..
كنا اقتربنا من المسرح الوطني (شوشو) في ساحة البرج، أنا وابن عمي علي عبدالله خطيب أختي الكبيرة نازك (اصبحا يعرفان بعد أن تزوجا وخلفا بأبو عامر وأم عامر).
وعلي كان صديقي الدائم في المشاوير وهو كريم كرما حاتميا كما قال أحد الشعراء يوما برجل كريم أنه إن لم يكن لديه مال لجاد بنفسه دون أن يرد السائل "فليتق الله سائله".
كنت أذهب بمعيته الى السينما وهو كان أقصى الحلم في تلك الأيام ونقصد مطاعم السندويشات اللذيذة التي لا يمكن تشبيهها بسندويشان اليوم. ونشرب العصير أيضا والكازوز.
أمام المسرح صدف أن وجد ابن عمي بائع يانصيب واقفا هناك فقال لي أريد أن أرى ورقتي اذا كانت رابحة. تطلع ابن عمي الى القائمة بسرعة ثم صرخ.. الله أكبر .. لقد ربحنا ألف ليرة ..
والألف ليرة في ذلك الحين كانت تساوي راتب شهر لخمسة موظفين حكوميين متوسطي الحال. قفز قلبي من الفرح والنصر.. وبدأ علي يقول لي.. ألف ليرة يا زلمي وأنا ولد ولست زلمي ولا من يحزنون، فكنت أثني على كلامه باعتباره عنتر أو الزير سالم أو الأمير عبد القادر الجزائري على أقل تقدير.
توجهنا الى سناك قريب مواجه تقريبا لسوق أبو النصر وتغدينا كبة بالصينية مع شوربا عدس أصفر بشهية سببها صرفنا لكل الكالوري جراء صدمة الربح. قال لي علي تعال لنشتري ملابس وبلاها السينما اليوم. غدا نذهب.. اشترينا ملابس وأحذية جميلة ثم توجهنا الى سوق الفرنج لأن ابن عمي يريد أن يشتري فاكهة نادرة لبيت عمه الذين هم أهلي. حملنا ما استطعنا واستعنا بحمال واشترينا أيضا 2 كيلو مخلوطة قلوبات وعلبة كاتو كبيرة. ثم تاكسي وتوجهنا الى المنزل لعرض العضلات وزف الخبر السعيد. بالطبع خضع ابن عمي لمحاكمة من أمي عن التهور والبعزقة الخ.
أغمضت عيني بعد أن نلت من ابن عمي مكافأة 25 ليرة لأن وجهي وجه خير، ونمت تلك الليلة وأوراق اليانصيب تتطاير أمام عيني. وألف من هنا وعشرة من هناك. تصبح الحياة سعيدة مبهجة. ولا زالت الأفراح في دياركم عامرة.