حسين الموزاني...عندما يصبح المرحاض رمزاً - الرومي

Breaking

Home Top Ad

Responsive Ads Here

Post Top Ad

Responsive Ads Here

السبت، 9 يوليو 2016

حسين الموزاني...عندما يصبح المرحاض رمزاً


عُرف الألمان بالصرامة والجديّة منذ نزوح قبائلهم قبل أكثر من ألف عام وقيام إماراتهم الجرمانية. ولم تجد في الأدب الألماني على سبيل المثال كتّاباً ساخرين إلا نادراً، ومنهم الكاتب الباروكي غرملسهاوزن والشاعر هاينرش هاينه والروائي توماس مان والشاعر راينر ماريا ريلكه والقاصّ فرانتس كافكا. أمّا بعد الحرب العالمية الثانية فقد اختفت السخرية تماماً، باستثناء عدد من روايات الكاتب النمساوي توماس بيرنهارد. وترى كذلك بوناً شاسعاً بين الانفتاح الاجتماعي في ألمانيا، والذي لا نظير له في أوروبا كلّها على حدّ معرفتي المتواضعة، وانعدام المرح السخرية غير المفتعلين. 
وقد تحوّلت ألمانيا، وربّما بسبب هذا الانفتاح الاجتماعي اللامحدود، إلى أكبر بلد غربي من حيث حجم الدعارة. فكلّ مدينة ألمانية يبلغ عدد سكّانها أكثر من خمسة وعشرين ألف نسمة يحقّ لها قانونياً أن تفتح مبغى. وتبلغ عائدات الدعارة في البلد نحو خمسة عشر مليار دولار سنوياً. 
وفي جولتي اليوم عبر شوارع برلين لفتت انتباهي هذه الحانة التي تحمل اسم "مرحاض" وقد تُرجم الاسم إلى معظم اللغات العالمية، باستثناء اللغة العربية. ووضعت إلى جانب المدخل رقعة صغيرة طريفة جاء فيها: الدكتور بواسير/ طبيب متخصص في أمراض البلع والازدراد/ أوقات المراجعة: يومياً من الساعة السابعة (مساءً) حتّى الثالثة (فجراً). 
وجعلني الاسم أفكّر في العراق والعالم العربي الذي تخيلته مرحاضاً واسعاً لا يصلح إلا للبلع والازدراد. وخاصةً العراق المصاب بداء الاستسقاء والإسهال والقبض منذ وفاة نائل سلطان، نائب مدير الأمن العراقي، الذي ألقي عليه القبض بعد ثورة ١٤ تموّز عام ١٩٥٨في العراق وأودع "السجن رقم واحد" في معسكر "أبو غريب" ببغداد، فانفجرت بطنه بسبب القبض، أو عسر الهضم. وكتب عنه يونس بحري الذي كان نزيلاً في هذا السجن يقول: „مات هذه الميتة الشنيعة أمام رفاقه في الغرفة، ولم يتقدّم لإسعافه طبيب أو مضمّد أو جندي، بل تركوه يموت اختناقاً بعسر الهضم، إذ بقي أربعة أيّام مهملاً بدون علاج، إلى أن برز الغائط من فمه فقتله!“ 
لكنّني واثق من ناحية ثانيةً بأنّ المرحاض الألماني، بل مرحاض المبغى الألماني، أنظف بما لا يقاس من البرلمان العراقي ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومن عقول الساسة ورجال الطوائف أجمعين...

كاتب ومترجم عراقي... عن الفايسبوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Bottom Ad

Responsive Ads Here

الصفحات