أحمد بيضون عن "مذهب أوباما"

alrumi.com
By -
0

أبرز العناصر في ما سمّاه جيفري غولدبرغ "مذهب أوباما" وعرضه في مقالة طويلة جدّاً نشرتها "ذي أتلانتك" (وتناولها جهاد الزين في مقالةٍ له) واستوحت أحاديث كثيرة أجراها هذا الصحافي مع الرئيس الأميركي أن الولايات المتّحدة لا تملك القدرة على تقويم ما تراه عِوَجاً في كلّ مكانٍ يظهر فيه العِوَج في طول العالم وعرضه ... لذا كان عليها أن تقصر تدخّلها (وخصوصاً ما كان منه عسكريّاً) على الحالات التي تمسّ مصالحها القومية وأمنها، بالدرجة الأولى، ولا تدخلها في مسالك مسدودة أو مواجهاتٍ خاسرةٍ أيضاً...

يتبع هذا، في نظر أوباما، أن على دولٍ غير أميركا هي الدول ذات المصلحة، في كلّ حالة، أن تنهض بنصيبها من العبء لا أن تعوّل، حصراً، على استعداد أميركا للقيام بما يلزم.
هذا كلامٌ مهمّ لأكثر من سببٍ واحد. وأهمّ ما فيه - إن صحّ تقديري - أنه يؤسّس لقراءة للسياسة الدولية، في أيّامنا هذه، لا يكون دليلها الأوّل ما قد تفعله الدولة العظمى (وهذا لا يصحّ إهماله طبعاً) بل ما لن ترغب هذه الدولة في فعله أو ما ستعجز عن فعله.
تلك قراءةٌ مفيدةٌ علاجيّاً، فضلاً عن فائدتها السياسية، لمن يريحهم أن يعتبروا الدولة العظمى كلّية القدرة فيلقون على عاتقها مصائبهم كلّها. وهي مفيدةٌ أيضاً، على الضفّة الأخرى، لمن ينامون على رجاء النجدة الأميركية موقنين بسرعة حصولها إذا نزلت بهم نازلة...
هي مفيدةٌ لهؤلاء ولأولئك، إذا اعتمدوها، ولكنّها محرجةٌ للغاية لهم جميعاً. فهي قراءةٌ تبني على المحدودية والعجز الأميركيين وعلى منطق المصلحة الأميركية أيضاً، بل أوّلاً، وهذه مصلحة يرى الرئيس الأميركيّ بين مقتضياتها ادّخار القوّة والمفاضلة الحذرة بين المواضع المُحتملة لاستعمالها.
أزعم إذن أن هذه القراءة مخالفةٌ جدّاً للمعتاد عندنا من أساليب في مقاربة السياسة الأميركية، سواءٌ أكانت المقاربة ممالئةً لهذه السياسة أم معادية.
هذه المخالفة للعادة ستجعل الإفادة من عرض أوباما ل"مذهبه" أمراً مستبعداً في ديارنا.
البقاء على "نظرية المؤامرة" وعلى الإيمان بالإله الأميركي الكُلِّي القدرة (راعي المُثُل في الصداقة والشيطان الأكبر في العداوة) أسهلُ بكثيرٍ عندناعلى أهل النظر وأهل العمل سواءً بسواء.


باحث لبناني
والتعليق عن الفايسبوك
Tags:

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)