(الحياة)
ليست المسألة في المشادة الفرنسية الأخيرة حول البوركيني، في مشروعية ارتداء الزي هذا بل في مشروعية حظره. فحرية ارتداء المرء والمرأة ما شاءا ليست تفصيلاً ثانوياً في سلم القيم الجمهورية ولا هي مسألة تافهة في دولة القانون. فمدار هذه المسألة على حرية حصلتها النساء، وهي (الحرية هذه) ما يميز فرنسا عن دول عربية كثيرة. فعلى مر القرون، كسبت الفرنسيات حق التزيّ على ما يشتهين. وتروي كريستين بارد، الباحثة في مركز التاريخ في كلية العلوم السياسية الفرنسية، قصة هذا النضال الطويل في كتاب وسمته بـ «التاريخ السياسي للبنطلون (السروال)» (2010). وتوجز التاريخ هذا بالقول: «إن التباين بين مظهر الرجل والأنثى كان منذ العصور الوسطى مسوغ غياب المساواة الجنسية بينهما. فالزي هو الجسر الى ضبط اخلاقي وجنساني للأفراد. وهذه القيود أثقلت على النساء كلهن في فرنسا: ففي 1800، حظر قرار اصدرته شرطة باريس على الإناث لبس السروال (البنطلون). وشأن الحق في الاقتراع، حظر على النساء ارتداء الزي الذكوري هذا بذريعة الاختلاف بين الجنسين الذي كان وثيق الصلة بالتباين في المساواة بينهما». وفي القرن التاسع عشر ثم في القرن العشرين، كسرت الإناث، شيئاً فشيئاً، قيود املاءات الملبس. وانتهكت الكاتبة جورج ساند حظر شرطة باريس، وتجولت بالبنطلون في الليل الباريسي. فهي «سعت الى اشهار حرية (الملبس)، وتوجيه رسالة مدارها على صورة الذات، ورفض الشروط المملاة على النساء»، تقول بارد. وحذت النسويات الأميركيات حذو الفرنسيات في القرن العشرين، وأحرقن حمالات الصدر وأحذية الكعب العالي. وحرية الملبس هي مسألة سياسية، على نحو ما اعلنت في 1968 المناضلات الفرنسيات اللواتي لفظن القيود على ثياب الإناث. وبعد خمسين عاماً، لم تعد هذه الحرية معياراً مضمراً ناظماً للممارسات الاجتماعية فحسب بل صارت حقاً راسخاً في القانون. ولا نص دولياً يتناول هذه الحرية، ولكن في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية، هي جزء لا يتجزأ من مبادئ المجتمعات الديموقراطية الليبيرالية: الحرية الشخصية، والحق في احترام الحياة الخاصة، وحرية التعبير.
ويقتضي حظر البوركيني الموازنة بين عدد من المبادئ: حرية الملبس، والعلمانية والمساواة بين الجنسين، والنظام العام. و»على رغم ان كثيرين، ومنهم مسلمون، ينظرون بعين النفور الى الحجاب الشامل، ويعتبرون انه شارة رجعية وعلامة على استتباع المرأة ورمز تقوقع طائفي وتطرف ديني...، إذا كان الاتشاح به أو التلفح به ثمرة قرار شخصي، لا مناص من اعتباره مسألة وثيقة الصلة بالحرية الفردية، تقول دارسة اجتماعيات القانون كلير غالامبير. ويجوز ان تتدخل السلطات الفرنسية حين الإلزام بزي والإكراه على ارتدائه ونشر التطرف والاضطراب. وإذا اختارت راشدة الاستلقاء على الشاطئ وهي ترتدي بوركيني من غير الاعتداء على الآخرين، لم يعد حظر اللباس هذا بديهياً: ففي بلد ديموقراطي احترام الحريات الفردية فيه أثير على قلبه، لا يسوغ الازعاج او الغضب حظر لباس في الأراضي الفرنسية.
