روزا ياسين حسن... عن صادق جلال العظم

alrumi.com
By -
0

رحل اليوم ذاك الذي حرّك رمال الفكر العربي الراكد لقرون بفكره العلمي الجدلي. آراؤه العلمانية المثيرة للجدل جعلته واحداً من أهم ناقدي العالم العربي ذاك الذي انحسر دور العقل فيه. الفيلسوف والكاتب والمفكر الناقد والمراقب للحاضر بكل كثافاته وتغيراته المتسارعة، ذاك الذي فضّل عبء المسؤولية الفردانية وقلق الحرية عن أمان الجموع: د.صادق جلال العظم.
كتابه "نقد الفكر الديني" 1969 ذاك الذي قُدّم بسببه إلى المحاكمة وسجن في لبنان، كتابه "ذهنية التحريم" و"مابعد ذهنية التحريم" 1992، "دفاعاً عن المادية والتاريخ"، و"ما العولمة؟"، و"في الحب والحب العذري"، كتابه الذي عشقته يوماً، وغيرها من كتبه العديدة شكّلت مفترقاً فكرياً في المشهد الفكري العربي.
صادق جلال العظم الأستاذ الزائر في العديد من جامعات أميركا وألمانيا واليابان وبلجيكا، والذي ترجمت أعماله إلى الكثير من اللغات الحية. ذاك الذي لم يتلق يوماً إلا جائزة "ليوبولد لوكاش"، للتفوق العلمي من جامعة توبينغن بألمانيا، رحل اليوم، هو "الفاحص"، بحسب رأيه، القادم من الحكمة السقراطية القائلة بأن الحياة غير المفحوصة جيداً غير جديرة بأن تعاش. لكن عملية الفحص تلك التي انتهجها بأداة العقل التساؤلي والنقدي والسجالي والمعياري لم تنحصر في حياة الأفراد والنخب، بل تعدتها لتشمل حياة الجماعات والمجتمعات والثقافات والمؤسسات. 
عن الانتماء الأممي "الكوزموبوليتي" قال صادق يوماً حكمة حقيقية: "هذه فكرة إنسانية قديمة هائلة وعظيمة، ويبدو أن زمانها قد جاء أخيراً وحان تدريجاً في عصرنا الحاضر، وأنا جزء واع كل الوعي من هذا العصر. كوزموبوليتيتي هذه تحمي وطنيتي المحددة ومواطنيتي المتعينة من التعصب والعماء، ومن أمراض التضخم الأجوف للذات الفردية والجماعية، كما إن وطنيتي هي التي تحمي كوزموبوليتيتي من أخطار التجريد المتعالي إلى حدود الفراغ. وأنا على استعداد، بالتالي، للانتماء براحة وسهولة وألفة إلى مجتمع مدني عالمي أو دولي، إن هو تشكل وأخذ أبعاده الحقيقية، إلى جانب انتمائي العفوي والتلقائي والطبيعي إلى بلدي ومدينتي وثقافتي المعروفة كلها".
الرحمة لروحك صادق جلال العظم.

عن الفايسبوك

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)