Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

جورج طرابيشي... الالم السوري الذي يشل عن الكتابة

جورج طرابيشي(*) «حالي كحال بلدي: في أسوأ حال. وأنا مشلول تماما عن الكتابة. ومنذ اربع سنوات لم اكتب شيئا سوى المقالين الذين كنت نشرتهما ف...


جورج طرابيشي(*)
«حالي كحال بلدي: في أسوأ حال. وأنا مشلول تماما عن الكتابة. ومنذ اربع سنوات لم اكتب شيئا سوى المقالين الذين كنت نشرتهما في الحياة بعنوان: تاريخ صغير على هامش التاريخ الكبيرفي آذار ٢٠١١، والثاني بعنوان سورية: النظام من الاصلاح الى الإلغاء في ٢٠١١ . وكل ما توقعته في هذين المقالين قد حدث. وباستثناء هذين المقالين كتبت مضطرا مقالين آخرين في الرد على العفيف الأخضر وعلى رضوان السيد. ومؤخرا وجدتني مكرهاً على تبرير صمتي، فتكلمت في لقاء بالسكايب مع الجالية السورية في الكيبك عن محطات خمس اساسية في حياتي وختمتها بمحطة سادسة واخيرة -وقد تكون نهائية- هي التالية: المحطة السادسة. إن المحطات الخمس التي تقدّم بي الكلام عنها كانت كلها بمثابة محطات انطلاق، وبدءاً منها كتبت كل ما كتبته على امتداد حياتي من أبحاث ومقالات قاربت في عددها الخمسمائة، ومؤلفات نافت على الثلاثين، وترجمات زادت على المئة. لكن المحطة السادسة كانت بالمقابل هي محطة التوقف والصمت والشلل التام عن الكتابة: محطة الألم السوري المتواصل منذ نحو أربع سنوات بدون أن يلوح في الأفق أي بشير بنهاية له.


على امتداد تلك السنوات الأربع ما أسعفني القلم إلا في كتابة مقالين اثنين فقط: أولهما في ٢١/٣/٢٠١١ بالتواقت مع البدايات الأولى لثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، وثانيهما في ٢٨/٥/٢٠١١ مع انخراط سورية بدورها في معمعة ذلك الربيع.


المقال الأول حمل هذا العنوان: تاريخ صغير على هامش التاريخ الكبير. وقد قصدت بالتاريخ الكبير ثورات الربيع العربي التي بدت في حينه وكأنها تُدخِل العالم العربي في عصر الثورات التاريخية الكبرى كمثل تلك التي شهدتها فرنسا عام ١٧٨٩ أو أوروبا الغربية عام ١٨٤٨ أو دول المعسكر المسمى بالاشتراكي في أواخر القرن العشرين. أما التاريخ الصغير فقد قصدت به تاريخي الشخصي المرتبط بخيبة أمل كبرى. فأنا، كما وصفت نفسي في خاتمة ذلك المقال الأول عن ثورات الربيع العربي، ابن الخيبة بالثورة الإيرانية الآفلة أكثر مني ابن الأمل بثورات الربيع العربي الشارقة التي قلت في نهاية المقال إنني إذا كنت أتمنى من شيء فهو أن يكون توجسي في غير محله، وأن يكون مآل هذه الثورات العربية غير مآل الثورة الإيرانية التي صادرتها القوى الناشطة تحت لواء الإيديولوجيا الدينية، وأن تكون فرحتي بذلك الربيع هي الرفيق الدائم لما تبقى لي من العمر.


ولكن، وكما أثبت التطور اللاحق للأحداث، فإن ما قام البرهان على أنه كان في محله هو توجسي بالذات: فالربيع العربي لم يفتح من أبواب أخرى غير أبواب الجحيم والردّة إلى ما قبل الحداثة المأمولة والغرق من جديد في مستنقع القرون الوسطى الصليبية/الهلالية".


كتب فواز طرابلسي على صفحته الفايسبوكية:
فاتحته(أي طرابيشي) في أيار ٢٠١٥ لاجراء مقابلة لمجلة «بدايات» عن تطوره الفكري والوضع في سورية. ردّ معتذراً عن عدم الكتابة وأرسل لي رسالة كان قد بعثها لصديق مشترك يشرح فيها ما اسماه «المأزق الشالّ الذي انا فيه بحكم المأساة التي يشهدها بلدي». أنشر نص الرسالة اعلاه.
إختار إبن حلب المنكوبة والمقاومة التزام الصمت. وغادر بصمت. والصمت هو احتجاجه المدوّي على المأساة التي يعيشها شعبه وبلده.
لشريكة حياته الكاتبة هنرييت عبودي وعائلته مشاركتي في الالم لفقد هذه الموهبة المتألقة والانسان الكبير.
 

ليست هناك تعليقات