Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

محمد رشو... حوض سمك

اقتنيتُ حوض سمك مع انتقالي إلى بيتي الجديد في أبريل 2011 وكأي حوض سمك كان قاعه مفروشاً بالحصى والرمل الخشن وفُتات القواقع، وتتدلى فيه أعشاب...


اقتنيتُ حوض سمك مع انتقالي إلى بيتي الجديد في أبريل 2011 وكأي حوض سمك كان قاعه مفروشاً بالحصى والرمل الخشن وفُتات القواقع، وتتدلى فيه أعشاب بلاستيكية وفي الخلف مصباح نيون أزرق وموتورٌ للفلترة مع خراطيم على طرف، وكانت مجموعة الأسماك عشرة من النوع البلدي، الأصفر والأبيض والأسود، أقل وأكثر بواحد، مع زوجٍ من الآنجل وزوج أخر من الزبّال يلتصقُ عادة بين الفلتر وجدار الحوض.
ويحدثُ أحياناً أن كنتُ استيقظُ في الصباح لأجد أحدها طافياً فأخرجه بهدوء وأقذفه قبل أن يراه طفلاي من البلكونة لتلتهمه قطة من القطط الكثيرة في الأسفل.
ثم أخذت الكهرباء تنقطع، وأخذت الأسماك تطفو أكثر إذ تختنق حين لا يُضخ الأوكسجين كافياً، وكل أسبوع كنتُ أعوض بأسماك جديدة.
الأكثر رعباً كان النوع الأسود من البلدي ذا العيون الجاحظة إذ قبل أن يموت بيوم كانت تتضخم إحدى عيناها أو معاً وثم تنقلع، تخرج من محلها وأحياناً تظلّ موصلة إليه بخيط أبيض من المخاط أو من الجلد، لستُ أدري.
كان الأمر برمته باعثاً على العبث، تطفو الأسماك، تُرمى للقطط، تُستبدل بأخرى لا تلبث أن تطفو في يومٍ آخر.
أصبحت فتراتُ انقطاع الكهرباء تطول، وقبل أن أترك البيت بيوم وأخرج من حلب استيقظت ُلأجد جميعها ميتة عدا واحدة فقط، تتحرك وياللغرابة من أرقها، الآنجل، وكانت ذات لون برتقالي، كانت تتحرك ببطء لكنها ما تزال حية، نظرتُ تارةً إلى الممر، إلى الضوء الذي يدخلُ بشراسة، تارةً إلى فوارغ الرصاص على البلكونة، أدخلتُ يدي إلى الماء وأمسكتُ الآنجل وأخرجتها، أخذت ترتجفُ، ربما يدي أيضاً، ربما انتقل الرجفانُ من أحدهما للآخر، وربما كلاهما معاً، كنتُ ما أزال أفكّر حين تركتها تسقط على الرخام.
كنتُ ألبسُ شورتاً وأقف بساقين متباعدتين فيما الضوء يسقط بأكمله على البقعة البرتقالية بين قدمي.
كل ما تلا ذلك اليوم وحتى الآن كان سهلاً.
تكفلت القطط بالأمر أولاً ثم العقلُ البارد.

ليست هناك تعليقات