Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

شوارعنا وشوارعهم

حسين الموزاني(عن الفايسبوك) بعدما وضعت الحرب الثانية العالمية أوزارها واعترف الألمان بهزيمتهم الع  سكرية والسيّاسية وتقسيم بلدهم إلى شطر شي...

حسين الموزاني(عن الفايسبوك)
بعدما وضعت الحرب الثانية العالمية أوزارها واعترف الألمان بهزيمتهم الع
 سكرية والسيّاسية وتقسيم بلدهم إلى شطر شيوعي وآخر رأسمالي واحتلال ألمانيا من قبل الجيش الأحمر السوفيتيّ وقوّات الحلفاء، استلهم الألمان، وخاصةً النساء منهم، هذا الدرس التاريخيّ القاسي. فأعادوا ما دمرّته الحرب خلال فترة قياسية، لكنّهم لم يتمكنوا بالطبع من إعادة القتلى إلى الحياة من جديد. وقد أسفرت هذه الحرب عن مصرع ستة ملايين ألمانيّ وخمسين مليون جنديّ ومدنيّ في جميع أنحاء العالم الأخرى.
فما الذي فعله الألمان المهزومون آنذاك؟
ما فعله الألمان آنذاك كان معجزةً في جميع المقاييس، فحولوا هزيمتهم الكبرى إلى "انتصار"، واستيقظت الروح الوطنية الحقيقية لديهم، فنبذوا الشعارات التي تدعو إلى الحرب وعبادة الشخصية والأفكار المتطرّفة وروح الانتقام. وكانت الحرب قد دمّرت مصانعهم ومدنهم وبينتهم التحتية، لكنّهم أعادوا بناء ذلك كلّه، اعتماداً على معرفتهم المسبقة. إذ أنّ الحرب لم تهدم فيهم ما هو مهّم وأساسي لإعادة بناء الدولة والمجتمع، ونعني بذلك العلم والمعرفة. فأصبحت ألمانيا من الدول الليبرالية والصناعية والاقتصادية الكبرى في العالم، بل تحوّلت إلى المحرّك الفعّال للقارة الأوروبيّة برمّتها. ونستطيع أن ندوّن كتاباً كاملاً عن
الإنجازات التي حققها الألمان في مرحلة ما بعد الحرب، وقد كتبنا عن ذلك كثيراً.
لكنّنا نودّ أن نشير إلى ما فعله العراقيون بعد الهزيمة العسكرية لنظام البعث وسقوط نظام صدّام واحتلال العراق؟
فبعدما رجعت إلى العراق من "المنفى" الذي لا يريد "مثقفو" البعث وصدّام، المهيمنون الآن على المؤسسات الثقافية والمالية والإرهابية معاً، اعتباره منفى، بل نزهةً سياحية، لأنّهم آثروا عليه سياط صدام وحروبه وحصاراته وجرائمه، نعم، بعدما رجعت رأيت هذه الرسوم واللافتات معلقةً في مدخل "سوق السراي" ببغداد، وهو الرئة الثقافية للعراق، فأدركت ومذ البداية بأنّ العراق دخل في نفق مظلم لن يخرج منها سلماً معافى أبد الدهر. وعرفت بأنّ ساسة العراق الجديد ورجال دينه قد اتفقوا على تمزيق العراق وسرقة ثرواته وسوق مواطنيه إلى المجازر الطائفية دون أدنى رادع. وكان الحقد هو المحرّك الرئيسي لغرائزهم الانتقامية. فتوحدت قلوبهم السوداء الخالية من الرحمة على الشرّ وتدمير ما بقي من هذا البلد الذي لم ير خيراً منذ سقوط بغداد على يد المغول إلى يومنا هذا، وربّما قبل ذلك بكثير. وإذا ما اعتقدنا جزافاً بأنّ العراق لم ير حاكماً نزيهاً وعادلاً في تاريخيه الإسلامي الذي يعود إلى ألف وأربعمائة عام باستثناء علي بن أبي طالب وعبد الكريم قاسم، فإنّنا نرى حتّى علي ابن أبي طالب وعبد الكريم قاسم وقد
استهلا حكمهما بمجزرة أو مجازر دمويّة، لا تزال تداعياتها قائمةً ولا نزال ندفع ثمنها غالياً إلى يومنا هذا. وما نقوله عن العراق ينطبق بلا شكّ على دول العالم العربي الأخرى، عملاً بالمثل القائل: إيّاك أعني واسمعي يا جاره!



ليست هناك تعليقات