
Mahmoud Zibawi .
منذ العصر العباسي وصولا إلى الأزمنة الحديثة، سعى عدد من العلماء المسلمين إلى التعريف بالمسيحية وبعقائدها وفرقها تعريفا موضوعيا "مجرّداً".
في العصر العباسي الذهبي، حاول أبو الحسن المسعودي التعرّف على العقيدة المسيحية من "الداخل"، وكتب في "التنبيه والإشراف" رواية مختزلة لسيرة "إيشوع الناصري" عرضها في باب "ذكر الطبقة الأولى من ملوك الروم".
يبدأ المؤلف بتحديد زمن الميلاد: "كان مولد المسيح عليه السلام ببيت لحم من بلاد فلسطين، وكانت مريم يوم ولدته بنت ثلاث عشرة سنة عند النصارى، وكان جميع عمرها إحدى وخمسين سنة منها بعد رفع المسيح ست سنين، فكان من آدم إلى مولده عندهم خمسة آلاف سنة وخمسمائة سنة وست سنين".
من الميلاد، ينتقل المسعودي إلى ذكر معمودية المسيح في نهر الأردن: "عُمَّد إيشوع الناصري عند النصارى في نهر الأردن، وكان المعمّد له ابن خالته يحيى بن زكريا، ولذلك سُمِّي يحيى المعمداني، واسم أمه صابات، وكان أكبر من إيشوع بستة أشهر".
بعد ذكر المعمودية، يتحدّث أبو الحسن عن صلب المسيح "عند النصارى"، وهو عندهم "مثل اليوم الذي أهبط فيه آدم من الجنة، ومات عندهم ودُفن وقام وانبعث من بين الموتى حيا، وصعد إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، ولا يصعد عندهم إلى السماء إلا من نزل منها"،
والقول الأخير مستعار من إنجيل يوحنا (3، 13): "فما من أحد يصعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء وهو ابن الإنسان".
الصورة: الإنزال عن الصليب، قطعة خزفية من القرن الثالث عشر، من محفوظات المتحف الإسلامي في القاهرة.