(حديقة الحيوان في دمشق)
في عام 2008، دخلتُ لأوَّل مرّة في حياتي إلى حديقة الحيوانات في مدينة دمشق. الحيوانات مُعتقلة تقريباً، ووجوهها شاحبة، ومدراءُ الحديقة يشبهون كثيراً عناصر المخابرات. ولكن، المشهد الأكثر غرابة، كان مشهدُ الأسد في القفص. جسد الأسد قد تقلَّص وامتطّ، وتحوَّل تقريباً إلى جسد أفعى. وشعرهُ الكثّ المُزيِّت قد تحوّل إلى تواليت عمومي WC، على يد الأخوة العصافير (الحساسين والزرازير) التي تأتي لتقضي حاجتها على "ملك الغابة" لطراوته ورخاوته. ورأسه الكبير كأنّه ركِّب تركيباً على هذا الجسد المنهك. كان "ملك الغابة" منزوياً في حافّة القفص يراقب الناس مُرتعداً. كان المشهد أكبر انتهاكٍ لكرامة الطبيعة. الأسد، الحيوان الذي يحتلُّ مكانةً رمزيَّة، ويحترمه الجميع، من الفيل حتّى الذبابة في الطبيعة، تحوّل في "سوريا الأسد" إلى كائن مهمّش متعب وطفران، ويحاول الأطفال السوريون إطعامه الموز والشيبس والعصير الموجود في علبة هرميَّة تسمّى "المنجوس". ولكن الإهانة الكبرى، والتحدي الحقيقي لهرميّة السلطة في الطبيعة (وهو أمر بحاجة فعلاً إلى دراسات وأبحاث من علماء الحيوان والطبيعة)، والذي لا يتحقق سوى في حدائق حيون "سوريا الأسد"، هو أن يعيش كلبٌ في نفس القفص الذي يعيش فيه الأسد. الكلب كان مليئاً بالطاقة والنشاط والسعادة، ينبح 24 ساعة في وجه الأسد، الذي يراقب بألم هذه المهزلة التاريخيَّة. أثناء وجودي في الحقيقة، قدم أحد العاملين في الحديقة، وهو يلبس كنزة داخليّة قطنيّة بيضاء مع شورت عسكري، حاملاً بيده كاسة شاي خمير، وهو يصور بموبايل "سامسونج" القفص، الأسد الذي كان أسداً، مع الكلب المبسوط. كان يقول: "ليث ولا، قوم وقف ولا". حال هذا الأسد داخل القفص لحالها، كانت بحاجة إلى تدخل دولي وإنساني عاجل لإنقاذه من "سوريا الأسد".
شاعر سوري
عن الفايسبوك
في عام 2008، دخلتُ لأوَّل مرّة في حياتي إلى حديقة الحيوانات في مدينة دمشق. الحيوانات مُعتقلة تقريباً، ووجوهها شاحبة، ومدراءُ الحديقة يشبهون كثيراً عناصر المخابرات. ولكن، المشهد الأكثر غرابة، كان مشهدُ الأسد في القفص. جسد الأسد قد تقلَّص وامتطّ، وتحوَّل تقريباً إلى جسد أفعى. وشعرهُ الكثّ المُزيِّت قد تحوّل إلى تواليت عمومي WC، على يد الأخوة العصافير (الحساسين والزرازير) التي تأتي لتقضي حاجتها على "ملك الغابة" لطراوته ورخاوته. ورأسه الكبير كأنّه ركِّب تركيباً على هذا الجسد المنهك. كان "ملك الغابة" منزوياً في حافّة القفص يراقب الناس مُرتعداً. كان المشهد أكبر انتهاكٍ لكرامة الطبيعة. الأسد، الحيوان الذي يحتلُّ مكانةً رمزيَّة، ويحترمه الجميع، من الفيل حتّى الذبابة في الطبيعة، تحوّل في "سوريا الأسد" إلى كائن مهمّش متعب وطفران، ويحاول الأطفال السوريون إطعامه الموز والشيبس والعصير الموجود في علبة هرميَّة تسمّى "المنجوس". ولكن الإهانة الكبرى، والتحدي الحقيقي لهرميّة السلطة في الطبيعة (وهو أمر بحاجة فعلاً إلى دراسات وأبحاث من علماء الحيوان والطبيعة)، والذي لا يتحقق سوى في حدائق حيون "سوريا الأسد"، هو أن يعيش كلبٌ في نفس القفص الذي يعيش فيه الأسد. الكلب كان مليئاً بالطاقة والنشاط والسعادة، ينبح 24 ساعة في وجه الأسد، الذي يراقب بألم هذه المهزلة التاريخيَّة. أثناء وجودي في الحقيقة، قدم أحد العاملين في الحديقة، وهو يلبس كنزة داخليّة قطنيّة بيضاء مع شورت عسكري، حاملاً بيده كاسة شاي خمير، وهو يصور بموبايل "سامسونج" القفص، الأسد الذي كان أسداً، مع الكلب المبسوط. كان يقول: "ليث ولا، قوم وقف ولا". حال هذا الأسد داخل القفص لحالها، كانت بحاجة إلى تدخل دولي وإنساني عاجل لإنقاذه من "سوريا الأسد".
شاعر سوري
عن الفايسبوك
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف