خالد مطلك... بوب ديلان مرة اخرى

اعادت جريدة "المدى" لها كل التقدير، نشر ماكتبته في صفحة (انفي يطلق الروايات) بمناسبة فوز بوب ديلان بجائزة نوبل للأداب، وعلى اث...

اعادت جريدة "المدى" لها كل التقدير، نشر ماكتبته في صفحة (انفي يطلق الروايات) بمناسبة فوز بوب ديلان بجائزة نوبل للأداب، وعلى اثر ذلك تلقيت رسائل من اصدقاء تسألني مزيدا من التوضيح عن رايي في اعتبار ذلك خطوة جريئة من قبل الجائزة وهي تتجاوز عبقريات في الأدب وتمنحها لموسيقي وكاتب اغان شعبية.

وقبل ان أخوض في مسالة فك اللبس الاصطلاحي، احب ان أوضح ان مفهوم الشاعر الشعبي ينطبق على الجواهري والسياب والرصافي ونزار قباني، هؤلاء الكبار وسواهم هم في الحقيقة شعراء شعبيون يكتبون باللغة الفصحى، وفي نفس الإطار احب ان أصنف فيروز كمطربة شعبية، وكذلك الحال مع ناظم الغزالي وعبد الحليم حافظ، واذهب بعيدا لاقول، ان نجيب محفوظ النوبلي العربي الوحيد هو روائي شعبي ايضا.

في العراق عندنا عبارة "شعر شعبي" تحمل معها حكم قيمة، بسبب شيزوفيرينا اللغة الموزعة بين الفصيح الذي درسناه والعامية التي نفكر ونحلم بها. في الانكليزية مثلا فان البوب ارت "الفن الشعبي" لا تحمل اي حكم قيمي، وعندما أطلق هذا المصطلح على اهم حركة في تاريخ الفن الاميركي، وتوج على اثرها (أندي وارهول) كأهم فنان معاصر لم ينقص هذا من مكانته التي ترتفع لحد المقارنة مع بيكاسو في بعض طروحات النقد الامريكي والعالمي حتى.
كتبت في العام الماضي(بمناسبة نوبل ايضا) على صفحتي الشخصية ان شاعرا مثل جوزيف حرب الذي رددنا معه (حابسني برات النوم) بصوت فيروز، هو عندي لناحية جمالية الشعر اهم من ادونيس الذي أعده صاحب مشروع فكري اكثر أهمية من تجربته الشعرية...

جاك بريفير اكثر شعراء فرنسا شهرة وأكثرهم مبيعا لدوادينه هو شاعر شعبي ايضا، وماركيز اكثر الروائيين شهرة والذي معه وحده بلغت مبيعات الرواية اكثر من خمسين مليون نسخة هو كاتب شعبي كذلك.

هناك فرق كبير بين الفن الشعبي والفن الهابط، المقارنة غير جائزة بينهما والسخرية من بوب ديلان بذكر شعبان عبد الرحيم مثلا، فيه تجني وخلط مفاهيمي.

بوب ديلان ربما هو اول موسيقي يفوز بالجائزة ولكنه ليس كاول (كاتب شعبي) ينالها.

اتمنى ان لا نرحل المصطلحات الغربية التي ولدت في سياق ثقافي مختلف على تعريفاتتا واستخداماتنا المجانية. قراءة الأحداث في سياقها الثقافي يجنبنا هذا التخبط والرمي العشوائي...