة، أي الهيئات الناخبة، هو تعطيل مقصود، والقائم بالتعطيل هو السلطة اللاشرعيّة القائمة بقوّة السلاح؟
ينصّ الدستور نصّاً صريحاً على لا شرعيّة السلطة التي تناقض ميثاق العيش المشترك بين اللبنانيّين، أي التي تناقض الدستور نفسه في ما نصّ عليه من حقوق وواجبات. لكنّ الدستور لا يفصّل في ما يترتّب على لا شرعيّة السلطة وإنْ كان معنى ما ينصّ عليه هو إباحة بل وجوب مقاومة السلطة اللاشرعيّة مقاومةً مدنيّة، ووجوب العمل، دون إبطاء، على إعادة تكوين السلطة تكويناّ شرعيّاً.
ما العمل؟
من الغلط بل من المغالطة أنْ نحصر أسباب انهيار النظام بما هو عابر من الأسباب. فما نحن فيه قد صرنا إليه في مسار مكشوف. خلاصة هذا المسار هي استيلاء العصابات الطائفيّة لا على مقدّرات الحكم والإدارة فحسب بل على مقدّرات المجتمع. وذلك باختطاف النظام الدستوريّ الذي هو نظام مدنيّ في الأصل والغاية، وفرض تطبيقه نظاماً طائفيّاً محكم الانغلاق، وإقامة الحواجز المنيعة بين اللبنانيّين، بحرب مكشوفة بأسلحة مادّيّة أو بحرب خفيّة بأسلحة معنويّة وسياسيّة. وهو المسار المحكوم بفقدان استقلال اللبنانيّين وخضوعهم لصراعات الدول الأجنبيّة المتنافسة على استتباعهم واستخدامهم في تلك الصراعات.
العمل المطلوب هو العمل الذي يقود إلى إقامة النظام بصيغته المدنيّة، وهو عمل مقاومة مدنيّة من جهة أولى وعمل بناء للدولة من جهة ثانية.
إنّنا ندعو المعنيّين بهذه المقاومة إلى الإعداد لها بكلّ وسيلة سلميّة قانونيّة: في خطوات واضحة هي في المتناول تنتظر تشاور المعنيّين وصحّةَ القصد.
إنّها مقاومة إذْ إنّها لتطبيق الدستور وليست عصياناً لحكم يحكم بحسب قانون عادل أو جائر.
إنّ هذا الحكم الذي هو بعكس الحكم من حيث عجزه وتسلّطه في آنٍ معاً هو أقلّ من أنْ يجعلنا عصاةً له.
إنّه أنقاضٌ واجبنا أنْ نرفعها ونلقيها جانباً، لكي يكون الطريق مفتوحاً أمام المشروع اللبنانيّ، مشروع الشعب ومشروع الدولة.
المركز المدني للمبادرة الوطنيّة
بيروت في 18 نيسان 2017
3