Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

أحمد سعداوي... [رأس جبل الجليد]

كتبت هنا في هذه المجموعة أكثر من مرّة عن درس عبد الرحمن منيف، أو الدرس الذي استخلصته أنا منه. كان منيف يكتب بكثرة، وربما أكمل عدة روا...




كتبت هنا في هذه المجموعة أكثر من مرّة عن درس عبد الرحمن منيف، أو الدرس الذي استخلصته أنا منه.
كان منيف يكتب بكثرة، وربما أكمل عدة روايات متعثّرة، قبل أن يصدر روايته الأولى في 1973 "الأشجار واغتيال مرزوق" فكانت عملاً ملفتاً مكتمل الأدوات الفنية، وفوق هذا وذاك يعرض رؤيا وموقفاً دقيقاً و"نقدياً" إزاء الواقع. 
يعني.. الرواية كانت مكتملة الأدوات والشروط العامة لكتابة النص الفني الروائي، وفي الوقت نفسه؛ عرضت رؤية مدرّبة على الفحص ومراقبة العالم واستنتاج التصوّرات.
.
هنا تغدو كتابة الرواية وكأنها رأس جبل الجليد الذي يظهر على سطح الماء، بينما ثلاثة ارباعه كان يتكوّن قبلها في العمق.
وهذا وصف لا يقتصر على منيف وانما يشمل الكثير من التجارب الروائية العربية، وحتى العالمية. وأقرب مثال الى ذهني الآن بول اوستر، الروائي الاميركي، الذي انفق سنوات في كتابة روايات بوليسية تجارية باسم مستعار من أجل ان يعيش، ولكنه في الحقيقة طوّر بها امكانياته التي استثمرها لاحقاً في روايته "العلنية" الأولى "في بلاد الأشياء الأخيرة" على ما اظن.
.
اليوم مع عصر الفيسبوك، سيبدو الصبر والتأني مطلباً سخيفاً أصلاً لبناء جبل الجليد تحت سطح الماء لوقت طويل. فالثقة موجودة، وبالخبرة البسيطة مع الكتابة، التي هي أساساً مكوّنة داخل الفيسبوك نفسه، يتم بناء هرم جليدي صغير يمثل رأساً افتراضياً لجبل لا وجود له تحت الماء.
مع ذلك فإن كثرة النتاجات الروائية من هذا النوع لا تمثل خطراً على النوع الروائي، وانما "واقعاً جديداً" يجب أن تتعامل معه التجارب الروائية الناضجة بجدية.
.
السهولة في النشر تفرض مسؤولية أكبر على الجادين بالكتابة.
والعمل الذي أصدرته لمجرد تلبية رغبّة حرّاقة بإعلان نفسك ووضع كتابك على رفوف المكتبات، من دون مراعاة للشروط الفنية والابداعية سيبقى يلاحقك، ولن تتخلص منه. كما انه سيوسع مسافة الثقة بينك والقارئ المفترض.. الذي سيتردد في اقتناء عمل جديد لك بعد تجربة غير جيدة في القراءة بعملك الأول.
.
أنا من جيل تكون قبل عصر الفيسبوك، وبالنسبة لي ما زال درس عبد الرحمن منيف فاعلاً ومهماً، وعلّه يكون كذلك لآخرين.
والسلام.

ليست هناك تعليقات