رلى معوّض
11 حزيران 2016
في عرسال نول يحيك قصص سيدات يرغبن في العيش بسلام. حملن خيطان الحرير والصوف، وبدأن الحياكة بطريقة عصرية، بإشراف نيفين مكتبي التي أرادت تحقيق "امنية" من امنياتها الكثيرة، واعادة حرفة جميلة الى الواجهة.
عندما توفي والدها كانت نيفين مكتبي كبيرة العائلة، فأرادت ان تكمل التحدي في عالم الرجال، سافرت الى لندن للدراسة وتخصصت في العلوم الادارية والشؤون الاجتماعية وتمكين المرأة، ما فتح امامها أبواب العمل مع مؤسسات محلية ودولية في لبنان تعنى بتمكين المرأة. وهي لم تترك عملها بتجارة السجاد مع العائلة، لا بل طورت هذه الناحية من خلال دراسة تاريخ السجاد والقماش في ساوثبيز (الدار العالمي للمزادات العلنية) لمدة عام. "لاحظت ان الشباب، خصوصاً الذين يؤسسون لبيوت جديدة، لا يرغبون بالسجاد التقليدي الكبير، فذوقهم تغير، ولم تعد الموضة للثياب فقط، بل للديكور والاكسسوارات وغيرها" كما اوضحت لـ "النهار"، "من هنا كانت "أمنيتي" الاولى ان افتح خطاً خاصاً بي وهوية لعملي كي لا يدمج بما تقوم به العائلة، وأردت ان يفرح والدي ان احد أولاده تابع من بعده".
مشروع "أمنية" من نيفين مكتبي تركته مفاجأة للجميع، ودمجت فيه كل ما تعلمته: مشغل للسجاد الجميل، تديره حالياً سيدات من عرسال، فتحيك شالات صممت رسومها المليئة بالعبر والرسائل، وتسلط من خلاله الضوء على جمال لبنان والشرق، يتضمن اسفارها حول العالم، لناحية الأفكار والقماش والتصاميم. وفي كل مرة تعود من بلد، توثق زيارتها بالصور والنصوص التي تروي اجمل ما شاهدته. "اردت صناعة سجاد بسعر مقبول ونوعية جيدة، فاخترت الألوان النباتية لإنجاز عمل عصري حديث بشغل حرفي، وأمنيتي كانت العمل مع سيدات من بلدتي "فاكهة" و"عرسال" حيث ما زلن يحكن السجاد اليدوي على النول، وكان من الصعب ان اتوجه الى هناك بسبب الاوضاع. أردت التعاون معهن كما افعل مع عاملين في ايران والهند وتركيا وباكستان، حيث كنت أصمم السجادة وأتابع تنفيذها بالصوف والحرير. وبسبب برنامج المساعدات التابع للأمم المتحدة تمكنت من زيارة عرسال منذ نحو شهرين، ورأيت العمل عن قرب وتابعته مع ١١ سيدة تراوح أعمارهن بين الـ ٢٠ و ٥٠ سنة لتنفيذ اي رسم او تصميم، ولكن همهن امكان تأمين الصوف الطبيعي، فحصلنا على نحو ٣٤ كيلو وساعدنا الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز دور المرأة وتمكينها ولتعزيز الصناعة في لبنان أيضاً. وبفضل هذا الدعم تأمنت الطلبية الاولى بدعم زبائن رغبوا في التعاون لأن السجاد المصنوع في لبنان على أيدي سيدات وربات منازل يحتاج الى القليل من دعمنا".
في محلها في "الصيفي فيلدج" وفي ذكرى عشر سنوات لافتتاح المحل، "أمنية ثانية" تحققت وهي تنفيذ تصاميم السجاد في لبنان ومع سيدات من عرسال. كل سجادة موقعة "عرسال" وكذلك تاريخ الصنع. وفي المناسبة اطلقت مجموعة من الشالات عليها صور العملة اللبنانية "عشر ليرات" وعليها صخرة الروشة و"الخمسين ليرة مع معبد باخوس" و"المئة ليرة مع أرزة لبنان"، الى تصاميم لبنانية وشرقية اخرى. كما عرضت بعض السجاد الذي أنجز في عرسال والذي يستغرق العمل به نحو شهر على سجادة مترين مثلاً. وحضرت سيدة من البلدة مسؤولة عن تدريب السيدات، قدمت عرضا حيّا بالحياكة اليدوية، ووزعت علامة لتعليم الصفحات اثناء القراءة تم نسجها يدوياً".
"ما يحدد سعر السجاد هو نوعية الصوف وكثافة القطب. السجاد الذي أصممه ليس كلاسيكياً، هو تراثي أكثر برسومه المنمنمة، والسجاد الذي نصنعه في عرسال يتميز بالرسوم الكبيرة والبارزة وله هوية خاصة، وفي كل قطعة رسالة وموضوع. وهناك١٠ سجادات من كل تصميم من الكشمير والقطن والحرير على قماش مستورد من الهند، وهي موجودة في معظم متاحف لبنان".
وعن امنيتها المقبلة تقول: "المشروع المقبل هو ورش عمل لسيدات وتدريبهن للعمل على النول، لتعزيز هذه الحرفة الجميلة".