ولكن ما المبادئ التي تسوغ تقييد حرية لباس نسائي في فرنسا؟ هذا السؤال برز في 1989 على وقع نقاش دار حول الحجاب الساتر لشعر الإناث في المؤسسات المدرسية. ويومها، توجهت الحكومة الى المحكمة الإدارية العليا، وسألتها المشورة والتوصية. وزرع نص 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 الالتباس والحيرة في النفوس. فهو خلص الى ان حمل التلامذة شارات يعلنون بواسطتها الانتماء الى ديانة ليس مخالفاً لمبادئ العلمانية، فهو من حريات التعبير وإشهار المعتقد الديني. ولكن إذا كانت هذه الشارات تحمل رسالة احتجاج او استفزاز، وصارت وسيلة ضغط واستفزاز وتبشير أو بروبغندا، وإذا انتقصت من كرامة أو حرية التلميذ أو المدرس، أو مست بصحته، أو عرقلت نشاط (مدرسي)، خالفت (الشارات هذه) مبادئ العلمانية.
وحين حظرت الحكومة الفرنسية الحجاب في المدارس الحكومية (الرسمية)، لم تستند الى نص 1905 عن العلمانية «المهادنة» والليبرالية الوحي. فهذه العلمانية ترسي فصلاً دينياً حيادياً بين الدولة وموظفيها، فتضمن حرية المعتقد والشعائر. وفي 1905، لم تغلب كفة من اراد حظر الشعائر الدينية في المدن وارتداء ثوب الرهبنة في الشوارع. وطوال حوالى قرن، غلب تفسير ليبيرالي للعلمانية. فموظفو الدوائر العامة لا يحق لهم اشهار معتقداتهم الدينية في وظائفهم، ولكنهم بصفتهم مواطنين يسعهم التعبير عن معتقداتهم. وتوجز نتالي غوليه، السناتورة عن منطقة أورن، علمانية 1905 قائلة:» في فرنسا، الدولة علمانية ولكن اثواب السباحة ليست علمانية». لكن في 2004، تجاوز البرلمان الفرنسي هذا الإرث التشريعي فحظر الشارات الدينية في المؤسسات التربوية (الحكومية)، فألزم موظفي الدوائر العامة والتلاميذ الحياد الديني. و»هذا منعطف بارز، وتوسيع لحيز العلمانية الى الأشخاص، وحظر للمظاهر الدينية في المدرسة»، تقول ستيفاني هينيت - فوشيه، مديرة مركز البحوث ودراسات الحقوق الأساسية. فأرسى المشرعون قطيعة مع منطق قانون 1905، وفسر القانون تفسيراً جديداً. وسوغ مؤيدو حظر الحجاب في مدارس الجمهورية (الحكومية، المدارس العامة وهي خلاف المدارس الخاصة) بالقول ان التلاميذ هم قاصرون يتعلمون اصول المواطنة ويرتادون «حيزاً بارزاً ينقل اليهم القيم المشتركة...». وفي 2009، تذرعت فرنسا بحقوق الأطفال في مرافعتها عن قرار حظر الحجاب (ستر الشعر) في المدارس العامة امام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فأعلنت انها ترغب في الحفاظ على «حرية المعتقد والديانة في اوساط الأطفال الذين من اليسير التأثير فيهم». فبدأت تتراجع كفة حرية التعبير عن المعتقد الديني، وترجح كفة الحياد الديني. فبرزت «علمانية جديدة» اكثر عدائية وأقل تسامحاً. وفي 2010، بعد 6 اعوام على قانون الحجاب في الثانويات، افتتحت قضية حظر «الحجاب الشامل» (البرقع) الفصل الثاني من جدال مداره على حرية النساء في اختيار الزي.
ولا شك في ان المدافعين عن البرقع قلة، ولكن حظره في كل مكان وآن، شائك ومثير للجدل. فما سوغ منع الحجاب في 2004 في المدارس العامة، أي حماية القاصرين في كنف المدرسة ومكانتها الرمزية، لا تقوم له قائمة في دوائر العلانية العامة. فالمراهقات لا يرتدينه في المدارس حيث تنسج اواصر الإلفة مع القيم الجمهورية، واختارته نساء راشدات لباساً لهن، وهن يتجولن في دوائر العلانية العامة حيث لا قيد على حرية التعبير عن المعتقدات الدينية. فالحياد الديني يُفرض على التلامذة في المؤسسات العامة وليس على المارة. ومن العسير التفكير في حظر لباس راهبة كاثوليكية أو قلنسوة اليهودي. فالعلمانية لا يسعها ارساء حظر شامل على التعبير عن المعتقدات الدينية في الحيز العام.
