أحدث المنشورات

فواز طرابلسي... انقلابات الجنرال ميشال عون



انتخب امس الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية في اطول انقلاب استغرق ربع قرن ويزيد. اخرجته من قصر بعبدا قواتٌ سورية-لبنانية مشتركة بإجازة اميركية وحياد جوي اسرائيلي في ١٣ تشرين ١٩٨٩ بصفته رئيس (نصف) حكومة عسكرية متمردة على تطبيق اتفاق الطائف. اعاده الى القصر في ٣١ تشرين ٢٠١٦ شريكه وخصمه في حربين اضعفتا موقع المسيحيين السياسي بحيث سلب اتفاقُ الطائف موقع الرئاسة الماروني معظم صلاحياته. اما فرصة فوز ميشال عون في الرئاسة فمنحه اياها بليونير يعاني صعوبات مالية ورئيس وزراء سابق يدفعه تفسخ جمهوره السياسي الى إستعجال العودة الى رئاسة حكومة ولو بانقلاب بهلواني على الذات. 

خلال ربع القرن الاخير، انقلب الجنرال على نفسه انقلابات مشهودة. بطل المقاومة «السيادية» ضد «الاحتلال السوري» وصاحب الدور البارز في قانون محاسبة سورية الاميركي، عاد من منفاه الفرنسي بتسهيل من الاجهزة السورية وحلفائها اللبنانيين. شارك في معسكر ١٤ آذار قبل ان يتخلّى عنه وينشيء تحالف ٨ آذار مع حزب الله وقد إستخف سابقاً بدوره في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي واتهمه بالعمالة لايران (من يذكر مستشار عون الذي ادين بالتعامل مع العدو الاسرائيلي؟). ثم زار رئيس التيار دمشق دمشق وكرّس مصالحته مع النظام تحت رعاية القديس مار مارون الحمصي المولد. 
بطل الانقلاب على الطائف ما لبث ان إنقلب على نفسه وإعترف بوثيقة الطائف شرطا للفوز بالرئاسة. خاض معركة الرئاسة بما هو «الرجل المسيحي القوي» من اجل «لبنان قوي» قائم على شراكة متساوية بين مسلمين ومسيحيين، باسم الميثاقية. ولم يظهر من قوته الى الآن اكثر من التفاحل العنصري ضد الفلسطينيين والسوريين.

انقلب ميشال عون على كل الوعود البرتقالية في «الاصلاح والتغيير» ومكافحة الفساد خلال مشاركته وتياره في الحكم. عارض وعاند المصالح والتطلعات الحياتة والاجتماعية للقسم الاكبر من اللبنانيين في تحرك مياومي الكهرباء (وكان وزيره الطاقة جبران باسيل قد وعد اللبنانيين بكهرباء ٢٤/٢٤)؛ وفي حراك الصيف الماضي الذي أطلقته ازمة النفايات؛ وتنكّر لمطالب ربع مليون من معلمي وموظفي القطاع العام؛ ورضخ لضغوط ارباب العمل فتخلّى عن الوزير شربل نحاس، العضو في كتلته الوزارية، الذي دعا لزيادة اجور تسعي للالتحاق بارتفاع الاسعار واقترح مشروعا شاملا للضمان الصحي. وكان الانقلاب على الوعود البرتقالية فاقعا لدرجة ان احد الفقهاء الاعلاميين لحزب الله طالبه في مقابلة تلفزيونية بتنفيد برامج الاصلاح والتغيير عندما يصل الى قصر بعبدا. ولما سئل الفقيه عن دور حزب الله نفسه في الاصلاح والتغيير اجاب بأن الحزب لا يتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية! صدق او لا تصدق!

اشترط المرشح الرئاسي ميشال عون أن ينسحب سائر المرشحين ليرتضي النزول الى مجلس النواب خلال جلسة الانتخاب. إنقلب على شرطه ونزل. في المقابل، لم يعتبره خصومه اهلا للخصومة ليصوتوا ضده، كأن خسارة معركة الانتخابات الرئاسية عارا عشائرا على الخاسر. قضوا على اي شبهة للمنافسة الانتخابية الديمقراطية إذ ألغوا اصواتهم بالافتراع بالورقة البيضاء.

الرئيس «القوي» المتربع على كرسي قصر بعبدا لا يمنحه دستور لبنان من عناصر القوة غير المعاندَة والمفاوضة خلال تشكيل الحكومة لامتلاكه حق التوقيع على المراسيم. عدا ذلك، يتدخل الرئيس «القوي» في الحياة السياسية والعامة من خلال حضوره جلسات مجلس الوزراء. بإنتظار متابعة الكيفية التي سوف يمارس فيها «الرئيس القوي» قوته في سبيل «لبنان القوي»، لدينا «لعبة الثلاثة أوراق» يوم غد الاربعاء بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، تدور مدار تشكيل الحكومة العتيدة وتوازن القوى داخلها. 

يقول المثل شعبي «السياسة ما لها ربّ». وإن كان كل ما يجري فيها لا يزال يتستّر بالرب!


عن الفايسبوك

إرسال تعليق

أحدث أقدم
header ads
header ads
header ads