بريطانيا شكلت منذ سبع سنوات لجنة تحقيق في الحرب التي خاضتها ضد عراق صدّام حسين بالاشتراك مع الأميركيين عام ٢٠٠٣ وقد أصدرت اللجنة تقريرها الأسبوع الماضي وهو يدين رئيس الوزراء توني بلير الى درجة ان هناك اقتراحاً بإصدار قانون لوضعه تحت المراقبة ومنعه من تولي اي مركز رسمي بالاضافة الى حملة مقاطعة له٠
التقرير يؤكد ان العراق لم يكن يشكل اي خطر او تهديد للامن والسلام الدولي ولكن النقطة الأهم هي ان قرار الحرب تم اتخاذه دون استكشاف فرص الحلول التفاوضية والسلمية ودون استنفاذ هذه الفرص اي ان الحرب كانت القرار الاول والأخير ولم توضع على الطاولة اي بدائل اخرى وهذا ما يعيدنا الى سوريا٠
السؤال الأساس يتعلق بإيران والميليشيات التابعة لها٠كيف دخلت الحرب في سوريا والاهم هل عملت على استكشاف فرص الحلول السلمية وهل استنفذت هذه الفرص ام انها استعملت الحرب والابادة كإحتمال وحيد؟ لا يبدو ان ايران والميليشيات التابعة لها قد درست احتمال التفاوض مع المعارضة السورية فهي لم تستقبل اي معارض منذ اليوم الاول وحزب الله بالذات رفض استقبال اي معارض والاستماع لوجهة نظره او وجهة نظر اي من أطراف المعارضة واختلق كل انواع الاكاذيب لتبرير اللجوء الى الحرب المذهبية تماماً كما لجأ بوش وبلير الى الاكاذيب حول أسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب٠
العار لحق ببوش وبلير والاثنان يتعرضان للتهم والملاحقات من محكمة الرأي العام قبل لجان التحقيق والقضاء ولكن السؤال هنا اذا كانت الديموقراطية في بريطانيا او الولايات المتحدة تسمح او تتطلب انشاء لجان تحقيق لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين فماذا نفعل نحن بالذين لحق بهم العار السوري عار المجازر والابادة والتهجير والحرب المذهبية التي تفتت المنطقة؟
هل يجرؤ رئيس مجلس النواب او اي نائب على طلب لجنة تحقيق نيابية او قضائية في قرار دخول ميليشيات من لبنان الى الحرب في سوريا والنتائج الوخيمة على لبنان واهله بفعل هذا القرار؟ هل يجرؤ المجتمع المدني على طلب لجنة تحقيق دولية في هذه القرارات التي اوصلت لبنان الى الانهيار ونقلت الحرب المذهبية الى داخله؟
ايران أيضاً دخلت الحرب وصرفت من أموال الشعب الإيراني حوالي خمسة وثلاثين مليار دولار لدعم نظام الاسد وصرفت اكثر من خمسة عشر مليار دولار على الميليشيات اللبنانية والعراقية والافغانية والباكستانية التي تقاتل تحت راية الولي الفقيه في سوريا علماً ان الشعب الإيراني يعيش على خط الفقر وفي اقتصاد مشلول وبحاجة ماسة الى اي مبلغ لدعم احتياجاته٠هل يجرؤ اي طرف في ايران على طلب لجنة تحقيق في قرار ونتائج الحرب وفي هدر هذه المبالغ الفلكية؟ هل يجرؤ مجلس الخبراء على المسائلة والمحاسبة؟
الديمقراطية تحاسب والعار يلحق المسؤولين وليس الشعب، اما نحن فنعيش في أنظمة تسلطية اجرامية تستعمل الحروب والميليشيات كوسيلة لاستمرارها ولنهب وهدرا أموال الشعب وموارده٠العار يلحق بالمسؤولين وبالشعب الساكت عن الحق٠
(*) نائب سابق
عن الفايسبوك