وحظر زي على مواطنات راشدات اخترن البرقع ينفي عن كلامهن الأهلية. و»القوانين التي احتسبت وزن كلام النساء واخذته محمل جد هي تلك التي ساهمت وتساهم في تحسين احوال النساء، على خلاف القوانين التي قررت نيابة عنهن ما يجدر بهن ان يرغبن فيه»، تقول المشرعة ستيفاني هينيت - فوشيه. ولا يسع الحكومة التذرع بالدواعي الأمنية. فالنقاب هو لباس أقل من ألفي امرأة في فرنسا، ولم يسبق أن اخفت احداهن قنبلة تحته. وإذا وقعت اضطرابات، في الإمكان فرض حظر جزئي «زمنياً ومكانياً» حين يستدعي الأمر. وليس مرجع حظر ستر الوجه العلمانية والمساواة بين الجنسين بل معيار ملتبس: انتهاك أصول «المدنية» الجمهورية. ولكن من يسعه البت في ان زياً من الأزياء «يبتر الآصرة الاجتماعية» أو لا يراعي الحد الأدنى من متطلبات العيش في المجتمع»؟ ويخشى كثر ان يحتل هذا المعيار الملتبس محل ما كان يسمى «الأخلاق العامة» و»العادات الحسنة». وترى دارسة الاجتماعيات، كلير غالامبير ان مثل هذا التسويغ يؤذن بأفول رؤية ليبرالية الى الحرية مفادها أن القانون يضمن اختيار المرء ما يشاء فيكون الفيصل في شؤونه، من غير التزام قيم اخلاقية وثقافية غالبة.
* صحافية، عن «لوموند» (ملحق إيديه) الفرنسية، 3/9/2016، إعداد منال نحاس
ليست المسألة في المشادة الفرنسية الأخيرة حول البوركيني، في مشروعية ارتداء الزي هذا بل في مشروعية حظره. فحرية ارتداء المرء والمرأة ما شاءا ليست تفصيلاً ثانوياً في سلم القيم الجمهورية ولا هي مسألة تافهة في دولة القانون. فمدار هذه المسألة على حرية حصلتها النساء، وهي (الحرية هذه) ما يميز فرنسا عن دول عربية كثيرة. فعلى مر القرون، كسبت الفرنسيات حق التزيّ على ما يشتهين. وتروي كريستين بارد، الباحثة في مركز التاريخ في كلية العلوم السياسية الفرنسية، قصة هذا النضال الطويل في كتاب وسمته بـ «التاريخ السياسي للبنطلون (السروال)» (2010). وتوجز التاريخ هذا بالقول: «إن التباين بين مظهر الرجل والأنثى كان منذ العصور الوسطى مسوغ غياب المساواة الجنسية بينهما. فالزي هو الجسر الى ضبط اخلاقي وجنساني للأفراد. وهذه القيود أثقلت على النساء كلهن في فرنسا: ففي 1800، حظر قرار اصدرته شرطة باريس على الإناث لبس السروال (البنطلون). وشأن الحق في الاقتراع، حظر على النساء ارتداء الزي الذكوري هذا بذريعة الاختلاف بين الجنسين الذي كان وثيق الصلة بالتباين في المساواة بينهما». وفي القرن التاسع عشر ثم في القرن العشرين، كسرت الإناث، شيئاً فشيئاً، قيود املاءات الملبس. وانتهكت الكاتبة جورج ساند حظر شرطة باريس، وتجولت بالبنطلون في الليل الباريسي. فهي «سعت الى اشهار حرية (الملبس)، وتوجيه رسالة مدارها على صورة الذات، ورفض الشروط المملاة على النساء»، تقول بارد. وحذت النسويات الأميركيات حذو الفرنسيات في القرن العشرين، وأحرقن حمالات الصدر وأحذية الكعب العالي. وحرية الملبس هي مسألة سياسية، على نحو ما اعلنت في 1968 المناضلات الفرنسيات اللواتي لفظن القيود على ثياب الإناث. وبعد خمسين عاماً، لم تعد هذه الحرية معياراً مضمراً ناظماً للممارسات الاجتماعية فحسب بل صارت حقاً راسخاً في القانون. ولا نص دولياً يتناول هذه الحرية، ولكن في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية، هي جزء لا يتجزأ من مبادئ المجتمعات الديموقراطية الليبيرالية: الحرية الشخصية، والحق في احترام الحياة الخاصة، وحرية التعبير.
