فتحي ابو النصر... ثارات القرن السابع في القرن 21

alrumi.com
By -
0

ماذا يعني أن تستمع في القرن الواحد والعشرين لعبارة "يا لثارات الحسين" التي أطلقت في القرن السابع!
ماذا يعني أن تتحول العبارة إلى حالة عقدية ذات مدلول سياسي مغلق بينما يفترض أننا في عهد الديمقراطية  وتلك أمة قد خلت!
ماذا يعني استجرار متاهات التقديس للبشر في زمن لايقبل سوى بالمواطنة المتساوية! 
إن كربلاء مصيبة كبرى حلت بأهل البيت وهذا صحيح لكن من قال بضرورة أن تتحول إلى مصيبة أكبر على الإسلام وتحديدا إلى مالانهاية كما جرى وكما يجري!  

ثم لماذا ينبغي أن تتحول هذه المصيبة إلى حالة استدامة للتحشيد التطييفي وايضا إلى حالة استدامة للفتنة التي تتناسل منها مصائب متتابعة تبلى بها الأمة ويتم جرها للماضي السحيق رغما عنها؟
تحديدا من المستفيد من بقاء الشقاق الإسلامي والعربي إلى اليوم على خلفية هذا السياق!؟

وكم من الجرائم ارتكبت بإسم أخذ الثأر لجريمة كربلاء ؟
إن هنالك حالة من التمادي الحقيقي في الإصرار على عدم التجاوز تنطوي على رفض خوض المستقبل بوعي تعايشي أنقى مماتم تكريسه كصراع لابد منه. . بمقابل ان هنالك حالة تقهقر مؤسفة للعقل الديني والوطني كذلك. .العقل  المكبل باغلال الطوائف فلم يتطور سياسيا واجتماعيا ودينيا ..بل وينخرط بعض السذج في التهييج الفارسي للمسألة.. و مثلما ينخرط البعض في اعتبار التوريث الأموي من الدين ينخرط البقية في إعتبار التوريث الهاشمي من الدين أيضا! 

وفي الحقيقة تلك تصرفات وشرائع لبشر اختلفوا سياسيا بشأن كيفية إدارة السلطة فمنهم من أصاب ومنهم من اخطئ ولاينبغي إعتبار آرائهم الزمانية والمكانية أصولا دينية على الإطلاق  
المهم.. بالنسبة لي يمكن إجراء الإصلاحات الفقهية في العقل الإسلامي وازاحة أثقال الصراع الأموي العباسي والعباسي العلوي إلخ إلخ من كاهله ليخوض المستقبل بخفة ودون تطييفات كما بالنسبة لي لا تمثلني البكائيات الكربلائية المنطوية على عنف مثلما لاتمثلني الارهابيات الداعشية العنفية وأخواتها كذلك.

المشكلة الأكبر هي فيمن يسيء قراءة ذلك الصراع والإصرار على الزج به لتحديد المستقبل رغم انه الصراع الذي كبدنا على مدى قرون أكلافا باهظة وخطيرة جدا. بل واكثر من مخجلة .

المهم رحم الله الحسين. ولكن استمرار العيش في الحالة الوجدانية لكربلاء شيء هوسي مرضي ضد المستقبل وضد تعافي العقل. 

وأصلا مش معقول أن الجريمة التي ارتكبتها قريش ضد قريش في كربلاء تستمر الشعوب هي من تدفع ثمنها بالانشقاق وبالتعصب.. خصوصا بعد كل هذه القرون.!

عموما ذكرتني صديقة بمقولة للباحث الانكليزي جون آشر يقول فيها "أن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي".

قلت لها صحيح خصوصا أن توريث يزيد قصم فكرة الشورى في الإسلام وحول الحكم إلى ملك عضوض واحتكاري يتناسل في فئة.. ولكن المقولات التي جاءت بعد وفاة الحسين أيضا لتكرس حكاية الحكم السلالي في أهل البيت وعصمتهم وهم بشر، تضرب فكرة المساواة وفكرة العدالة الإجتماعية في الصميم كما تحول الدين إلى شأن حاكمي عائلي مسيئة للإسلام بلا شك لأنها تستغل الدين سياسيا فتفسد السياسة والدين معا.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)