حسن رابح ابن فلسطين السورية الذبيحة، الفنان اليافع الخارج من محرقة آل الاسد، والمذبحة الأممية في سوريا، حسن الروح الشامية الفاتنة، لم يكلف أحدا شيئاُ بينما هو يخطو نحو نهايته التي قررها، ورأى فيها حريته القصوى. أما وقد أدرك أن كل ما يملكه هو براعة جسده الراقص، جسده الذي لايريده أحد، فلم يبق لديه في بيروت ما يمكن أن يفعله بعدما أقفلت في وجهه جميع الابواب، ما بقي هو أن يحلّق بهذا الجسد ويكون إيكاروس. ها هي السماء تناديه من النافذة وتغريه بالطيران، ما بقي إذن، لحسن في بيروت المحتلة من بعد دمشق المحلتة من بعد فلسطين المحتلة هو تحرير الجسد من أسلاك الطغيان. وهكذا أطلق حسن في ذلك النهار البيروتي الغريب حرية الحركة لجسده الاسير في المدينة الاسيرة. موقعاً ببراعة الجسد الحركة الأخيرة في رقصته؛ القفزة القصوى، لابد رآها مرحة، قفزة إلى ما وراء المجهول الذي كان فيه، وصولا إلى الحرية الأشد غموضا، الموت.
حسن، أيها الفتى الشامي العائد إلى فلسطين في السطر الأخير من وصيتك، روحك لجميلة المعذبة التي حررتها من أسر الطغيان وألم المذلة، ستظل تطوف باللعنة على كل من سميتهم وادنتهم في وصيتك وكل من حملك على هذا المصير المؤلم.