شفيقة القبطية وبهية المحلاوية وزب عم عبده

alrumi.com
By -
0
 


أسطوانات أوديون رقم 45033 (وجه واحد)

حوالي 1912
 
يبدأ التسجيل بالصوت المميز لأسطوانات أوديون في ذلك الوقت (ما قبل 1919) المنطوق بلكنة فرنسية، ثم صوت سي عبده وهو القادم بعد لفه على كل المقاهي لمجالسة راقصة شهيرة هي شفيقة القبطية (المولودة 1851- المتوفية 1926) التي تطلب منه سيجارة حشيش ثم شمبانيا فيطلب لها زجاجة بيرة، ثم تطلب من سي توفيق بدء العزف.

يبدأ العزف بدولاب من العزف الآلي (الدولاب هو مقطوعة قصيرة يستهل بيها التخت العزف وتدل على المقام المستخدم) اشتهر باسم رقص شفيقة، لتبدأ الغناء العالمة المصاحبة للست شفيقة القبطية، وهي الست بهية المحلاوية التي، حسب منتديات السميعة على الإنترنت مثل سماعي وسمع الملوك، كانت أحد الأسطوات العوالم المغنيات اللائي صاحبن الغوازي والراقصات وعرفن طريق شركات الأسطوانات لكنهن في نفس الوقت حافظن على التقليد الشفاهي للغناء البلدي المؤدي من قبل عوالم المدينة.

تغني الست بهية المحلاوية أغنيتين شعبيتين إحداهما أشبه بالموال القصصي وهي "أول حكاية يا جمعية كانوا تلاتة أفندية” ثم تلحقها بأغنية أخرى أشهر وإيقاعها أسرع لكن بكلمات مختلفة عما نعرفها، وربما كانت الغنوة الشهيرة المعنية وهي “الله الله يا بدوي جاب اليُسرى” (اليُسرى كلمة محرفة عن الأسرى)هي مجرد وزن كلمات أو دولاب آخر شفاهي يتم تركيب الكلمات عليه مثلها مثل أغاني أخرى في وجه بحري وفي الصعيد، لكن الطريف إن الأسطى بهية تغنيها بكلمات مكشوفة أو بتعبير آخر خليعة مثل

“الله الله يا بدوي جاب اليُسرى

عم عبده زبه قده لو كان مده

فلق الشجرة

الله الله يا بدوي جاب اليُسرى

يكسف عرضك نتفوا خالتك

ما خالوش ولا شعرة“

في مثال لامتزاج الموروث الشعبي المقدس والمدنس معًا، فمن المعروف إن اللحن هو لتحية شيخ العرب أحد الأقطاب الأربعة في مصر وهو السيد أحمد البدوي، جالب الأسرى أو محررهن، لكن التقليد الشفاهي الشعبي احتفظ لنا بهذا التسجيل النادر الذي يتم فيه استخدام نفس الوزن المخصص للمديح للتعبير عن الخلاعة أو الانغماس في الحياة.

وتختتم الأسطوانة بضحكات إيروسية مرحة للست شفيقة القبطية وكلماتها التي ترددها طوال التسجيل وهي “ما أقدرش ما أقدرش” وتجعلنا نتخيل ما الذي لا تقدر عليه في ذاك الموقف.

التسجيل وثيقة نادرة على تاريخ مسكوت عنه ومهمش لصالح التأريخ الرسمي ونزعته الأخلاقية التطهرية المُهيمنة وأسطورتها الشهيرة عن الشعب المتدين بطبعه، كأن الأسطوانة هي تسريبات من زمن فات، فهي أشبه بمشهد تسجيلي منقول من مقاهي ومواخير حي وش البركة المجاور لحديقة الأزبكية، على الرغم من كونه مشهد ممثل بطريقة تشابه المسلسلات الإذاعية، ومسجل داخل ستديوهات شركة أوديون، التي كانت مُغرمة بالاحتفاظ بالتراث الشفاهي بشتى تنويعاته، فهي من سجلت لاحقًا لمشايخ ومنشدين مثل الشيخ علي محمود، لكنها هي كذلك التي سجلت موسيقا رقص راقصات مثل بديعة مصابني، والتي يمكن مقارنة موسيقا رقصها بموسيقا رقص شفيقة لندرك مدى القطع الحداثي الذي قامت به بديعة مصابني ومسرحها مع التراث البلدي السابق عليها، كذلك سجلت شركة أوديون طقاطيق بلدية لعوالم مثل الأختين عيشة ندا وآسية ندا وتسجيلات الأسطى بهية المحلاوية ومنها أسطوانة أخرى لزفة العروس بتفاصيل ليلة الدخلة وفض غشاء البكارة (سأتحدث عنها لاحقًا).
عن موقع طرب

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)