في مثل هذا اليوم قبل 26 عاماً دخلت جيوش صدام حسين دولة الكويت!
سامحنا الله كنا أطفالاً ننبهر بالقوة، وأطربتنا القناة السودانية التي تذيع مراراً وتكراراً اغنية "الله أكبر" للشاعر الليبي علي الكيلاني. كنا ننتشي مع المقطع القائل " قبرك يا محمد يحموه الأمريكان"!
الراديو السوداني يبشرنا بالقادسية الثانية، ويسبح بحمد صدام بطل العرب الذي يقاتل الغرب المستعمر، ونحتقر الكويت لا لشيء إلا لأن البطل قرر ان يغزوها ويقتل أهلها!
اليوم يمر 26 عاماً على الجريمة التي ارتكبها صدام حسين وانتشينا لها أطفالاً. وصدقنا ونحن ننتشي بالقوة أن الطاغية يمكن أن يكون بطلاً! كان ذلك السن الذي نعتقد فيه ان هتلر رجل يستحق الاعجاب وان اليهود شوهوا سيرته! وأن غزو أوروبا واحتلال فرنسا أمر مسلي حقاً!
لقد تربينا في مدارسنا دوماً أن القوة حق، طالما هي لنا لا علينا. حين نقتل ونغزو فاننا أبطال. وحين نُغزى ونُقتل فإنه عدوان.
سنوات طوال مرت حتى تخلصت من ذلك الارث.
سنوات طوال مرت حتى عرفت أني كنت في صف المجرمين.
لقد سرقوا طفولتنا. حين كانو يخرجوننا من المدارس لنهتف "اضرب اضرب يا صدام بالكيماوي يا صدام"!
ووسموا أجيالاً كاملة باسم السفاح حين أعلنت السفارة العراقية عن جائزة لكل من يسمي ابنه باسم الطاغية! كانت الجوائز المالية تقدم في احتفال تنقل صوره في التلفزيون برعاية الدولة.
لم يكفهم أنهم خاضوا المستنقع. لكنهم قادونا - أطفالاً - إليه ونحن نهتف.
اليوم أعرف احساس الطفل الألماني الذي كان يمر في موكب النصر يهتف أمام هتلر.
روائي
عن الفايسبوك