نوال الغانم
من كتاب مختارات من الشعر العالمي لمحمد بن صالح بن عمر
ولدت نوال الغانم في 31 جانفي / كانون الثاني ببغداد ( العراق).قضّت طفولتها بنونوى ( بالشّمال الغربيّ للعراق ) . تقيم الآن بسيدناي ( أستراليا). حاصلة على الماجستير في تخطيط المدن من جامعة بغداد . عملت مديرة وأستاذة ببعض ثانويّات بغداد. تشتغل حاليّا في قطاع الإعلام.تتوزّعها موهبتان على نحو متعادل : الشّعر والفنّ التّشكيليّ .تكشف قصائدها عن تمزّق شديد في مستويين :أحدهما بين ضرورة التّأقلم مع البلد المضيّف والارتباط الوثيق بالأرض الأمّ والآخر بين الألم الذي تحسّ به إزاء الأوضاع المتدهورة في بلدها وإيمانها القويّ بقدرته على النّهوض من كبوته. أسلوبيّا يفصح شعرها عن قوّة شخصيّة وطول نفَس لافتين غالبا ما يتجسدّان في فيض من الصّور المتداخلة المربكة التي تتوالى على نحو سريع من بداية النّصّ إلى نهايته.
موجزٌ من ضوءِ الشّمس
1في المنفى،
أتمنّى أن أستيقظ،
فأجدَ سقفَ الصّباح
بغداديّاً.
ياهٍ،
حتّى ثوبُ البهجةِ أسودُ،
حتّى صناديقُ رسائلِنا،
لا تحمِلُ إلينا غيرَ
طُرودِ الظّلامِ.
سأتركُ حفيفَ الهواءِ
ينحَتُ يدي
بيتاً لضياعِ العائلةِ
ما منْ ضوءٍ على قبّعاتِنا،
ما من يدٍ تُعلِّقُ النّزاهة مِزْهريّةً،
لذلكَ قمنا
بتأجيلِ مُوجَزِ ضوء الشّمس إلى نشرةِ أخبارٍ أخرى.
مِنْ مُشطِها يتساقط ُالحزنُ،
يتساقطُ الخوفُ،
نهرٌ ميّتٌ يركضُ
فوق عباءتِها الطّاعنةِ بالسّوادِ،
يا لهذا المسمارِ المعقُوفِ الذي قضّيْتُ العمرَ معلّقةً عليه.
الغبارُ الأسودُ هو الآخرُ،
جرسٌ معلَّقٌ في سقفِ البيتِ.
الحلمُ يتناثرُ
فوقَ رؤوسِنا عُشبةً خضراءَ،
لن نموتَ،
وعلى ثيابِنا يركضُ جمرُ الوردِ الأحمرْ.
2 أُضعُ المصباحَ في فمِ السّوادِ
أقولُ للظّلامِ :
الوقتُ ضيّقٌ على جسدِ ساعتي.
3 لم تعُد
الصّخرةُ المشدودةُ في قدمي،
أكثرَ من قشّةٍ
تحاولُ أن تؤخرَني عن الوصولِ.
4 من دونِ يأسٍ،
استللْتُ الفراغَ من عمودِ البيتِ،
ورسمتُ الحرّيةَ طيراً يكسِرُ القفصَ.
**************************************
الطّريقُ التي أخذتْني، أعادتْني
الطّريقُ التي أخذتْني، أعادتْني
الطريقُ التي ضيَّعَتني، عمياءُ ترُشُّ الرّمادَ
الظِّلالُ التي أمرُّ عليها، خرساءُ ومن ثيابها يتساقطُ الغرباءُ،
بلدٌ حلوٌ ولكنْ ، لايشبِهُ رائحةَ يدي،
بلدٌ ضاحِكٌ ولكنْ، لايشبهُ دمعةَ أمّي،
بلدٌ أبيضُ ولكنْ، لايشبهُ سوادَ عَباءةِ أبي
أَموتُ على العراقْ،
هلْ أُلامُ لأنّي أحبُّ العراقْ؟
***************************************
طيرٌ
طيرٌ
ينَحَتُ الفيروزَ أغنيةً
يقفُ على رأسِ تمثالٍ،
تتساقطُ من يديه
تَلْويحاتٌ ساذَجةٌ،
أقول للّونِ: كُنْ هواءً
ولجناحِ الطّيرِ : كُنْ إزميلاً
هناك مخلوقاتٌ بحاجةٍ لإعادةِ تشكيلِها
*****************************************
أيُّها العشبُ النّابتُ فوقَ أبوابِنا
أيُّها العشبُ النّابتُ فوقَ أبوابِنا
ضَعْ كتابَكَ بَينَ يَدَيَ
دَعني أملأُ أصابِعَكَ بالخواتمِ
وأعلِّقُ في رَقَبَتِكَ تمائِمَ أحلامي،
فَأنا لا أرى
غيرَكَ أخْضَرَ يسيلُ على قميصي
متى تتململُ أيّها الجليدُ
متى تتململُ،
أيّها الجليدُ الجاثمُ
على رِئةِ الوردةِ ؟
****************************************
أفعلُ هذا
أفعلُ هذا،
وَيَدِي على قلبي تتحَسَسُ الكونَ تُفّاحةً تُفّاحةً،
من غيرِ أن التفتَ إلى الصّدى الرّاكِضِ ورائي.
أُحَشِدُ الهَوى أماميَ
ومن خلفيَ المطرُ يُلقي بُرْدَتهُ
على كَتِفَي.
أقولُ وأشطُبُكَ،
أنا الكلامُ المخبوءُ تحتَ لسانِ الله
أقصدُ الضوءَ الحافرَ نهراً في جسدِ الظّلامْ