
Jun 14, 2013
نصح إدوارد هيرش في توجيهاته عن كيفية قراءة قصيدة ما، بما يلي:’تقتضي الممارسة الشعرية الحقيقة عقلاً مستأنساً مرهفاً ومتنوراً على ناجع جداً يكون قادراً على تشكيل كلمات، عبر سلسلة مما هو أكثر من مصادفات، وتوليفها في وحدة حية،’ لكن كيف بالضبط ينمي الفرد منا مثل تلك ‘ الممارسة الشعرية الحقيقة’؟.
في مقالة معنون ببساطة طريقة واعدة ”موجودة في الأنطولوجيا المنشورة عام 1985 ‘كيف نستعمل قوة الكلمة المطبوعة’ (المكتبة العامة) ـ وهو نفس منجم الذهب الذي أعطانا قواعد الكتابة الثمانية الخالدة لكيرث فانيجوت وطرق بيل كروسبي الثلاثة المختبرة للقراءة بشكل اسرع ـ يقترح الشاعروالروائي جيمس ديكي، الفائز بالجائزة الوطنية للكتاب عن مجموعته الشعرية ‘ اختيار راقص القبقاب ‘، بعض النصائح غير المتقادمة والمعبر عنها بسهولةٍ ودقةٍ أخاذتين.
ينطلق ديكي من البداية:
ماهو الشعر؟ ولماذا استمرَّ في الوجود كل هذا الوقت الطويل؟ عندما تحسُّ به حقيقة ً، يحدث جزءُ جديدٌ منك، أو يتجدَّدُ جزءٌ قديمٌ ، باندهاش ومتعة كبيرة تجاة أن تكون أنتَ ذاتكَ ما يكوِّنُ ذلك.
ويكتب ديكي مستكشفاً الرابط بينك وبين الخيالات الأخرى، والخصلة الصوفية للإبداع:
‘ أول ما يجب علينا أن نفهمه عن الشعر هو أنه يأتي إليك من خارج ذاتك، في الكتب أو في المجلات، لكنه ولكي يحيا يجب على شيء ما من داخلك أن يذهب إليه، ويلاقيَهُ وأنْ يتمَّهُ،فاستجابتك بعقلك الخاص وجسدك وذاكرتك تعطي القصيدة قدرتها على أداء سحرها، فإن أعطيتها أعطتْكَ، وستعطيك الكثير ‘
يعكس ديكي العبارة الشهيرة للكاتب الأمريكي إ. ب. ايت عن أنه يجب على الكاتب أن يسعى إلى رفع القارئ إليه، واضعاً مسئولية مماثلة على عاتق القاريء بدوره.
‘عندما تقرأ، لا تدع الشاعر ينزل إليك في كتابته، ارتق إليه أنت في قراءتك. مُدَّ ذراعيك لملامسته من أحشائك إلى الخارج، وسيدخل القلب والعضلات في ذلك أيضاً ‘
لقد لاحظت فيرجينيا وولف ملاحظة جديرة بالذكْر في تأملها الذي يتأبَّى على التقادم عن كيفية قراءة الكتب، أنَّ’ الشاعر هو دائما مُعاصِرُ لنا ‘، ويذكرنا ديكي بصفة الشعر المتمثلة في الخلود والتجديد الذاتي الأبدي عبر استعارة تكشف لنا جوهر ما يجعل الشعر في آن احد شخصياً بشكل عميق جداَ، وقادراَ على الربط بين البشر بلا حدود.
‘ الشمس جديدة كلَّ يوم، عبارة قالها الفيلسوف القديم هيراقليطس. وشمس الشعر جديدة كلَّ يوم أيضاَ، لأنها تُرى بطرق مختلفة عن حياتك، من طرف اشخاص مختلفين عاشوا تحتها، وعاشوا معها، ويستجيبون لها، حياتهم مختلفة عن حياتك، لكن عبر السحر الخاص الذي يضفيه الشعر على حقيقة الشمس ـ شمس الجميع، شمسك أنت أيضاً ـ يمكن أن تُدخِل في ملكيتك شموساً كثيرة : بقدر عدد الرجال والنساء الذين تمكنوا في وقت ما من تخيلها إلى الآن. فالشعر يجعل أعمق نوع من امتلاك العالم ممكناً. ‘
وفي مايخص نقطة الابتداء ، ينصح ديكي:’ ينبغي أن تكون بداية لقائك الحقيقي بالشعر بسيطة. ينبغي أن تتجاهل قوانين كل أقسام الدرس، كل كتب المقرر، والبرامج الدراسية والامتحانات والمكتبات، وأن تذهب مباشرة إلى الأشياء التي تجعل وجودك الخاص قائماً: إلى جسدك وأعصابك ودمك وعضلاتك، أعثُـرْ على طريقك الخاص ـ طريقا سرية ً أنت وحدك ربما الذي ما زال لم يكتشفها بعد ـ لتفتح نفسك بأعرض ما تستطيع، وأعمق ما يمكنك للحظةٍ، لراهن وجودك الخاص لغزه اللامنتهي أبداً، ربما في نفس الوقت لشيء آخر ليس أنت، لكنه هناك في الخارج: قبضة يَدٍ من الحصى،منطلقٌ جيِّدٌ للبدء منه. وكذلك هو الشأنُ مع مكعب ثلج …فهل كان هناك في أي وقت داخلُ شيء أكثر لغزاً وجمالاً منه؟
ويقدم ديكي نقطة بداية من شِقَّين متساويين عملي وشعري:
‘ أما فيما يخصني، فأنا أحب الشمس، مصدرَ كل الموجودات الحية، والتي تمنحني في بعض الأيام إحساساً جيِّداً جداً أيضاً. قال د. هـ . لورانس: ‘ إبدا مع الشمس، وكل شيء سيحدثُ رُويْداَ رُويْداً ‘ إنها نصيحة جيِّدةٌ . فالكثيرُ سيحدثُ.
ما الذي هو أكثرُ سحراً من صخرةٍ، إذا لمستَها كثيراً ونظرتَ إليها؟ أو أكثر إثارة ً للاهتمام من ورقة شجرةٍ؟
أحصنة ً أعني، فراشاتٍ، حيتاناً،
أشنة ً، وأنجماً، وحصى،
أنهاراً وفاكهة ً.
محيطاتٍ، أعني: أودية سوداً؛ ذُرة ؛
ثمار عليق، وأجلاافاً، حجارة ً ، قذارة ً، غباراً، جليداً….
عُدْ واقرأ هذه اللائحة ـ هي لا ئحة لا بأس بها، وهي لمارك فان دورن! ـ واقفاً عند كل عنصر . بتروّ .
ودَعْ كل واحد من هذه الأشياء يستدعي صورة من قلب حياتك الخاصة.
فكِّرْ واشعُرْ, أيُّ أشنة ترى ؟ وأي حصان؟ وأي حقل ذُرَةٍ؟ أي ثمار عليق هي ثمار عليقك؟ وأي نهر هو نهرُكَ أنت بصفةٍ خاصةٍ؟
ترجمتها عن الإنجليزية: بيسان بن ميمون
عن الموقع الأمريكي (www.brainpickings.org)
‘الشعر يجعل أعمق نوع من امتلاك العالم ممكناً