
بالعودة إلى موضوع البوركيني وفرنسا، صدر قرار مجلس شورى الدولة بابطال قرار البلدية المانع لهذا اللباس (الذي هو ضحية اسمه).
المشكلة في النقاشات التي دارت حوله، بين أصدقائي وهو كل ما يعنيني، انه تمت مماهاة فرنسا ككل بقرارات مجالس بلدية يمينية على الكوت دازور، وتم تغييب الربط البديهي بين سياسات هذه المجالس ومصالحها الآنية والخلافات الناشئة أصلاً في ما يراه البعض استفزازا في استعراض الهوية الاسلامية أمام فرنسا الجريحة بالاعتداءات التي يرتكبها اسلاميون وتم استبدال هذا كله بكلام عريض عن الطبقات الاستعمارية في الوعي الفرنسي وعن فرنسا التي تخون مبادئ الحرية (أو بالعكس التي تدافع عنها).
فرنسا ككل لم تكن موافقة على هذه القرارات، ووصل الجدال إلى حد انقسام الحكومة الفرنسية نفسها في شأن ذلك، بما ان الكثيرين يريدون الصيد على أراضي اليمين المتطرف حالياً، وفرنسا الدولة لديها مؤسسات للدفاع عن مبادئ الحرية ومنها مجلس شورى الدولة الذي أبطل هذه القرارات.
لا يعني ما سبق ان لا وعي استعماري لدى اليمين خصوصاً، وحتى لدى اليسار، لكن ليس هذا الوعي بل المصالح الآنية وحسابات ما بعد الاعتداءات وصعود اليمين المتطرف هي التي ولدت هذه القرارات، وليس التاريخ الاستعماري للبلد (رغم أن ما من بلد يدفع إلى الأبد ثمن الاستعمار، وما من بلد لم يستعمر آخرين يوماً في صورة أو أخرى). ولا يعني أيضاً إلا أهمية تكريس المؤسسات والدفاع عن مبادئ عليا ناظمة للدستور وللقرارات الإدارية، وحتى ادماجها في معاهدات دولية حاكمة واعلى من القانون البلدي والوطني ومصانة في محاكم تعاقب انتهاك الدول لها (كالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان) من أجل منع تغول الآني على المبادئ.
ترجمة المكتوب أدناه: أوضح قرار مجلس شورى الدولة أن "القرار موضع النزاع قد حمل انتهاكاً جسيماً وواضحاً للحريات الأساسية التي هي حرية التنقبل وحرية المعتقد والحرية الفردية"
L’ordonnance du Conseil d’Etat précise que « l’arrêté litigieux a ainsi porté une atteinte grave et manifestement illégale aux libertés fondamentales que sont la liberté d’aller et venir, la liberté de conscience et la liberté personnelle. »
En savoir plus sur
*باحث قانوني وناقد موسيقى وشاعر