عن الفايسبوك حتى عام 2013 كان الفيس بوك مكانا قابلا لتبادل الاّراء والتهاني والمجاملات الجميلة، كنّا ننشر نصوصا وأعمالا فنية ونعقب على ...

عن الفايسبوك
حتى عام 2013 كان الفيس بوك مكانا قابلا لتبادل الاّراء والتهاني والمجاملات الجميلة، كنّا ننشر نصوصا وأعمالا فنية ونعقب على الأحداث بهدوء ، ويختلف معنا من يختلف بلطف وبعض من المحبة أو المجاملة ، كنّا نشهد مبادرات وطنية وانسانية هنا وهناك ونتفاعل معها، وكان الأمل هو سيد الموقف رغم كل شيء. يوم بعد يوم تصاعدت وتيرة العداء والكراهية وانطلق قطار الكلمات البذيئة وسادت سلطة العوام، وأصبحنا نتردد في قول اراءنا ونمشي كلما استطعنا الى جانب الحائط . وها نحن ندفع ثمن مجاملاتنا لبعض العوام والسوقة وأبناء الألفاظ الساقطة.
• بآلامس تجرأت صحيفة صفراء ومسمومة وفتحت منهولا على شكل خبر ملفق، وورطت نفسها في قضية اذا تمت ادارتها من قبل المختصين ربما سنتمكن ليس من استجداء اعتذار منها، بل من اغلاقها حتى، عبر مطالبات تعويض تفوق قدرتها على الإيفاء بها.
في هذه الأثناء، اجبر اثنان من العاملين فيها على كتابة منشورات لتبرأة أنفسهم، ثم اضطرا تحت ضغوط العوام على تقديم استقالتهما وسط موجة من التهديد والترويع والتلويح بالتصفية، في بلد ليس فيه من يرسم حدود الأمن وحماية الناس . لا اعرف كيف عاش الصديقان وعوائلهما البارحة ليلتهم وسط كل هذا التوحش والاستنطاق الفوري على الهواء، الذي لم يتوقف حتى مع اعلان الاستقالة .
هذه وحشية لا تقل عن جريمة الصحيفة النكراء، وهذا نوع من الرعب غير مألوف عندما يتحدث الجهلة والأميين فيما لا يخصهم، ويتحولون الى مقاصل عَلى الهواء تهدد كل من يتردد اسمه وباي تهمة كانت، فبمجرد ان ينعق ناعق تصطف خلفه عشرات الأصوات الجاهلة المحرومة من فرص التعليم والصحة النفسية ليشكلوا هجمة لا تقل شراسة عن انفلات سجن الباستيل اثناء الثورة الفرنسية ، الحمد لله انهم يتحركون على واقع افتراضي بسواطير الكلام البذيء وحدها، لقد ارتفع منسوب الكراهية الى حد اصبح فيه من الواجب عزل هؤلاء وعدم اعطائهم الفرصة في فرض ثقافتهم، وحجب صفحاتهم وصداقاتهم من قبل المتعلمين والمثقفين والشباب اللطيفين الذين يختلفون مع غيرهم بأسلوب راق ومهذب بعيدا عن الشتائم والتجريح الشخصي والتنكيل الإنساني بالآخرين .
لقد مضىت 13 سنة على حرية الكلام، لم يتعلم منها البعض معنى هذه الحرية، كم علينا ان ننتظرهم لكي يتعلموا؟ كم علينا ان نقول هؤلاء اولادنا ونحبهم ونتمنى لهم حياة كريمة مثل شباب العالم ؟ كم علينا ان نجاملهم؟ كم علينا ان نتفهم وضعهم وظروفهم؟ الكثير من الأصدقاء يتهامسون سرا إنهم باتوا غير قادرين على التعبير عن ارائهم بسبب الخوف من العوام . الخوف من الأفواه التي لم تترب الا على نطق اكثر المفردات انحطاطا .
المصيبة ان هؤلاء نفسهم من يهتف لحكومات اللصوص والفساد والخراب، يتركون اسيادهم وتوج روؤسهم ويحاربون كل صاحب رأي مختلف، يحاربون كل ما هو غريب على ثقافتهم، هم أنفسهم الذين يطعنون بشرف العراقيات ليل نهار، ولكنهم فجأة يتحولون الى حراس بوابة الشرف وكبرياء العراقية التي لم تسلم منهم واحدة، يتباهون بصور العجائز العاملات في الطين، والساكنات الأكواخ الصفيحية ولَم يسألوا أنفسهم لماذا تسكن العراقية هناك، وهي بنت بلد ميزانيته تغرق قارة بأموالها، أليس هذا هو العار نفسه؟
سلطة العوام اخطر السلطات وأكثرها ترويعا والسكوت عليها سيمنع كل بارقة أمل لهذا البلد المنهوب. اذا كنت تخاف من بذائتهم ، فاحجبهم من دخول صفحتك في الأقل . الحرية تتوجب ان تمنح نفسك اولا حرية الكلام، لا إعطاء الحرية لمن يقمعك دون ان يفهم معناها .
ليست هناك تعليقات