
وبعد ان قدم الرفيق فاروق مداخلته وتكلم عن وجهات نظر الاطراف المتحاورين، فسح المجال امام الحضور للمداخلات والاسئلة، وقد لفت انتباهي أغلب المداخلات، كانت تبدأ وتنتهي بـ" يا رفيق انت بتعرفنا نحن في البقاع - اوادم - ومع القيادة الشرعية للحزب".
تخيلت نفسي في ذلك اللقاء، وكأني في لقاء لحزب شمولي وفي السلطة وبحضور القائد المفدى والملهم، ولم افهم معنى كلمة "اوادم" مقابل "رذالة "من لديه رأي مختلف..
وعندما انتهى اللقاء، وخرجنا قلت لبعض الكوادر من عرسال لحظة صعودنا السيارة لنعود على اعقابنا وبلدتنا: "قراري صريح وواضح منذ هذه اللحظة، لن ابقى "ادمياً" سأخرق هذا الاجماع البقاعي العظيم.
فرد علي الكادر العظيم عبد العزيز وقال: "ادمي" او "رذيل" غير مهم، المهم القناعات.
فقلت: حتى القناعات اصبحت مهزوزة!

وسكتنا جميعا، وانطلقت السيارة على وقع تعليق عابر من هنا ونكتة من هناك، اما حضرتي فقد التزمت الصمت التام لكن افكاري تجوب الافق، تفتش عن ثغرة اسجل فيها "رذالتي" على انقاض "ادميتي"، وقبل ان نصل الى المكان الذي سنتناول فيه طعام الغداء، اخترق شرودي وصمتي احدهم وقال: ليست من عاداتك الصمت "بشو شارد وشاغل تفكيرك"؟
أجبته: انا معكم ومستمع لحديثكم... لكني وجدتها!
ضحك وقال: اف وشو هي لوجدتها؟
فقلت: لم يأت وقت الاعلان بعد، اخبركم بما وجدت لاحقا.
ودخلنا الى مطعم اكلنا ما تيسر واكملنا الى بلدتنا، وعندما الوصول افترقنا. وفي المساء زرت بكر وهو من المعجبين بالرفيق جورج حاوي، وطلبت منه رقم تلفون الرفيق ابو انيس.
فرد بدهشة: لماذا رقم ابو انيس؟ وماذا يوجد بينكما؟
فأجبت: بما اني قررت ان اكون "رذيلت" سأدعوه الى زيارة عرسال واجراء لقاء سياسي مع الشيوعيين.

اما انا فقد تخطيت الاصول والاطر التنظيمية وخرقت الدستور وارتكبت المعصية ان لم نقل الخيانة، وللعلم فقط العديد من الانشطة واللقاءات خلال المرحلة التي سبقت هذا الخرق كانت تتم بمبادرة شخصية مني وبذات الطريقة والأسلوب وبمباركة وتشجيع من هم حريصون على التنظيم... وللتاريخ ايضا كانت هذه الخيانة التي افشلوها "الاوادم " اخر محاولة نشاط في عرسال منذ 12 سنة فقط. وفي اليوم الثالث زارتني قيادة المنطقية واظهرت كل "ادميتها" وديمقراطيتها وهي: النقد الذاتي والاعتذار - التعهد خطيا بعدم تكرار ما حدث _ او الطرد النهائي من الحزب.
لم اجاوب وتركت لنفسي وقتا للتفكير، واتى الحل عن طريق الرفيق فاروق دحروج عندما اضطر للذهاب الى الرفيق جورج حاوي في منزله وتمنى عليه بعدم الذهاب الى عرسال خوفا من تفاقم الأمور...
واليوم يأتيك نفر من بقايا "الأوادم"، ليكرر عبارة "المجد والخلود"...