ويقتضي حظر البوركيني الموازنة بين عدد من المبادئ: حرية الملبس، والعلمانية والمساواة بين الجنسين، والنظام العام. و»على رغم ان كثيرين، ومنهم مسلمون، ينظرون بعين النفور الى الحجاب الشامل، ويعتبرون انه شارة رجعية وعلامة على استتباع المرأة ورمز تقوقع طائفي وتطرف ديني...، إذا كان الاتشاح به أو التلفح به ثمرة قرار شخصي، لا مناص من اعتباره مسألة وثيقة الصلة بالحرية الفردية، تقول دارسة اجتماعيات القانون كلير غالامبير. ويجوز ان تتدخل السلطات الفرنسية حين الإلزام بزي والإكراه على ارتدائه ونشر التطرف والاضطراب. وإذا اختارت راشدة الاستلقاء على الشاطئ وهي ترتدي بوركيني من غير الاعتداء على الآخرين، لم يعد حظر اللباس هذا بديهياً: ففي بلد ديموقراطي احترام الحريات الفردية فيه أثير على قلبه، لا يسوغ الازعاج او الغضب حظر لباس في الأراضي الفرنسية.
ولكن ما المبادئ التي تسوغ تقييد حرية لباس نسائي في فرنسا؟ هذا السؤال برز في 1989 على وقع نقاش دار حول الحجاب الساتر لشعر الإناث في المؤسسات المدرسية. ويومها، توجهت الحكومة الى المحكمة الإدارية العليا، وسألتها المشورة والتوصية. وزرع نص 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 الالتباس والحيرة في النفوس. فهو خلص الى ان حمل التلامذة شارات يعلنون بواسطتها الانتماء الى ديانة ليس مخالفاً لمبادئ العلمانية، فهو من حريات التعبير وإشهار المعتقد الديني. ولكن إذا كانت هذه الشارات تحمل رسالة احتجاج او استفزاز، وصارت وسيلة ضغط واستفزاز وتبشير أو بروبغندا، وإذا انتقصت من كرامة أو حرية التلميذ أو المدرس، أو مست بصحته، أو عرقلت نشاط (مدرسي)، خالفت (الشارات هذه) مبادئ العلمانية.
وحين حظرت الحكومة الفرنسية الحجاب في المدارس الحكومية (الرسمية)، لم تستند الى نص 1905 عن العلمانية «المهادنة» والليبرالية الوحي. فهذه العلمانية ترسي فصلاً دينياً حيادياً بين الدولة وموظفيها، فتضمن حرية المعتقد والشعائر. وفي 1905، لم تغلب كفة من اراد حظر الشعائر الدينية في المدن وارتداء ثوب الرهبنة في الشوارع. وطوال حوالى قرن، غلب تفسير ليبيرالي للعلمانية. فموظفو الدوائر العامة لا يحق لهم اشهار معتقداتهم الدينية في وظائفهم، ولكنهم بصفتهم مواطنين يسعهم التعبير عن معتقداتهم. وتوجز نتالي غوليه، السناتورة عن منطقة أورن، علمانية 1905 قائلة:» في فرنسا، الدولة علمانية ولكن اثواب السباحة ليست علمانية». لكن في 2004، تجاوز البرلمان الفرنسي هذا الإرث التشريعي فحظر الشارات الدينية في المؤسسات التربوية (الحكومية)، فألزم موظفي الدوائر العامة والتلاميذ الحياد الديني. و»هذا منعطف بارز، وتوسيع لحيز العلمانية الى الأشخاص، وحظر للمظاهر الدينية في المدرسة»، تقول ستيفاني هينيت - فوشيه، مديرة مركز البحوث ودراسات الحقوق الأساسية. فأرسى المشرعون قطيعة مع منطق قانون 1905، وفسر القانون تفسيراً جديداً. وسوغ مؤيدو حظر الحجاب في مدارس الجمهورية (الحكومية، المدارس العامة وهي خلاف المدارس الخاصة) بالقول ان التلاميذ هم قاصرون يتعلمون اصول المواطنة ويرتادون «حيزاً بارزاً ينقل اليهم القيم المشتركة...». وفي 2009، تذرعت فرنسا بحقوق الأطفال في مرافعتها عن قرار حظر الحجاب (ستر الشعر) في المدارس العامة امام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فأعلنت انها ترغب في الحفاظ على «حرية المعتقد والديانة في اوساط الأطفال الذين من اليسير التأثير فيهم». فبدأت تتراجع كفة حرية التعبير عن المعتقد الديني، وترجح كفة الحياد الديني. فبرزت «علمانية جديدة» اكثر عدائية وأقل تسامحاً. وفي 2010، بعد 6 اعوام على قانون الحجاب في الثانويات، افتتحت قضية حظر «الحجاب الشامل» (البرقع) الفصل الثاني من جدال مداره على حرية النساء في اختيار الزي.
ولا شك في ان المدافعين عن البرقع قلة، ولكن حظره في كل مكان وآن، شائك ومثير للجدل. فما سوغ منع الحجاب في 2004 في المدارس العامة، أي حماية القاصرين في كنف المدرسة ومكانتها الرمزية، لا تقوم له قائمة في دوائر العلانية العامة. فالمراهقات لا يرتدينه في المدارس حيث تنسج اواصر الإلفة مع القيم الجمهورية، واختارته نساء راشدات لباساً لهن، وهن يتجولن في دوائر العلانية العامة حيث لا قيد على حرية التعبير عن المعتقدات الدينية. فالحياد الديني يُفرض على التلامذة في المؤسسات العامة وليس على المارة. ومن العسير التفكير في حظر لباس راهبة كاثوليكية أو قلنسوة اليهودي. فالعلمانية لا يسعها ارساء حظر شامل على التعبير عن المعتقدات الدينية في الحيز العام.
وحظر زي على مواطنات راشدات اخترن البرقع ينفي عن كلامهن الأهلية. و»القوانين التي احتسبت وزن كلام النساء واخذته محمل جد هي تلك التي ساهمت وتساهم في تحسين احوال النساء، على خلاف القوانين التي قررت نيابة عنهن ما يجدر بهن ان يرغبن فيه»، تقول المشرعة ستيفاني هينيت - فوشيه. ولا يسع الحكومة التذرع بالدواعي الأمنية. فالنقاب هو لباس أقل من ألفي امرأة في فرنسا، ولم يسبق أن اخفت احداهن قنبلة تحته. وإذا وقعت اضطرابات، في الإمكان فرض حظر جزئي «زمنياً ومكانياً» حين يستدعي الأمر. وليس مرجع حظر ستر الوجه العلمانية والمساواة بين الجنسين بل معيار ملتبس: انتهاك أصول «المدنية» الجمهورية. ولكن من يسعه البت في ان زياً من الأزياء «يبتر الآصرة الاجتماعية» أو لا يراعي الحد الأدنى من متطلبات العيش في المجتمع»؟ ويخشى كثر ان يحتل هذا المعيار الملتبس محل ما كان يسمى «الأخلاق العامة» و»العادات الحسنة». وترى دارسة الاجتماعيات، كلير غالامبير ان مثل هذا التسويغ يؤذن بأفول رؤية ليبرالية الى الحرية مفادها أن القانون يضمن اختيار المرء ما يشاء فيكون الفيصل في شؤونه، من غير التزام قيم اخلاقية وثقافية غالبة.
* صحافية، عن «لوموند» (ملحق إيديه) الفرنسية، 3/9/2016، إعداد منال نحاس