عن الفايسبوك أتذكّر الآن ما أخبرني به المفكّر الراحل محمّد أركون (صدرت مؤخّراً الطبعة الجديدة من كتابه "قراءات القرآن"، دار أل...
عن الفايسبوك
أتذكّر الآن ما أخبرني به المفكّر الراحل محمّد أركون (صدرت مؤخّراً الطبعة الجديدة من كتابه "قراءات القرآن"، دار ألبين ميشال) عن علاقته بالطلبة الذين كانوا يفدون إليه، وهو في جامعة "السوربون"، من مختلف أنحاء العالم، وبخاصّة من العالم العربي والإسلامي.
قال: "كنتُ أتابع تطوّر التعليم في البلدان العربيّة، منذ الستينيات وحتى التسعينيات من القرن العشرين، من خلال تعاملي مع الطلبة القادمين إلى باريس، وكنتُ أكتشف، سنة تلوَ سنة، كيف يتراجع تكوينهم العلمي، كما أكتشف نوعيّة أساتذتهم الجامعيّين وانقطاعهم عن العلوم الإنسانيّة وعن المعارف التي تُنتَج باللغات الأجنبية".
بالنسبة إلى المواضيع التي يقع اختيار الطلبة عليها، قال أركون: "كنتُ أحثّهم على الموضوعات التي تتعلّق بتحليل الخطاب الديني، أو مقارنة تعليم الكلام عند المسلمين وعند اليهود والمسيحيين، في القرون الوسطى، ولكنّهم لم يكونوا على استعداد للتفاعل مع هذه العلوم".
صمتَ أركون برهة، ثمّ تابع يقول: "هناك طالب من إيران طلب أن يراني واستقبلته في مكتبي. كانت لحيته شبيهة بلُحى آيات الله. قال إنه يرغب في إعداد أطروحة جامعية تحت إشرافي. عندئذ سألته: وهل فكّرتَ في الموضوع؟ فأجابني بجدّيّة: "نعم أستاذ. أريد أن أدرس سرعةَ الرِّيح بين المدينة ومكّة عند وَقعَة بدر"...
أكتب هذه الكلمات، الآن، وضحكة محمّد أركون المجلجلة تتردّد في مسمعي، تلك الضحكة التي أطلقها ذاك النهار الماطِر في مقهى "لُوسيليكت" في حيّ "مونبارناس".
قال: "كنتُ أتابع تطوّر التعليم في البلدان العربيّة، منذ الستينيات وحتى التسعينيات من القرن العشرين، من خلال تعاملي مع الطلبة القادمين إلى باريس، وكنتُ أكتشف، سنة تلوَ سنة، كيف يتراجع تكوينهم العلمي، كما أكتشف نوعيّة أساتذتهم الجامعيّين وانقطاعهم عن العلوم الإنسانيّة وعن المعارف التي تُنتَج باللغات الأجنبية".
بالنسبة إلى المواضيع التي يقع اختيار الطلبة عليها، قال أركون: "كنتُ أحثّهم على الموضوعات التي تتعلّق بتحليل الخطاب الديني، أو مقارنة تعليم الكلام عند المسلمين وعند اليهود والمسيحيين، في القرون الوسطى، ولكنّهم لم يكونوا على استعداد للتفاعل مع هذه العلوم".
صمتَ أركون برهة، ثمّ تابع يقول: "هناك طالب من إيران طلب أن يراني واستقبلته في مكتبي. كانت لحيته شبيهة بلُحى آيات الله. قال إنه يرغب في إعداد أطروحة جامعية تحت إشرافي. عندئذ سألته: وهل فكّرتَ في الموضوع؟ فأجابني بجدّيّة: "نعم أستاذ. أريد أن أدرس سرعةَ الرِّيح بين المدينة ومكّة عند وَقعَة بدر"...
أكتب هذه الكلمات، الآن، وضحكة محمّد أركون المجلجلة تتردّد في مسمعي، تلك الضحكة التي أطلقها ذاك النهار الماطِر في مقهى "لُوسيليكت" في حيّ "مونبارناس".
ليست هناك تعليقات