نوستالجيا : فتحي أبو النصر

alrumi.com
By -
0
نوستالجيا :-1-


(أعرف اننا في زمن الخيبات الكبرى ولكنني أعتز بهذه النوستالجيا خصوصا مع قرب الذكرى 54 لثورة 26 سبتمبر كما اشعر بالاجلال كله لجنود مصر الذين سقطوا في اليمن..كانت مرحلة تفتح وعي نهضوي نقي..وبغض النظر عن حلوها ومرها يحدث أن نتذكرها بنكساتها واحلامها ولا أظن أن هناك يمني لايحمل اعتزازا استثنائيا يتغلغل في القلب لمصر ..مصر الفكرة والريادة حينها على الرغم من كل ماسببه هذا المسعى لمصر من أثقال جسام كما نعرف ..لكن بعيدا عن التضليل والأكاذيب في كون عبد الناصر دخل حرب اليمن حينها بدون أهداف إستراتيجية سوى طموحاته التي لاتعني المصريين كما يروج قطاع واسع للأسف إلا أن مايعرفه حكماء مصر هو ان قناة السويس لاشيء بدون تأمين باب المندب ..وعموما وللإنصاف ايضا وكذا بعيدا عن الرومانسية العربية وانما بالقرب تماما من تحديات الواقع وتحولاته-يبقى عبد الناصر من ذلك الصنف الذي لانملك إلا احترامه- وبمنتهى الإحساس العميق بزعامته الملهمة وجسارة التجربة- فهو أولا واخيرا ليس صنما كما حوله البعض ولكنه تجربة إنسانية عظيمة وفارقة ولها اخطاءها ولها ايجابياتها كما استحقت النقد والمراجعة بالطبع.. بينما يكفيها على الأقل انها من التجارب العربية النادرة التي تستحق ان تستوطن الوجدان والضمير)
-------------------------------------------------------
-2-
أدناه مقالة لهيكل في الأهرام سنة 1964م
***
بضع ساعات قضيتها فى القاهرة، تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة!
تركت الحقيبة التى عدت بها من الجزائر، لأحمل حقيبة ثانية أذهب بها إلى اليمن، وأبقى فيه ستة أيام!
وعدت وعندى كلام كثير!
ولقد كان يجب أن أبدأ بالصور الباقية، والتى سوف تبقى إلى زمان طويل فى ذاكرتى، من مشاهد هذه الرحلة:
- لقاءات جمال عبد الناصر - على سبيل المثال - مع جماهير الشعب اليمنى، من سكان المدن وأهل القبائل، فى شمال اليمن وفى الجنوب، حين كان عبد الناصر يبدو وسط زحام البشر كأنه شراع وسط البحر الواسع الممتد!
ولقد كان كل الذين يراقبون الصورة الحية والرائعة، لا يصدقون ما يرون، وأذكر مرة فى ميدان التحرير بصنعاء، وجمال عبد الناصر محاط وسط الميدان الفسيح بعشرات الألوف، أن "جورج ماك آرثر"، مراسل وكالة الأسوشييتدبرس العالمية، قال منفعلاً وعينه على الصورة الحية الرائعة أمامه:
- رباه، أليس هناك مسئول واحد عن الأمن، يقول لهذا الرجل أنه مهما بلغت ثقته بهؤلاء الناس الذين ترك نفسه وسطهم، فليس ينبغى له أن ينسى أن كل واحد منهم - بحكم تقاليد اليمن - يعلق على كتفه بندقية ويحمل فى وسطه خنجراً!.
***
فى منظر دخول جمال عبد الناصر إلى مدينة تعز.كانت الصورة لا تكاد تصدق، كأنها لوحة تاريخية لتلال القدس تستقبل قديساً عائداً إليها.
إن "تعز" فيها الكثير من الشبه بالقدس، والطريق إليها مثل الطريق إلى القدس يمتد على الوادى بين التلال التى تتناثر فوقها الخضرة.وحين اقترب جمال عبد الناصر من "تعز"، تدفق أهلها على سفوح التلال متدافعين إليه على الطريق فى قلب الوادى.
وكانت طبولهم تدق، ودعاؤهم وصلواتهم تتجاوب مع دقات الطبول، وأشكال القادمين على السفوح وأزياؤهم، هى أشكال وأزياء قرون طويلة مضت، وحتى سحب الغبار التى أثارتها الأقدام الزاحفة إلى قلب الوادى كانت لوناً مؤثراً فى لوحة التاريخ العظيمة عند دخول "تعز".
كان يجب، كما قلت - أن أبدأ بهذه الصورة الباقية، والتى سوف تبقى إلى زمان طويل فى ذاكرتى من مشاهد هذه الرحلة!



إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)